قول : لا يضر مع الإيمان ذنب.
قد يتلبس الإنسان ببعض مقالات المرجئة، ويظن نفسه بريئا من الإرجاء لأنه لا يقول إن الإيمان لا يضر معه ذنب!
- التصنيفات: الملل والنحل والفرق والمذاهب -
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله :
قول : لا يضر مع الإيمان ذنب.
ينسب إلى بعض المرجئة قولهم: "لا يضر مع الإيمان ذنب"، لكن لا يعرف قائل معين يقول ذلك، ولعل هذا قول بعض الغلاة، ومقتضى هذا القول: أن تارك الصلاة والزكاة والصيام غير معرض للوعيد، وهذا خلاف الكتاب والسنة والإجماع، وهو كفر متضمن التكذيب بنصوص الوعيد.
وأما مرجئة الفقهاء-وهم المرجئة عند الإطلاق- فموافقون لأهل السنة في أن فاعل الكبيرة مستحق للذم والعقاب، وأنه تحت المشيئة.
خطورة القول: بأنه لا يضر مع الإيمان ذنب
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"وإن قالوا: إنه لا يضره ترك العمل فهذا كفر صريح؛ وبعض الناس يحكى هذا عنهم، وأنهم يقولون: إن الله فرض على العباد فرائض ولم يرد منهم أن يعملوها، ولا يضرهم تركها.
وهذا قد يكون قول الغالية الذين يقولون: لا يدخل النار من أهل التوحيد أحد؛ لكن ما علمت معينا أحكي عنه هذا القول، وإنما الناس يحكونه في الكتب ولا يُعيِّنون قائله.
وقد يكون قول من لا خلاق له؛ فإن كثيرا من الفساق والمنافقين يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب، أو مع التوحيد.
وبعض كلام الرادين على المرجئة: وصفهم بهذا" انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/ 181).
وقال رحمه الله:
" فالقائلون بأن الإيمان قول، من الفقهاء، كحماد بن أبى سليمان، وهو أول من قال ذلك، ومن اتبعه من أهل الكوفة وغيرهم؛ متفقون مع جميع علماء السنة على أن أصحاب الذنوب داخلون تحت الذم والوعيد، وإن قالوا إن إيمانهم كامل كإيمان جبريل.
فهم يقولون إن الإيمان بدون العمل المفروض، ومع فعل المحرمات، يكون صاحبه مستحقا للذم والعقاب، كما تقوله الجماعة. ويقولون أيضا: بأن من أهل الكبائر من يدخل النار، كما تقوله الجماعة.
والذين ينفون عن الفاسق اسم الإيمان من أهل السنة: متفقون على أنه لا يخلد في النار.
فليس بين فقهاء الملة نزاع في أصحاب الذنوب إذا كانوا مقرين باطنا وظاهرا بما جاء به الرسول وما تواتر عنه: أنهم من أهل الوعيد، وأنه يدخل النار منهم من أخبر الله ورسوله بدخوله إليها، ولا يخلد منهم فيها أحد، ولا يكونون مرتدين مباحي الدماء" انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/ 297).
واعلم أن شيوع القول بأن المرجئة هم الذين يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب -كما في بعض الكتب- أدى إلى مفسدة ظاهرة، وهي أنه قد يتلبس الإنسان ببعض مقالات المرجئة، ويظن نفسه بريئا من الإرجاء لأنه لا يقول إن الإيمان لا يضر معه ذنب!
ومن مقالات المرجئة: أن الإيمان هو التصديق فقط، أو التصديق مع قول اللسان، ونفي الزيادة والنقصان، ونفي الاستثناء في الإيمان، وحصر الكفر في الجحود والتكذيب، ونفي التلازم بين الظاهر والباطن، والقول ببقاء الإيمان الصحيح مع عدم أعمال الجوارح.
والله أعلم.
المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب