الصائم هو الذي صامت جوارحه عن الآثام
فاطمة الأمير
كثرة النوم تُضعف البدن، وفيها يتراكم الفرض على الفرض، ويحرم الصائم بسبب كثرة نومه من أن يكسب أجورًا مزيدة من الحسنات حين يقضي يومه في ذكرٍ أو يختم وِرده من القرآن
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
الصائم هو الذي صامت جوارحه عن الآثام
(صائمون ولكن )
جميعنا نصوم شهر رمضان، حتى في أشد الأوقات حرًّا، حتى في أشد الحالات تعبًا، ولكن الكثير منا من يصوم بالنهار، ويمتنع عن الطعام والشراب آخذًا يومه في سُباتٍ عميق ولا يصحو إلا على وقت الإفطار، مضيعًا لهبات وعطايا ربه، وقد حَرم نفسه من الأجر والثواب؛ فالأصل في الصوم أن تشعر بالجوع والعطش، وهناك أيضًا من ينتظر وقت الإفطار؛ لكي يبدأ في ممارسة عاداته وسلوكياته الخاطئة من الذهاب إلى المقاهي أو الذهاب إلى التجمعات والزيارات التي لا تخلو من الغيبة والنميمة والكذب.
قال ابن القيم رحمه الله: والصائم هو الذي صامت جوارحه عن الآثام، ولسانه عن الكذب والفحش وقول الزور، وبطنه عن الطعام والشراب، وفرجه عن الرفث؛ (الوابل الصيب 43).
فاحذَروا - إخوتي في الله – مما يضعف الصوم ويفوِّت عليكم الحسنات، ومن ذلك:
كثرة النوم: فكثرة النوم تُضعف البدن، وفيها يتراكم الفرض على الفرض، ويحرم الصائم بسبب كثرة نومه من أن يكسب أجورًا مزيدة من الحسنات حين يقضي يومه في ذكرٍ أو يختم وِرده من القرآن، أو صدقة يُخرجها في النهار، فتكون سببًا في اجتهاده وصحوة قلبه لعبادة الله في الليل أكثر.
الغيبة والنميمة: احذَر الغيبة والنميمة؛ فهي آكلة لحسنات هذا الشهر المبارك، تظل تتعبد طيلة ثلاثين يومًا، ثم تخرج من شهر رمضان وقد تآكَلت جميع أعمالك، وحسناتك بسبب أنك اغتبت مسلمًا، أو أنك ضيَّعت وقتك في النميمة ما بين القيل والقال عن هذا وذاك، فتخرج حينذاك مفلسًا، فإذا أحاطت بك الظروف ووجدتَ نفسك ستدخل في معمعة الغيبة والنميمة، فلتنهض مسرعًا واضعًا يدًا في أُذنك، واليد الأخرى على فمك، وحدِّث نفسك ومن حولك أن يتقوا الله في كلماتهم.
كثرة الطعام: ومن مُفسدات الصوم أيضًا كثرة الطعام والشراب أنه شهر عبادة، وعمل، وجد، واجتهاد، وليس لكي تملأ وعاء بطنك بكثرة ألوان الطعام، يأتي شهر رمضان فتجعل زوجتك أو والدتك أو أختك، تعد ما لذ وطاب، وكأن جيشًا سيأكل فتُجهدهن معك في الوقوف لتنوع مائدة الطعام وأنت تأكل وتشرب، فتمتلأ وتشبع، فلا تستطيع الذهاب إلى الصلاة من كثرة ما أكلت، وهنَّ كذلك لا يستطعن الوقوف للعبادة؛ فيخرج من في المنزل جميعًا مفلسًا من شهر عظيم بسبب تنوُّع مائدة الإفطار، لا صلاة في المسجد ولا ذكر ولا عبادة، ولا قيام ليلٍ، وكل هذا لأن النفس جعلت من شهر رمضان مأكلًا ومشربًا، لا شهر عبادة، واغتنام لفرصة التغيير، والإصلاح والبدء من جديد.
إذًا فليكن جوعك ومَطعمك في شهر رمضان جوع للعبادة، جُعْ واعطش، فلن يَرويك غير كثرة اغتنام الحسنات من كل أنواع العبادات، فاحذروا إخوتي في الله أن نجعل شهر الرحمة والعطاء والمغفرة والعتق، يذهب فنتحسر عليه بسبب مفسدات ومحبطات أجور الصوم؛ فلنتجنب أن نكون صائمين، ولكن مفلسين!