حكم الحجاب في الإسلام ومساواة الرجل بالمرأة

عبد القادر بن شيبة الحمد

إن المرأة دُرَّة يجب أن تصان؛ لأنها تحمل العِرض، وهو أمر مقدَّس عند المسلمين؛ إذ بصيانتها ترتفع منزلة الأسرة إلى أعلى الدرجات، وبابتذالها وتهتكها تنحط إلى أسفل الدركات.

  • التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة -

إن المرأة دُرَّة يجب أن تصان؛ لأنها تحمل العِرض، وهو أمر مقدَّس عند المسلمين؛ إذ بصيانتها ترتفع منزلة الأسرة إلى أعلى الدرجات، وبابتذالها وتهتكها تنحط إلى أسفل الدركات.

 

إننا - معشرَ المسلمين - نقدِّس العِرض أكثر مما نقدس النفس، ونتفانى في المحافظة عليه أكثر مما نتفانى في المحافظة على الحرية، ونقدم أموالنا وأنفسنا وبنينا فداءً سخيًّا إن شممنا مساسًا بالعرض، أو همسًا به من وراءَ وراءَ!

 

ولسنا مغالين في ذلك؛ فهذه شيمةُ من يؤمنون بالشرف ومن يتصفون بالإنسانية، وهو خُلق من ينتسبون للإسلام.

 

وقد جعل الإسلام المحافظة على العرض أمرًا واجبًا، وشيئًا محتومًا، وأن من قُتل دون عرضه فهو شهيد، ووسَم من يتهاون في عرضه بأنه ديُّوث، والجنة عليه حرام!

أصُونُ عِرضي بمالي لا أُدنِّسُـه   ***   لا باركَ اللهُ بعد العِرضِ في المالِ 

أحتالُ للمالِ إن أَوْدى فأكسِبَـه   ***   ولستُ للعِرض إن أَوْدى بمُحتالِ 

 

وقد أودع الله تعالى في المرأة سجايا يشتهيها الرجال، وهو أمر ضروري بين كل زوجين من المخلوقات، وهذا واضح المعالم بين كل أنثى وذكرها من سائر الحيوانات.

 

وصيانة هذه الدرة الغالية تكون بالتزامها حدود الحشمة، وإلزامها بالمحافظة على الكرامة، وحملها على ما يناسب الوقار، وعدم إبرازها محاسنها، وما يفتن به الرجال منها، فلا تتبرج تبرج الجاهلية، ولا تتزين لغير بعلٍ.

 

وقد حددت الشريعة الإسلامية معالم فتنتها، فأبانت ما يجب عليها أن تستره من جسدها، وما تبديه من زينتها.

♦♦♦♦♦

 

قال تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 59].

 

وفي التنزيل: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31].

 

وفي الذِّكر الحكيم: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور: 31].

 

فقد وضح بما لا يدع مجالًا للشك ولا ارتيابًا لمرتاب أنه يتحتم على كل امرأة بلغت المحيض أن تستر جميع جسمها، وكذلك يتحتم على الرجل والمرأة غضُّ البصر وحفظ الفَرْج، ولا بد أن تضرب المرأة بخمارها - طرحتها - على جيبها - الشق في الثوب فوق المنحر - ويجب عليها إذا خرجت إلى الطريق ألا تضرب برِجلَيْها ليُعلم ما تخفي من زينتها.

 

قال تبارك وتعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 30، 31].

 

فانظر - يرعاك الله - كيف أمر الله المؤمنات بما أمر به المؤمنين من غض البصر وحفظ الفَرْج، وزاد عليه نهي المؤمنات عن إبداء زينتهن للرجال إلا ما ظهر منها لضرورة التعامل والقيام بالأعمال المشروعة.

 

وغض البصر: خفضُه وعدم إرساله فيما تأمر به الشهوة؛ وذلك لأن إرسال النظر مبدأ كل فتنة:

كلُّ الحوادثِ مبداها مِن النَّظَرِ *** ومُعظَمُ النارِ مِن مُستصغَرِ الشَّرَرِ

 

وقد رُوي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يدخُلُ على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنَّث، فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، فدخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم يومًا وهو عند بعض نسائه وهو يصف امرأة يقول: إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمانٍ، فقال له صلى الله عليه وسلم: «لقد غلغلت إليها النظر يا عدوَّ الله، لا يدخل هذا عليكن»، فحجبوه! ونفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيداء، وأذن له أن يدخل المدينة كل جمعة يستطعم حتى لا يموت من الجوع.

 

وقد كان النساء في الجاهلية يسدلن خمرهن من ورائهن، ويوسعن جيوب ثيابهن؛ لينكشف ما في نحورهن وعلى صدورهن من العقود والقلائد، وإذا مشين يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من الخلاخيل افتخارًا بها وتشويقًا إليهن.

 

وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، ونهى أن يلبَس الرجلُ لبسة المرأة، وأن تلبس المرأةُ لبسة الرجل.

 

وقال عليه السلام:  «أيما امرأة خرجت ليرى ريحها، فرائحة الجنة حرامٌ عليها».

 

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (لما نزل قوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59]، خرجَتْ نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربانَ من الأكسية)، والجلباب هو الثوب الشامل المحيط بالجسد كالمُلاءة.

 

وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم صنفين من أهل النار، فقال: «صنفان من أهل النار لم أرَهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها».

 

وكان هذا من آيات النبوة وبراهين الرسالة، ولا ريب فهو الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

 

وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يختلي الرجل بأجنبية، وقد علم أنه ما اختلى رجلٌ بامرأة أجنبية إلا كان الشيطان ثالثهما.

 

ولذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة عن السفر وحدها من غير زوج أو ذي رحم محرم، ولو كان السفر للحج، فقال عليه السلام:  «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرَم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرَم»،وقال عليه السلام: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر فوق ثلاث إلا ومعها زوج أو ذو رحم محرم».

 

وقال رجل: يا رسول الله، إني اكتُتبت في غزوة كذا، وإن امرأتي خرجت حاجَّةً؟ فقال عليه السلام: «اذهب فاحجُجْ مع زوجتك».