ترويض النفس وتطويرها أثناء رمضان إلى رمضان الذي بعده
عبد الفتاح آدم المقدشي
ولو أخفقت يوما في تحقيق أهدافك فاحزن لذلك جدا حتى تأتي في اليوم الذي بعده ما فاتك في اليوم السابق حتى تشعر بالسعادة مرة أخرى وبأنك حققت أهدافك وانجزت .
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
الحمد لله
من المعلوم أن رمضان موسم عظيم ومريح جسيم للمتسابقين والمتنافسين إلى الخيرات والمستفيدين من الأجور المضاعفات والنفحات.
وما من شك أن الإنسان المؤمن لابد له من خطة مرسومة ومدروسة قبل الشروع في مثل هذه الفرص والمواسم العطرة لكونها كالمحطات التي بتزود بها لزيادة إيمانه وتقواه بل ولتطوير عباداته إلى الأفضل وتحويل عاداته إلى الأعلى.
وبالمناسبة لا يوجد فرصة أسهل من تغيير العادات السيئة والاقلاع منها خلال رمضان سوء كان ذلك التدخين أو أكل القات وشرب الخمور والعادة السرية والأخلاق السيئة من الشتائم وسب الناس وسوء الأخلاق بأنواعها المختلفة.
ولكن- للأسف الشديد الشديد -بدل ما نرحب- برمضان المبارك في شهر شعبان بمحاسبة النفس والرجوع إلى الله بالتوبة النصوح والعفو بين المتشاحنين - نجد كثيرا ممن ينتسب إلى الإسلام اليوم يفزعون بادخار الأطعمة المتنوعة وشراء أنواعها المختلفة وإضاعة الأوقات ومشاهدة التلفيزيونات والمسلسلات والمباريات والسهر بالليل والنوم بالنهار .
هناك أمثلة كثيرة لا للحصر لعامة الناس ولأهل الله وخاصته من حفاظ كتاب الله العظبم فيما يتطلب من العبد المؤمن من ترويض نفسه على الطاعات وتطويرها حتى يترقى إلى سلم النجاح نحو عباد الرحمن الممدوحين في كتاب الله العزيز.
المثال الأول : مثلا كان لك وردا قليلاً في الليل والنهار بأن تقرأ جزءا من القرآن الكريم مثلآ ، ولا نقول مثل هذا طبعا إلا لعامة الناس وليس ذلك للحفاظ.
فإذا حاول واجتهد واتخذ وردا من جزءين أو ثلاثة حسب استطاعته ومقدرته فهو أحسن وأفصل حتى يستمر على ذلك بعد رمضان إلى رمضان المقبل .
بينما الحافظ عليه أن لا يتخذ وردا أفل من أربعة أجزاء ولو جعلها خمسا أو أكثر فهي أفضل ..
واقضل الأوقات بالنسبة للناس المشتغلين أن يقراءوا بعد صلاة العشاء من الساعة ثمانية إلى العاشرة مثلا,بإمكانك أن تقرأ على الأقل ثلاثة أجزاء بالترتيل.
ومنها في جوف الليل جزءا أو جزءين .
ومنها بعد صلاة الصبح جزءين أو أكثر إلى الساعة السابعة. طبعا بالترتيل.
وهناك خيار آخر ممتاز وهو أن تدخل المسجد فتقرأ جزءا فإذا أضفت قبل الإقامة حزبا وبعد الصلاة حزبا أيضا فهي أفضل.
فليكن ذاك الذي تفعله في كل صلاة والناتج كم تتصور من الأجزاء ؟ إنها في الحقيقة عشرة أجزاء في كل يوم وليلة، ويا لسعادتك إن ألزمت نفسك على ذلك وحققتها باستمرار.
المثال الثاني : كان لك حظا من قيام الليل مثلا ركعتين ووتر ركعة واحدة أو لم يكن لك أي حظ من صلاة الليل إذا ارتفع وتطور إلى أربع ركعات ووتر ركعة واحدة إلى أن تأتي وأنت في هذه الحالة تصلي أربع ركعات ووتر واحد في الرمضان المقبل.
بالطبع هذا خير من أن لا يكون لك التزام ولا هدف معين فتأتي مرة بعشر ركعات ووتر واحد كما هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم ثم تنقطع. ثم تأتي باثنتين أو بأربع أو بثمانية ثم تنقطع
فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: ( «أدومها وإن قل» . [رواه البخاري(6465)] .
بل حتى النبي صلى الله عليه وسلم مر بتدريبات شديدة في أول دعوته في عبادة قيام الليل حتى كانت واجبة عليه كالفرائض .
وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل كله إلا قليلا أو نصفه أو ينقص منه قليلا كما ورد في سورة المزمل ( المزمل الآية : ١-٢-٣)
المثال الثالث: نعرف أن صيام رمضان ثم اتباعه ستا من شوال كصيام الدهر كله فما رأيك لو طورت نفسك في هذا الصيام من عامنا هذا حتى يكون لك بإذن الرحمن صيام دهرين .، كيف ذلك ؟
بالإضافة إلى ست من شوال تصوم كل شهر ثلاثة أيام لكونها كصيام الدهر كله .
فإذا تطورت حتى صار لك صيام دهرين مع شهر رمضان هل تظن أنه أمر هين والله أنه أجر عظيم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « «مَنْ صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا»» (متفق عليه)
وافضل الصيام صيام داود تصوم يوما وتفطر يوما ثم أن تصوم في كل إثنين وخميس ثم أن تصوم ثلاثة أيام من كل شهر ولكن للذين يريدون أن يستمر وا إلى آخر عمرهم فننصحهم بثلاثة أيام من كل شهر حتى لا يعجزوا عن ذاك الخير المستمر فينقطعوا أو يضعفوا منه إذا كبروا وامد الله عمرهم حتى يبلغوا بثمانين سنة وأكثر مثلا.
المثال الرابع : إن كانت أذكار العبد مثلا قليلة جدا حتى شابه المنافقين والعياذ بالله وذلك لقوله تعالى ( {ولا يذكرون الله إلا قليلا} ) ( النساء: الآية ١٤٢ ) ولم بكن من ضمن المؤمنين والمؤمنات الذين امتدحهم الله في كتابه العزيز فقال جل شأنه ( {والذاكرين الله كثيرا والذاكرات} ) ( الأحزاب الآية : الآية ٣٥ )
فمن هنا أشير لك إذا كنت من المجتهدين السباقين اقعد بعد صلاة الصبح حتى تشرق الشمس وأقرأ على الأقل مائة من لا إله إلا الله وحده لا شريك لك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ومائة من سبحان الله وبحمده ومائة من سبحان الله العظيم ومائة من لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ومائة من الله أكبر ومائة من أستغفر الله الحي القيوم واتوب إليه بإمكانك أن تخلصها أقل من ساعة فقط.
وإذا عجزت من ذلك ولم تكن من المجتهدين فلا أقل من أن تقرأ أذكار الصباح لكونها مفتاح لكل خير ونور وحرز لك من الشرور كلها .
المثال الخامس : كانت صدقاتك مثلا قليلة جدا فضاعفها مرتين في السنة المقبلة إلى الرمضان الثاني حسب استطاعتك حتى ترضى عن نفسك أنك تطورت ولم تكن كالسنة التي قبلها وحتى تشعر بالسعادة بأنك حققت أهدافك .
ولو أخفقت يوما في تحقيق أهدافك فاحزن لذلك جدا حتى تأتي في اليوم الذي بعده ما فاتك في اليوم السابق حتى تشعر بالسعادة مرة أخرى وبأنك حققت أهدافك وانجزت .
ثم كذلك من الضروري جدا محاسبة نفسك في شهر شعبان ماذا أنجزت خلال أحدا عشر شهراً الماضية.
فإذا أنجز ت خطتك فبحمد الله ومنته ونعمته ويا لسعادتك وإنما عليك فقط أن تتفكر في رمضان القادم كيف تتطور إلى الأعلى وتزيد من كمية العبادات أو العلم الذي اكتسبه.
فإذا لم تنجز مما أردت من خطتك أو نقصت أو فشلت فلا تنهزم نفسيا أبدا
بل عليك أن تعوض مما فاتك من ذلك في رمضان القادم ولتستعن بربك الكريم الرحمن ولتدع عسى ربنا سبحانه أن يعينك فنعم المولى ونعم النصير .
أتمنى لكم التوفيق والسداد وقبول الأعمال ونعوذ بالله من مضلات الفتن وما أكثرها في هذا الزمان وينعم علينا بالسعادة في الدارين. إنه هو المولى والقادر على ذلك
وكتبه
أبو عبد الله عبد الفتاح آدم المقدشي