اغتنام الوقت في رمضان من اللصوص الرمضانية
فاطمة الأمير
ومن هنا ستسأل عن هوية هذا اللص، إنه سارق الوقت، وآكل الحسنات، وهو ليس لصًّا واحدًا، إنهم مجموعة من اللصوص تهجم عليك قبل بدء شهر رمضان الكريم من خلال البرامج
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
بقلم/ فاطمة الأمير
احذر فهناك من يريد سرقتك!
كلمات إن قيلت لك ربما ستظل تتطلع يمينًا ويسارًا؛ حتى لا يباغتك السارق ويفاجئك فيسرق ما معك، أو أنك لن تمضي بقية سيرك في هذا الطريق؛ حتى لا تلتقي بالسارق، أو ستركب وسيلة نقل مع أُناس أقوياء صالحين لتتحصن بهم؛ فكيف إذا قيل لك إن هناك سارقًا يتجول في وقت معين من السنة، ويستهدف الكثير من الناس يريد سرقة كنوزهم وأوقاتهم، بل يريد سرقة أجمل ما لديهم من أيام؟ نعم هناك أيام تُسرق منك وأنت بكل سهولة وبساطة تسمح لِلصِّها بسرقتك!
ومن هنا ستسأل عن هوية هذا اللص، إنه سارق الوقت، وآكل الحسنات، وهو ليس لصًّا واحدًا، إنهم مجموعة من اللصوص تهجم عليك قبل بدء شهر رمضان الكريم من خلال البرامج، إن الله يُعدُّ لنا أجمل ثلاثين يومًا متنوعة من العبادات، ملونة بألوان الطاعات، متزينة بأطيب النفحات، وهم يعدون لنا أيامًا مغلفة بالكثير من المسلسلات والفوازير والبرامج والمسابقات، ونحن نشاهد هذا وذاك، ليضيع منا الوقت، فها هم يسرقون أغلى الأوقات بدون إدراك منا، ويضعون شعارات تجعلنا نستسلم لها أكثر فأكثر.
فهذا شعار عن الاجتماع في رمضان، وهل رمضان يجتمع عليه أهل الليل والنهار في معصية دائمة؟! هل رمضان يجمعنا في خيم رمضانية بها الكثير من أنواع الاختلاط والسهر على أنغام الموسيقى، ومشاهدة مسلسلات لا تخلو من العري والتبجح، بل تسعى لفساد أخلاق الشاب المسلم، وتجر الفتاة المسلمة إلى الانبهار بعالم زائف ضائع، فتبتدأ في التخلي عن منهج الإسلام والتربية رويدًا رويدًا، وتبدأ في التقليد الأعمى لبعض الشخصيات، بل تتخذها قدوة، وما هي إلا حشائش ضارة تدخل إلى كل بيت. وذاك شعار آخر عن القرب في رمضان، وهل القرب يكون بمعصية يتبعها الغفلة والتبلد والحسرة؟
لا بد من وقفة حاسمة وقاطعة لها، لا في رمضان ولا بعد رمضان، ولن نكون جنودًا من جنود إبليس في شهرٍ صفدَ الله لنا فيه الشياطين، ولن نكون تابعين للص سارق وآكل للحسنات، بل سنجعل من رمضان كل عام بداية جديدة لمنهج جديد نسير عليه ما بقي لنا من عمر، سنجدد شعارنا كل عام، وسنقول: لن يسبقنا إلى الله أحد، أو سنعبدك يا رب كما لم نعبدك من قبل، هكذا سيكون شعارنا.
وهناك سارق آخر وهو مواقع التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت، ألا يكفينا الجلوس عليها طيلة السنة؟ ننتقل من هذا المقطع إلى تلك المحادثة، ونتطلع إلى ما فيه فلا ندرك قيمة الوقت فننظر في الساعة ونتفاجأ بضياع الوقت ومروره، من غير أن ندرك أنه قد مضى منا؟ يكفي هذا الفتور والهزل والتغافل؛ فأقصى أماني أهل القبور أن يعودوا ليتزودوا مما ضاع منهم، ولننظر إلى أنفسنا محاولين أن نعرف قدرها عند الله؛ يقول الله عز وجل في كتابه العزيز: {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ} [آل عمران: 163]، فأي درجة سنكون؟ وأي فئة سنتبع؟ لننجُ بأنفسنا من هؤلاء اللصوص فلا يخدعونا فنهوي بأنفسنا في بئر مظلم لا نعرف كيف ننجو منه، لنغلق على أنفسنا الأبواب ضد فتن هذا الزمان، ولتكن بدايتنا من رمضان، وإذا كان لا بد من وجود التلفاز في المنزل، فليكن استغلاله في طاعة الله؛ فنحرص على مشاهدة البرامج الدينية، ونشحن منها طاقتنا بالعمل والاجتهاد في ليل رمضان بالقيام والذكر والدعاء والمناجاة، ولنحذر أن نتبع جنود الشيطان في شهر الغفران، فنبكي ونقول: يا ليتنا لم نتخذ فلانًا خليلًا؛ يقول تعالى: { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا } [الفرقان: 27 - 29].
فلا تترك أبواب الله في شهر رمضان وتُلقي بنفسك في معاصي الشيطان، فيضلك عن طريق الله بعد أن هداك الله إليه.