حق الرجل في التعدد

حق الرجل في التعدد وموقف الإسلام من المرأة إذا كانت ممن لا يتزوج عليها

  • التصنيفات: فقه الزواج والطلاق - قضايا المرأة المسلمة -

أباح الإسلام للرجل أن يعدِّد في أزواجه، فيتزوج بأكثر من واحدة، وبحد أقصى أربعة أزواج، إلا أنه اشترط كما ذكرنا سابقًا العدل بين النساء، فقال تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [1].

 

وقد عقب فضيلة الإمام محمد عبده على ذلك بقوله عن التعدد أنه قد جاء هذا الحكم في اليتامى، وأن التعدد قُصد به عدمُ ظلم اليتامى وأكل أموالهم، وأباح الله للرجل الذي يتولى أمرهن أن يتزوج من واحدة إلى أربعة، ثم أضاف: «ولكن ذلك على شرط أن تعدلوا بينهنَّ، فلا يباح لأحد من المسلمين أن يزيد في الزوجات على واحدة، إلا إذا وثق بأن يراعي حق كل واحدة منهنَّ، ويقوم بينهن بالقسط، ولا يفضل إحداهن على الأخرى في أي أمر حسن يتعلق بحقوق الزوجية التي تجب مراعاتها، فإذا ظن أنه إذا تزوج فوق الواحدة لا يستطيع العدل، وجَب عليه أن يكتفي بواحدة فقط»[2].

 

وللإمام الشيخ شلتوت رحمه الله رأى آخر وهو ألا يميل كل الميل نحو واحدة ويترك الأخرى كالمعلقة[3].

 

لذلك كان للإسلام موقف من المرأة التي تعتز بكِيانها، لدرجة أنها تهان إذا تزوج الزوج عليها – رغم إباحة التعدد للرجل – فقد أعطى الإسلام للمرأة أن تشترط على الرجل ألا يتزوج عليها، أو أن تكون العصمة بيدها، كما منحها الحق في أن تطلب الطلاق إذا كرِهت أن يتزوج عليها.

 

وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم موقف يؤيد ذلك، فقد ذكر أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أراد أن يخطب جويرية بنت أبي جهل - وقيل: اسمها جميلة، وقيل: العوراء - على زوجته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما علمت فاطمة «رضي الله عنها» بذلك، ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له: «إن قومك يتحدثون أنك لا تغضب لبناتك، هذا عليٌّ ناكح ابنة أبي جهل، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إنما فاطمة بضعة مني يسوؤني ما أساءها، وأنا أكره أن تفتنوها، والله لا تجتمع ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنة عدو الله عند رجل واحد»، فترك علي «رضي الله عنه»[4] الخطبة.

 

وفي حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم عقب بقوله: «وإني لست أحرم حلالًا ولا أحل حرامًا، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله أبدًا»[5].

 

فإذا كانت المرأة ذات مكانة بحيث إذا تزوج الرجل عليها أهانها، فلها أن تطلب الطلاق إذا تزوج عليها، ولها أن تشترط ذلك في عقد الزواج كما ذكرنا.

 

على أن التعدد كان موجودًا كما ذكرنا قبل الإسلام، وحدده الإسلام بأربع زوجات فقط مع شرط العدل، أما إذا كانت الزوجة مريضة بمرض عضال، أو عاقرًا، أو غير ذلك مما يحمل الزوج مشاق لا يستطيع الصمود أمامها، فله أن يتزوج بأخرى بشرط العدل وذلك للضرورة. فالتعدد مباح ولكن الاقتصار على واحدة هو الأساس في الزواج[6].

 


[1] النساء/ 129.

[2] انظر: الإسلام والمرأة في رأي الإمام محمد عبده، د. محمد عمارة. القاهرة، دار المستقبل العربي ط 4، 1405هـ/ 1985م ص 120 - 121.

[3] الإسلام عقيدة وشريعة، ط 15 ط دار الشروق/ 1988م، ص 182.

[4] انظر: ابن سعد: الطبقات ج 8 ص 191، ابن الأثير: أسد الغابة مج 7 ص 53، 56، ابن حجر: الإصابة ج 4 ص 254 - 257، 390، وانظر صحيح البخاري كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب ذكر أصهار النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو العاص بن الربيع.

[5] صحيح البخاري. كتاب فرض الخمس، باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم وعصاه وسيفه، وانظر: اللؤلؤ والمرجان، كتاب فضائل الصحابة، باب فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم.

[6] انظر أيضًا سماحة الإسلام للدكتور أحمد الحوفي، القاهرة، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ص 133.