القلم ودوره
القلم أكبر سلاح في تثقيف المجتمع وإنارة العقول في هذا العصر، وله دورٌ في إيقاظ الشعوب وصنع المجتمع، فمن ملك ناصية القلم فكأنما ملك العقول والألباب.
- التصنيفات: الإسلام والعلم -
أهمية القلم:
القلم يعدُّ من أهم أداة العلم والمعرفة، وبه تُمْلأ أوعيةُ العقول، وتُحفَظ كنوزُ الأمم، وقد ذكَره الله في كتابه العزيز ذكرًا مميزًا، فأقسَم: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1]، والقسم يدل على عظمة المقسَم به، وجعَله الله وسيلة للعلم، فقال: {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} [العلق: 4]، وبه وصلتنا العلومُ، وحفِظ لنا سلفُنا التاريخ، وعرفنا سيرَ السابقين، واعتبرنا بما كان من حوادث الزمان، ولولا القلم لذهب العلوم أدراج الرياح.
مكانة القلم في القرآن:
حلف الله بالقلم وما يسطرون معًا مرةً واحدةً، وقال: {ن والقلم وما يسطرون}، فمنَّ الله على البشر بالقلم كما منَّ بالنطق، وقال: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 3، 4]، فالقلم والبيان نعمتان کبريان، فالبيان تخاطب الحاضرين، کما أن بالقلم تخاطب الغائبين، ثم إن في الحلف بالقلم والكتابة إلماعًا إلى مكانة القلم والكتابة في الإسلام، كما أن في قوله تعالى: {عَلَّمَ بالقَلَمِ} إشارة إلى ذلك، والعجب أن القرآن نزل وسط مجتمع سادَه التخلف والجهل والأُمية، وكان من يجيد القراءة والكتابة في العصر الجاهلي لا يتجاوز عدد أصابع اليد، ويذكر ابن خلدون في مقدمته أن عهد قريش بالكتابة لم يكن بعيدًا، بل كان حديثًا وقريبًا بعهد رسول الله، ومع ذلك يعود القرآن ليؤكد بالحلف بالقلم على مكانة القلم والكتابة في الحضارة الإسلامية.
اهتمام السلف بالقلم:
وقد كان السلف يهتكون بالقلم اهتمامًا فائقًا لا نظير له في هذه العهود الأخيرة؛ حيث يقول الإمام النووي: ما من يوم يمر إلا وأنا أكتب فيها صفحات كثيرة، وكذلك يقول على الطنطاوي (من علمائنا المعاصرين): أينما كنت جالسًا أو قائمًا والقلم بيدي أكتُب ما يخطر ببالي، وما أشاهد في أطرافي من الحوادث؛ قال ابن جرير الطبري لإصحابي: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ قال ثلاثون ألف ورقة، فقالوا: هذا مما تفنى الأعمار قبل إتمامه! فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة، وأملأ في سبع سنين، ثم قال لهم: أتنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟ قالوا: كم قدره؟ فذكر نحو ما ذكره في التفسير، فأجابوه بمثل ذلك! فقال: إنا لله! ماتت الهمم! فاختصره في نحو مما اختصر التفسير.
عوامل تقوية القلم:
من أهم عوامل تقوية القلم: المطالعة؛ وذلك أن تطالع كلَّ يوم صفحات معلومة محددة، لأنها تغذيك فكريًّا وعلميًّا وأدبيًّا، وتقوي قلمك، الثاني: الاستمرار في الكتابة، تواصل الكتابة كل يوم؛ بحيث لا يمضي يوم إلا وأنت تكتُب فيه، فإن الكتابة اليومية تُعد من الطرق المجرَّبة المثمرة في تقوية القلم، اكتُب كلَّ يوم ولو أسطرًا قليلة، فإن هذا الاستمرار يتسبب في تقوية قلمك.
أقوال العلماء المعاصرين في القلم:
المفتي محمد قاسم القاسمي: لا أغتبط بشيء كما أغتبط بصاحب القلم.
الأستاذ عبدالرحمن محمد جمال: صاحب القلم هو مستقل الشخصية، والقلم يصنع الأعاجيب في حياتك، ومن أخذ بناصية القلم فكأنما اتصل بالعالم.
كيف تكون كاتبًا في رأيي؟
في رأيي أن تكتب كل يوم بالدوام، وتسجل على صفحات كراستك كل ما يجول في خاطرك، وترسم على الأوراق بكل ما يحدث في حياتك يوميًّا من النجاح والفشل والرقي والتقاعس.
الثاني: تقديم كتاباتك إلى شخص أقوى منك لتصحيح، ثم استعمال صفوة التعابير في كتاباتك.
النتيجة:
القلم أكبر سلاح في تثقيف المجتمع وإنارة العقول في هذا العصر، وله دورٌ في إيقاظ الشعوب وصنع المجتمع، فمن ملك ناصية القلم فكأنما ملك العقول والألباب.
___________________________________________________
الكاتب: عبدالحميد عيد محمد البلوشي