كتاب آداب تلاوة القرآن
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
فالقارئ عند البداية بتلاوة القرآن ينبغي أن يحضر في قلبه عظمة المتكلم, ويعلم أن ما يقرؤه ليس من كلام البشر.
- التصنيفات: طلب العلم -
الحمد لله الذي امتن على عباده بنبيه المرسل صلى الله عليه وسلم وكتابه المنزل, { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيمٍ حميدٍ} [فصلت:42] وقال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر:9] ومن أسباب حفظه في القلوب والمصاحف استدامة تلاوته, والمواظبة على دراسته.
آداب التلاوة:
الأول: التعظيم للمتكلم, فالقارئ عند البداية بتلاوة القرآن ينبغي أن يحضر في قلبه عظمة المتكلم, ويعلم أن ما يقرؤه ليس من كلام البشر.
الثاني: حضور القلب, وترك حديث النفس, وكان بعض السلف إذا قرأ آية لم يكن قلبه فيها أعادها ثانية.
الثالث: التدبر, فالمقصود من القراءة التدبر,...وإذا لم يتمكن من التدبر إلا بترديد فليردد.
الرابع: التخلي عن موانع الفهم, فإن أكثر الناس منعوا من تفهم معاني القرآن لأسباب وحجب أسدلها الشيطان على قلوبهم...منها: أن يكون مصراً على ذنب, أو متصفاً بكبر, أو مبتلى في الجملة بهوى الدنيا مطاع, فإن ذلك سبب ظلمة القلب وصدئه....وهو أعظم حجاب للقلب, وبه حجب الأكثرون.
الخامس: أن يقدر أنه المقصود بكل خطاب في القرآن, فإن سمع أمراً أو نهياً, قدّر أنه المنهي والمأمور, وإن سمع وعداً أو وعيداً فكمثل ذلك.
السادس: أن يتأثر قلبه. قال وهيب بن الورد: نظرنا في هذه الأحاديث والمواعظ, فلم نجد شيئاً أرق للقلوب...من قراءة القرآن وتفهمه وتدبره.
كتاب الأذكار والدعوات
ليس بعد تلاوة كتاب الله عز وجل عبادة تؤدى باللسان أفضل من ذكر الله تعالى, ورفع الحاجات بالأدعية الخالصة إلى الله تعالى.
آداب الدعاء:
الأول: أن يترصد لدعائه الأوقات الشريفة, كيوم عرفة من السنة, ورمضان من الأشهر, ويوم الجمعة من الأسبوع, ووقت السحر من ساعات الليل, قال تعالى: {وبالأسحار هم يستغفرون} [الذاريات:18] وقال صلى الله عليه وسلم: «ينزل الله تعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير, فيقول عز وجل: من يدعوني فأستجيب له, من يسألني فأعطيه, من يستغفرني فأغفر له »
الثاني: أن يغتنم الأحوال الشريفة. قال صلى الله عليه وسلم: « الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد » وقال عليه الصلاة والسلام: «الصائم لا ترد دعوته»
وقال صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه عز وجل وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء»
قال أبو هريرة رضي الله عنه: إن أبواب السماء تفتح عند زحف الصفوف في سبيل الله, وعند نزول الغيث وعند إقامة الصلوات المكتوبة, فاغتنموا الدعاء فيها
الثالث: أن يدعو مستقبل القبلة, ويرفع يديه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم حيي كريم, يستحي من عبيده إذا رفعوا أيديهم إليه أن يردها صفراً»
الرابع: خفض الصوت بين المخافتة والجهر, قال عز وجل: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها } [الإسراء:110] أي: بدعائك, وقد أثنى الله عز وجل على نبيه زكريا عليه السلام, حيث قال: {إذ نادى ربه نداءً خفياً} [مريم:3]
الخامس: أن لا يتكلف السجع في الدعاء, فإن حال الداعي ينبغي أن يكون حال متضرع, والتكلف لا يناسبه. قال بعضهم: ادع بلسان الذلة والافتقار, لا بلسان الفصاحة والانطلاق.
السادس: التضرع والخشوع, والرغبة والرهبة, قال الله تعالى: { إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً [الأنبياء:90] وقال عز وجل: { ادعوا ربكم تضرعاً وخفيةً} [الأعراف:55]
السابع: أن يجزم بالدعاء, ويوقن بالإجابة, ويصدق رجاءه فيه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقل أحدكم إذا دعا: اللهم اغفر لي إن شئت, اللهم ارحمني إن شئت, ليعزم المسألة, فإنه لا مكره له»
الثامن: أن يلح في الدعاء, ويكرر ثلاثاً. قال ابن مسعود رضي الله عنه: كان عليه السلام إذا دعا, دعا ثلاثاً, وإذا سأل, سأل ثلاثاً.) وينبغي أن لا يستبطئ الإجابة لقوله صلى الله عليه وسلم: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل, يقول: قد دعوت فلم يستجب لي»
التاسع: أن يفتتح الدعاء بذكر الله عز وجل, فلا يبدأ بالسؤال, قال أبو سلمة الدارني رحمه الله: من أراد أن يسأل الله حاجة فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم, ثم يسأله حاجته, ثم يختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
العاشر: وهو الأصل في الإجابة: التوبة, وردّ المظالم, والإقبال على الله عز وجل فلذلك هو السبب القريب في الإجابة. قال العباس رضي الله عنه: لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب, ولم يكشف إلا بتوبة.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ