إن كان قال فقد صدق
أحمد قوشتي عبد الرحيم
فالمشكلة أبعد وأخطر من قضية بعينها وهي الإسراء والمعراج - مع أهميتها وعظم شأنها - وإنما الخطر الأكبر هو : هدم المنهج الصحيح لتلقي هذا الدين بالكلية ، وزعزعة الثقة بأخباره ، والانقياد لأوامره .
- التصنيفات: أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة -
هذه الجملة الموجزة قالها صديق الأمة الأكبر أبو بكر رضي الله عنه لما أتاه مشركو قريش يثيرون الشبهات حول حادثة الإسراء ، ومن أجلها لقب بالصديق .
ونص الرواية أنهم قالوا له " هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة. فلذلك سمي أبو بكر الصديق ".
وهذه الجملة على وجازتها تصلح أن تكون منهاجا للمسلم في التعامل مع نصوص الكتاب والسنة ، كما تكشف محور الصراع مع تلك الشرذمة من العلمانيين والمشككين .
فالمشكلة أبعد وأخطر من قضية بعينها وهي الإسراء والمعراج - مع أهميتها وعظم شأنها - وإنما الخطر الأكبر هو : هدم المنهج الصحيح لتلقي هذا الدين بالكلية ، وزعزعة الثقة بأخباره ، والانقياد لأوامره .
فالقرآن والسنة مشتملان على أمرين عظيمين :- أخبار يجب تصديقها ، وأوامر ونواه يجب الامتثال لها فعلا أو تركا، كما قال تعالى {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا} أي: صدقا في الأخبار، وعدلا في الأمر والنهي. فلا أصدق من أخبار الله التي أودعها هذا الكتاب العزيز، ولا أعدل من أوامره ونواهيه .
والمؤمن حقا إذا سمع خبرا أو أمرا فكل ما يهمه هو التأكد من ثبوته - وهذا حال القرآن كله وما صح من أحاديث السنة - ثم التأكد من حسن فهمه وهذا أمر مرده لقواعد الفهم المعتبرة والمقررة في علوم الإسلام المختلفة تفسيرا وفقها وأصولا ولغة .
وإذا ما تأكد المسلم من صحة الخبر وحسن الفهم لمعناه فليس أمامه سوى التصديق والاستسلام التام ، والسمع والطاعة دونما حرج أو توقف {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
أما هؤلاء الضلال فهم يريدون الطعن في الثوابت ، ويتخذون من قضية الإسراء أو ما أشبهها قنطرة لتشكيك المسلم في باب التصديق بالأخبار ، كما يتخذون قضية مثل الحجاب وما أشبهها لتشكيكه في باب الالتزام بالأوامر والنواهي {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}