أحكام العقيقة
(العقيقة - الحكمة من العقيقة - حُكم العقيقة - سن الذبيحة - الاقتراض للعقيقة - العقيقة أفضل من التصدق بثمنها - وقت العقيقة - ما يُقالُ عند الذبيح)
- التصنيفات: العقيقة وأحكام المولود -
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا، وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: فإن لعقيقة المولود أحكامًا فقهية، يجب على المسلم معرفتها، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
أولًا: العقيقة:
العقيقة: هي الذبيحة التي يذبحها المسلمُ عن المولود.
روى أبو داودَ عَنْ سَمُرَةَ بنِ جندب أنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُدَمَّى». (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2463).
الحكمة من العقيقة:
إن للعقيقة حِكمًا كثيرة يمكن إجمالها فيما يلي:
أولًا: تعتبر العقيقة قربة إلى الله وشكرًا له على نعمة الذرية.
ثانيًا: فدية يُفدى بها المولود من المصائب والآفات كما فدى الله إسماعيل صلى الله عليه وسلم بالذبح العظيم.
ثالثًا: إظهار الفرح والسرور، بإقامة شرائع الإسلام وبخروج نسمة مؤمنة يكثر بها نسل المسلمين.
رابعًا: توثيق أواصر الأخوة والمحبة بين المسلمين، وذلك باجتماع الفقراء والأغنياء على مائدة واحدة ابتهاجًا بالمولود الجديد.
خامسًا: فكاك لرهان المولود في الشفاعة لوالديه. (تربية الأولاد لعبد الله ناصح علوان جـ1 صـ86).
الكبير يعق عن نفسه:
قال ابن تيمية: ويعق الكبير عن نفسه إذا لم يعق عنه أبوه. (مختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية صـ667).
حُكم العقيقة:
قال ابن قدامة: الْعَقِيقَةُ سُنَّةٌ فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ، وَفُقَهَاءُ التَّابِعِينَ، وَأَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ. (المغني لابن قدامة جـ13 صـ393).
روى أبو داودَ عَن ْعبدِ اللهِ عَمْرِو بْنِ العاص قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ «لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ كَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ وَقَالَ مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَنْسُكْ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ». (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2467).
ويتضح من هذا الحديث المبارك أن السنة هي أن يذبح عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة واحدة ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
ولا تكون العقيقة إلا من الإبل والبقر والغنم ولا تجزئ من غير هذه الثلاثة، لقول الله سبحانه: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 34].
سن الذبيحة:
يُجزئُ في سِن العقيقة ما يُجزئ في الأضحية فيجزئ من الضأن ما له نصف سنة كاملة، ومن المعز ما له سنة كاملة، ومن البقر ما له سنتان، ومن الإبل ما له خمس سنوات، ويستوي في ذلك الذكر والأنثى. (فقه السنة للسيد سابق جـ4 صـ177).
ويجب أن تكون العقيقة سليمة من العيوب البارزة التي تضر باللحم فلا تكون عمياء، ولا عوراء، ولا هزيلة، ولا عرجاء، ولا مقطوعة الأذن أو الذنب، وذلك لأن العقيقة قربة يتقرب بها العبد إلى الله تعالى.
فائدة مهمة:
لا يجوز أن نلطخ رأس المولود بدم الذبيحة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الفعل.
روى ابنُ ماجه عن يَزِيدَ بْنَ عَبْدٍ الْمُزَنِيَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُعَقُّ عَنْ الْغُلَامِ وَلَا يُمَسُّ رَأْسُهُ بِدَمٍ». (حديث صحيح) (صحيح ابن ماجه للألباني حديث 2564).
وقت العقيقة:
من السُّنة أن تكو ن العقيقة يوم السابع فإن لم يتيسر فيوم الرابع عشر، فإن لم يتيسر فيوم الحادي والعشرين، فإن لم يتيسر ذلك ففي أي يوم. (المغني لابن قدامة جـ13 صـ396).
روى الطبراني عن بريدة أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «العقيقة تذبح لسبع أو لأربع عشرة أو لإحدى وعشرين». (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني حديث 4132).
العقيقة أفضل من التصدق بثمنها:
ذهب بعض أهل العلم إلى أن العقيقة أفضل من التصدق بثمنها على الفقراء لأن الذبح وإراقة الدم هو المقصود ولفعل النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك مع وجود الكثير من الصحابة الفقراء في حياته صلى الله عليه وسلم. (المغني لابن قدامة جـ13 صـ395).
جواز الاقتراض للعقيقة:
قال الإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله): إذا لم يكن عنده ما يعق فاستقرض رجوت أن يخلف الله عليه، إحياء سُنَّة. (المغني لابن قدامة جـ13 صـ395).
ما يُقالُ عند الذبيح:
يُستحبُ عند ذبح العقيقة أن تُوجه تجاه القبلة وأن يُقال: (باسم الله، اللهم منك وإليك، هذه عقيقة فلان ابن فلان) وقال بعض أهل العلم إن نوى المسلم بقلبه ولم يتكلم أجزأه ذلك إن شاء الله. (تحفة المودود لابن القيم صـ60).
وهذه الذبيحة يأكل فيها أهل البيت ويهدوا لأقاربهم وجيرانهم ويتصدقوا منها على الفقراء.
____________________________________________
الكاتب: الشيخ صلاح نجيب الدق