حقيقة الدنيا

هاني مراد

انثروا البسمات على الأفئدة، وارسموها بعطائكم ومودّتكم على الثغور، واشرحوا بها القلوب والصدور. أحبّوا أحبابكم.

  • التصنيفات: الزهد والرقائق -

 

لم يشفع لها بريق عينيها؛ أو سرعة بديهتها، أو خفة ظلها، أو جمال صوتها، وهي الفتاة الصغيرة، ألا ينهشها الموت.

عاشت حياة قصيرة، قاست فيها الآلام، وعانقت الأحزان؛ عانقتها بدعابتها، وابتسامتها، وعانقتها بلهوها وقسمات وجهها البريء.

وإن كان الموت مريعا أو مهيبا، فهو حقيقة سرمدية. حقيقة لا يجدر أن تغيب عن عقلنا، عن وجداننا، عن قلبنا، أو عن ضميرنا.

وإن كانت هذه الدنيا – على حقارتها وخساستها – تشغلنا، وتملأ قلوبنا، وتلهينا وتحرّضنا بوهمها وتوهّمها على التكالب، والشجار، وعلى الحرص، والطمع، وعلى الشقاق، فإن أولى حقائقها: الفناء!

وإن تحقق فوز على الدنيا، فهو الفوز بفهم حقيقتها، ومغالبتها على إذهالنا عن ضيف بغيض يدهمنا.

وهو الفوز بإغداق الحُبّ على من صحبناهم فيها. الفوز بكلمة حقيقة، بحديث صدق، بدعاء مخلص، بنيّة صافية تحبّ الخير لغيرها. وهو الفوز بالإخلاص والنصح والوفاء، والفوز بالرحمة والمغفرة والإيثار.

هذه الدنيا أقصر من أن نهتمّ لها أو بها! أقصر من أن تضمر قلوبنا بغضا لمن أحبّنا بصدق! أقصر من أن نبخل فيها بخير، أو عطاء، أو مودّة، أو مرحمة!

أحبّوا أحبابكم بكل أرواحكم وعواطفكم، بكل كلماتكم وتصرفاتكم ومواقفكم، بكل مهجكم وسرائركم وخلجات نفوسكم.

انثروا البسمات على الأفئدة، وارسموها بعطائكم ومودّتكم على الثغور، واشرحوا بها القلوب والصدور. أحبّوا أحبابكم.