كتاب أسرار الزكاة
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
الرابعة: أن يتوقى مواقع الريبة والاشتباه في مقدار ما يأخذه, فلا يأخذ إلا المقدار المباح, ولا يأخذ إلا إذا تحقق أنه موصوف بصفة الاستحقاق.
- التصنيفات: طلب العلم -
الله تعالى جعل الزكاة إحدى مباني الإسلام....وشدد الوعيد على المقصرين فيها, فقال: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم} [التوبة:34] ومعنى الإنفاق في سبيل الله إخراج حق الزكاة.
آداب المزكي:
اعلم أن على مريد طريق الآخرة بزكاته وظائف:
الوظيفة الأولى: التطهير من صفة البخل, فإنه من المهلكات, قال تعالى: { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} [الحشر:9]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث مهلكات: شح مطاع, وهوى متبع, وإعجاب المرء بنفسه»
الوظيفة الثانية: التعجيل عن وقت الوجوب إظهاراً للرغبة في الامتثال بإيصال السرور إلى قلوب الفقراء, ومبادرة لعوائق الزمان أن تعوق عن الخيرات
الوظيفة الثالثة: الإسرار, فإن في ذلك أبعد عن الرياء والسمعة. قال تعالى: « وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم» [البقرة:271]
الوظيفة الرابعة: أن يظهر حيث يعلم أن في إظهاره ترغيباً للناس في الاقتداء, قال الله عز وجل: « إن تبدوا الصدقات فنعما هي» [البقرة:271]
الوظيفة الخامسة: أن لا يفسد صدقته بالمن والأذى, قال الله تعالى: { لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى} [البقرة:264]
الوظيفة السادسة: شكر النعمة, فإن لله عز وجل على عبده نعمة في نفسه, وفي ماله.
الوظيفة السادسة: أن يستصغر العطية, فإنه إن استعظمها أُعجب بها, والعجب من المهلكات, وهو محبط للأعمال, قال تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً } [التوبة:25]
ويُقال إن الطاعة كلما استصغرت عظمت عند الله عز وجل, والمعصية كلما استعظمت صغرت عند الله عز وجل.
وقيل: لا يتم المعروف إلا بثلاثة أمور: تصغيره, وتعجليه, وستره.
الوظيفة السابعة: أن ينتقى من ماله...أطيبه فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيب
وظائف القابض:
الأولى: أن يعلم أن الله عز وجل أوجب صرف الزكاة إليه ليكفي همه,...فليأخذ ما يأخذه...رزقاً له وعوناً على الطاعة,...فإن استعان به معصية الله كان كافراً لأنعم الله عزوجل, مستحقاً للبعد والمقت من الله سبحانه.
الثانية: أن يشكر المعطي ويدعو له, ويثني عليه.
الثالثة: أن ينظر فيما يأخذه, فإن لم يكن من حل تورع عنه.{ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب} [الطلاق:2_3] ولن يعدم المتورع عن الحرام فتوحاً من الحلال.
الرابعة: أن يتوقى مواقع الريبة والاشتباه في مقدار ما يأخذه, فلا يأخذ إلا المقدار المباح, ولا يأخذ إلا إذا تحقق أنه موصوف بصفة الاستحقاق.
فضل صدقة التطوع:
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «اتقوا النار ولو بشق تمرة, فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة »
وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد مسلم يتصدق بصدقة من كسب طيب, ولا يقبل الله إلا طيباً إلا كان الله أخذها بيمينه فيربيها كما يربي أحدكم فصيله حتى تبلغ التمرة مثل أحد»
قال لقمان لابنه: إذا أخطأت خطيئة فأعط الصدقة.
قال عبدالعزيز بن أبي رواد: كان يقال ثلاثة من كنوز الجنة: كتمان المرض, وكتمان الصدقة, وكتمان المصيبة.
إخفاء الصدقة:
الإخفاء فيه معان:
الأول: أنه أبقى للستر على الآخذ, فإن أخذه ظاهراً, هتك لستر المروءة, وكشف عن الحاجة, وخروج عن هيئة التعفف والتصون المحبوب, الذي يحسب الجاهل أهله أغنياء من التعفف.
الثاني: أنه أسلم لقلوب الناس وألسنتهم, فإنهم ربما يحسدون, أو ينكرون عليه أخذه, ويظنون أنه آخذ مع الاستغناء, أو ينسبونه إلى أخذ زيادة, والحسد وسوء الظن والغيبة من كبائر الذنوب, وصيانتهم عن هذه الجرائم أولى.
الثالث: إعانة المعطي على إسرار العمل, فإن فضل السر على الجهر في الإعطاء أكثر, والإعانة على إتمام المعروف معروف.
الرابع: أن في إظهاره الأخذ ذلاً وامتهاناً, وليس للمؤمن أن يذل نفسه.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ