رد افتراءات اللئام حول تعدد زوجات النبي عليه الصلاة والسلام

فإن أعداء الإسلام يحاولون التشكيك في الدين وإثارة الشبهات حوله، من خلال الطعن في شخص الرسول ﷺ ولذلك تراهم مثلاً يدندنون كثيرًا حول تعدُّد زوجات النبي ﷺ زاعمين أن ذلك يتنافى مع مقام النبوَّة، ومع مقرَّرات الشرع الإسلامي التي سمحت للرجل بالجمع بين أربع زوجات فقط كحدٍّ أقصى.

  • التصنيفات: ماذا قالوا عن الإسلام -

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خير خلْق الله أجمعين، وعلى آله وأزواجه وأصحابه الأخيار الطاهرين.
وبعد:
فإن أعداء الإسلام يحاولون التشكيك في الدين وإثارة الشبهات حوله، من خلال الطعن في شخص الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولذلك تراهم مثلاً يدندنون كثيرًا حول تعدُّد زوجات النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - زاعمين أن ذلك يتنافى مع مقام النبوَّة، ومع مقرَّرات الشرع الإسلامي التي سمحت للرجل بالجمع بين أربع زوجات فقط كحدٍّ أقصى.

وللرد على تلك الافتراءات نقول:
أولاً: إن فعل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مرتبِط بالوحي والتشريع، فهو بيان للأحكام وتوضيح للمقصود من أمر الله؛ لأنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أعلم الناس بشرع الله الذي عليه أُنزِل، وهو وحده المبلِّغ عن الله لهذا الشرع، فلا يُعلَم الدين إلا من جهته، وهو وحده الذي عصَمَه الله - تعالى - في أقواله وأفعاله، فكانت بذاتها حجَّة في شرع الله.

فلا يمكن لأيِّ شخصٍ أن يدَّعي أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد خالَف الشرع؛ وإلاَّ لزِمَه أن يدَّعي أيضًا أنه أعلم من المعصوم - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالشرع الذي عليه أُنزِل، أو أنه علم الدين من طريقٍ غير طريق الوحي، وكل ذلك باطل شرعًا وعقلاً.


ومن هنا يتَّضح بجلاءٍ بطلان زعم المفتري مخالفة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لشرع الإسلام، واستحالة حدوث ذلك.

ثانيًا: من المقرَّر في أصول الشريعة الإسلامية أن الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد انفرد عن أمَّته بجملةٍ من الأحكام الخاصة التي لا يشاركه فيها غيره، منها[1]:
أ- أن التهجد وقيام الليل كان فريضة عليه.
ب- أن الأخذ من أموال الزكاة والصدقات محرَّم عليه وعلى آله.
جـ- أن الوصال في الصيام كان مباحًا له - صلَّى الله عليه وسلَّم.

ومن جملة هذه الأحكام أيضًا: إباحة الجمع بين أكثر من أربع زوجات في وقت واحد، فهذه خصيصة من ضمن جملة خصائص، وليست الخصيصة الوحيدة.

واختصاص النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بجملةٍ من الأحكام التي لا تنبغي لغيره ليس بغريبٍ أو بعيدٍ؛ لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليس كأيِّ شخص من عموم أمَّته؛ بل له من المكانة والحقوق ما ليس لغيره، وعليه من الواجبات والتكليفات ما ليس على غيره، ولا بُدَّ أن تتناسَب الأحكام والتشريعات مع هذه المقامات المختلفة.

ثالثًا: إن جمع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بين أكثر من أربع زوجات هو ممَّا أباحه الله له؛ ودليل ذلك هو قوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ} [الأحزاب: 50].

وطالما ثبت أن هذا الزواج حلال لا ريب فيه قد أحلَّه الله رب العالمين لرسوله الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلا يمكن الاعتراض عليه أو اعتباره نقيصة أو عيبًا.

رابعًا: كل زيجات النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - تمَّت بقبول ورضا تام من زوجاته - رضوان الله عليهن جميعًا - ولم يُعرَف عن إحداهن أنها لم تكن راضية بهذا الزواج، بل كُنَّ جميعًا في قمَّة السعادة والرضا بهذا الزواج، رغم ما عشن فيه من ضيق في العيش، وقلَّة في متاع الدنيا.

ولقد خيَّرهن الله - تعالى - بين البقاء مع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتحمُّل المعيشة الخالية من المُتَع الدنيوية، وبين أن يطلِّقهن الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيتمتَّعن بالدنيا وزينتها، فاخترن جميعًا برضا تام البقاءَ معه وعدم مفارقته.

فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "لما أُمِر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: «إني ذاكرٌ لك أمرًا فلا عليك ألاَّ تعجلي حتى تستأمري أبويك»، قالت: قد علم أن أبويَّ لم يكونا ليأمراني بفراقه.
قالت: ثم قال: إن الله - عزَّ وجلَّ - قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 28- 29]. 


قالت: فقلت: في أيِّ هذا أستأمِر أبويَّ؟ فإني أريد اللهَ ورسولَه والدارَ الآخرةَ، قالت: ثم فعل أزواج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مثل ما فعلت"[2].
فإن كان هذا الزواج قد أباحَه الله - تعالى - وتَمَّ برضا الزوجات جميعًا، فمَن ذا الذي له الحق أن يعترض؟ ومن أيِّ جهة يعترض؟

خامسًا: راعَى الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - مصالح في كلِّ زيجاته؛ منها مصالح عامَّة مشتركة بين كلِّ الزيجات، ومنها مصالح عامَّة انفردتْ بها بعض الزيجات، ومنها مصالح خاصة متعلقة بزيجة بعينها.

فمن المصالح العامة المشتركة:
1- أن تتولَّى أمَّهات المؤمنين - رضوان الله عليهن - تعليم النساء، لا سيَّما الأمور التي تخصُّ المرأة وتستحي أن يطَّلع الرجال عليها.


2- أن تنقل أمهات المؤمنين - رضوان الله عليهن - للناس ما يحدث داخل بيت النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من حكم وأحكام، كما أمرهن الله - تعالى - في قوله: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب: 34].


3- إعلاء شأن المرأة في المجتمع الذي نشأ على جاهلية كانت تهين المرأة وتحقر من شأنها، وتعدُّها مجرَّد متاع يُورث، أو وعاءً لإشباع المتع الجنسية، أو سببًا من أسباب الفقر والعار والشؤم.
أمَّا زوجات النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد صرن أمهات لكلِّ المؤمنين، ومعلِّمات لكلِّ الأمَّة رجالها ونسائها، فحظين بشرفٍ ومكانةٍ تفخر بها كل امرأة مسلمة.

ومن المصالح العامَّة التي انفردت بها زيجات معيَّنة:
1- جذب كبار القبائل العربية وزعمائها وتقريبهم للإسلام بمصاهرتهم؛ فإن الصهر والنسب من الأمور المؤثِّرة في نفس الإنسان العربي، وكثيرًا ما صدَّت العصبية القبَلِيَّة الجاهلية بعضَ العرب عن الدخول في دين الله - تعالى - وكان لا بُدَّ من معالجة هذه الأمراض الجاهلية بشيءٍ من الحكمة والرحمة، فكانت هذه الزيجات مفتاحًا لقلوبٍ أغلقَتْها حميَّة الجاهلية، وتقريبًا لنفوسٍ أبعدَتْهَا عصبيات قبلية.

فقد تزوَّج النبي - عليه الصلاة والسلام - مثلاً بجويرية بنت الحارث - رضي الله عنها - وكانت سيِّدة قومها بني المصطلق، وكان لهذا الزواج غاية عظيمة؛ فقد أعتق المسلمون مَن كان بأيديهم من أسرى بني المصطلق وقالوا: أصهار رسول الله يسترقون؟!

حتى قالت عائشة - رضِي الله عنها -: فلقد أعتق بتزويجه إيَّاها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأةً كانت أعظم على قومها بركة منها.

وبفضل الله - تعالى - كان هذا الزواج المبارك من الأسباب التي دعَتْ بني المصطلق جميعًا إلى الدخول طواعيةً في دين الله - تعالى - وترك الكفر والشرك[3].

2- حِكَم تشريعية؛ كتحريم التبنِّي، وإلغاء كل الآثار المبنيَّة عليه؛ كما حدث في زواج النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من زينب بنت جحش - رضي الله عنها.
قال الله - تعالى -: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} [الأحزاب: 37].

3- إكرام النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتشريفه لكبار أصحابه بتقريبهم منه بالمصاهرة؛ كما فعل مع أبي بكر الصدِّيق بزواجه من ابنته عائشة، وعمر بن الخطاب بزواجه من ابنته حفصة، وكتزويجه - عليه الصلاة والسلام - ابنتيه رقية وأم كلثوم لعثمان بن عفان، وابنته فاطمة لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهم جميعًا.

ومن المنافع الخاصة: مراعاة ظروف خاصَّة لبعض زوجاته - صلَّى الله عليه وسلَّم - مثل:
1- زواج النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من سَوْدَة بنت زَمْعَة التي كانتْ من المهاجرات إلى الحبشة، وكان زوجها السكران بن عمرو قد أسلم وهاجَر معها وتوفي عنها هناك، وكان أهلها كفارًا، فلو رجعت إليهم فربما عذَّبوها وفتنوها عن دينها، فكان زواج النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - منها شفقة بها، وإنقاذًا لها ممَّا قد تعانيه من ظلم واضطهاد.

2- زواج النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من أم سلمة هند بنت أبي أمية، وكانت امرأة مسنَّة وذات عيال، وتوفي عنها زوجها وكانت شديدة التعلُّق به، فتزوَّجها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إشفاقًا عليها ورحمةً بأيتامها - رضي الله عنها.

سادسًا: إن النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يكن في زيجاته خاضعًا لرغبة أو شهوة، فقد تبيَّن عند النظر والتحقيق أن هذه الزيجات قد جاءت مراعاةً للمصالح العامَّة للأمَّة، والخاصَّة لآحاد الرعيَّة.

وممَّا يدلُّ على أن هذه الزيجات لم تكن لمحض الشهوة:
1- أن الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - بدأ زواجه في الخامسة والعشرين من السيدة خديجة التي كانت في الأربعين من عمرها وسبق لها الزواج مرَّتين، واستمرَّ الزواج خمسًا وعشرين سنة لم يتزوَّج عليها حتى ماتتْ، وكان عمره - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقتَها خمسين عامًا.


2- لم يتزوَّج النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بكرًا قطُّ إلا واحدة من إحدى عشرة امرأة، فكلُّ أزواجه سبق لهن الزواج إلا عائشة - رضي الله عنهن جميعًا.

 

ثم إننا نتساءل: هل يُلاَم إنسان على أنه تزوَّج وقضى شهوته بالحلال؟
فأي إنسان طبيعي خلقه الله - تعالى - بشهوات ورغبات، فإذا قضى هذه الشهوة في الحرام فإنه يُذَمُّ ويُلاَم، ولكن إنْ قضاها في الحلال الذي أحلَّه الله - تعالى - من فوق سبع سموات، فأي مَنْقَصَة في ذلك؟! وأي عيب؟!

سابعًا: ممَّا يُثِير العجب أن نجد بعضًا من اليهود والنصارى يُثِيرون الافتراءات حول تعدُّد زوجات الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - مدَّعين أن ذلك يقدح في مقام النبوَّة، على الرغم من أنهم يؤمنون بكتابٍ جاء فيه أن نبي الله سليمان - عليه السلام - كان له ألف امرأة، كما جاء في سفر الملوك الأول الإصحاح الحادي عشر، العدد الثالث: "وكانت له سبعمائة من النساء السيدات، وثلاثمائة من السراري".

والأعجب من ذلك أن هذا الكتاب المحرَّف الذي يؤمنون به يتَّهم الأنبياء زورًا وبهتانًا بوقوع الزِّنا منهم، ولا يجدون في ذلك قادحًا في مقام النبوة.

فعلى سبيل المثال نجد في سفر صموئيل الثاني، الإصحاح الحادي عشر، الأعداد من الثاني إلى الخامس: "وكان في وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشَّى على سطح بيت الملك، فرأى من على السطح امرأة تستحمُّ، وكانت المرأة جميلة المنظر جدًّا، فأرسل داود وسأل عن المرأة فقال واحد: أليست هذه بتشبع بنت إليعام امرأة أوريا الحثي، فأرسل داود رسلاً وأخذها فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مطهَّرة من طمثها، ثم رجعت إلى بيتها، وحبلت المرأة فأرسلت وأخبرت داود وقالت: إني حبلى".
قاتلهم الله أنى يُؤفَكون.

والأدهى من ذلك أنهم ينسبون للأنبياء أحطَّ أنواع الزِّنا، وهو زنا المحارم، كما نجد في قصة سيدنا لوط - عليه السلام - في سفر التكوين، الإصحاح التاسع عشر، الأعداد من الثلاثين إلى السادس و الثلاثين: "وصعد لوط من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه؛ لأنه خاف أن يسكن في صوغر، فسكن في المغارة هو وابنتاه، وقالت البكر للصغيرة: أبونا قد شاخ وليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض، هلمَّ نسقي أبانا خمرًا ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلاً، فسقتَا أباهما خمرًا في تلك الليلة، ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها، وحدث في الغد أن البكر قالت للصغيرة: إني قد اضطجعت البارحة مع أبي، نسقيه خمرًا الليلة أيضًا، فادخلي اضطجعي معه، فنحيي من أبينا نسلاً، فسقتا أباهما خمرًا في تلك الليلة أيضًا، وقامت الصغيرة واضطجعت معه، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامه، فحبلت ابنتا لوط من أبيهما".
قبَّحهم الله ولعنهم بما افتروا على أنبياء الله إفكًا وزورًا.

فكيف يجعلون الزواج الحلال الذي أباحه الله - تعالى - قادحًا في مقام النبوَّة؟ ولا يرون أن وقوع الزِّنا في أبشع صوره وأحطِّ أشكاله قادحًا في نبوَّة أيِّ نبي نسبوا له هذه الشناعات؟!

ثامنًا: إن تعدُّد زوجات النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يكن شاغلاً له عن أداء مهمَّته التي كلَّفه الله بها على خير وجه، فقد عاش حياته الكريمة داعيًا ومعلمًا وقائدًا ومجاهدًا في سبيل الله، حتى صار الإسلام مسيطرًا على جزيرة العرب بأكملها، ومنطلقًا نحو ربوع الأرض كلها، فهدى اللهُ به من الضلال، وبصَّر به من العمى، وفتح به آذانًا صمًّا وقلوبًا غلفًا، ولم يمتْ إلا وقد كمل الدين، وتمَّت الشريعة بشهادة الله - عزَّ وجلَّ - القائل: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].

ثم بشهادة أصحابه - رضوان الله عليهم - حين سألهم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في خطبة الوداع: «وقد تركت فيكم ما لن تضلُّوا بعده إن اعتصمتم به؛ كتاب الله، وأنتم تسألون عنِّي، فما أنتم قائلون»؟، فقالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت[4].

بل كان هذا الزواج المبارك من الأمور المساعدة على نشر هذا الدين؛ حيث ساهمت أمَّهات المؤمنين في نقل جزء غير قليل من سنَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأخباره وسيرته للأمَّة بأسرها، وساهمن في تعليم الرجال والنساء هديَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكنَّ أسوة تُتبع، وأنموذجًا يُحتَذى، فرضي الله عنهن، وجزاهن خير الجزاء.

نسأل الله أن يرزقنا اتِّباع سنَّة نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأن يحشرنا في زمرته، وأن يسقينا من يده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدًا.

اللهم اجزِه عنَّا خير ما جزيت نبيًّا عن أمَّته، ورسولاً عن قومه، وآتِه الوسيلة والفضيلة، وابعَثْه مقامًا محمودًا الذي وعدته.

وصلى الله وسلم وبارَك على عبده ورسوله محمد خير الأنام، وعلى آله وأزواجه وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان.


[1] انظر: "أحكام القرآن"؛ للقاضي ابن العربي (3/ 598).
[2] البخاري (4412)، ومسلم (2696).
[3] "زاد المعاد" (3/ 258)، "سيرة ابن هشام" (2/ 295).

[4] مسلم (2137).

_____________________________________________________
الكاتب: إيهاب كمال أحمد