{الذين يتكبرون في الأرض} احذر هذا الصنف من الناس
هناك نموذج من الناس لا يستريح إلا وهو يضع نفسه في موقع التعالي على غيره، وتمتلئ مشاعره بالغرور والتكبر، بل يفرض نفسه فوق من حوله، ويرى نفسه دائمًا على صواب وغيره على ضلال، بل قد يتطاولون على غيرهم بما لا يليق وكأنهم أوصياء على الناس..
- التصنيفات: مساوئ الأخلاق -
هناك نموذج من الناس لا يستريح إلا وهو يضع نفسه في موقع التعالي على غيره، وتمتلئ مشاعره بالغرور والتكبر، بل يفرض نفسه فوق من حوله، ويرى نفسه دائمًا على صواب وغيره على ضلال، بل قد يتطاولون على غيرهم بما لا يليق وكأنهم أوصياء على الناس، وأنهم في مكانة لا تليق إلا بهم وحدهم، ولا يقبل النصيحة أو التوجيه من غيره.
هذا الصنف من الناس قد يوجد في كل تجمُّع أو قرية أو وظيفة أو مؤسسة. وهذا ما ذكره الله لنا في القرآن الكريم {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [الأنعام: 123].
وقد برز هذا بشكل فج وواضح كما نشاهده في الآونة الأخيرة مع انتشار وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، حيث وصل ببعضهم أن يفتي في الدين بغير علم ويجادل بالباطل {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [الحج: 8].
هذا النموذج من الناس نصادفه بوصفه وسمته وملامحه هذه، فنراه كأنما يتجنب الرشد ويتبع الغي دون جهد منه، ودون تفكير ولا تدبير! فهو يَعْمَى عن طريق الرشد ويتجنبه، وينشرح لطريق الغي ويتبعه! وهو في الوقت ذاته مصروف عن آيات الله لا يراها ولا يتدبرها! وسبحان الله!
هذا النموذج من الناس يكون شاخصًا بارزًا للآخرين حتى ليكاد الآخرون يقولون إني لأعرف هذا الصنف من الناس.. إنه فلان!
لقد انتشر صيت هؤلاء بهذه الصفات، وقد وصفهم الله في كتابه الكريم منذ زمن بعيد:{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 146].
لقد كان غضب الله عليهم عظيمًا؛ لذلك كان وعيد الله لهم بأنه سيطبع على قلوبهم؛ لأن هؤلاء يعدون أنفسهم كبراء، ويرون أنفسهم أعلى شأنًا من غيرهم، مع أنهم أجهل الناس عقلًا، وأتعسهم حالًا.
وهذا شأن من مرد على الضلال، وانغمس في الشرور والآثام؛ إنه لإلفه المنكرات صار الحسن عنده قبيحًا والقبيح حسنًا، وصدق الله إذ يقول:
{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} [فاطر: 8]، هذا الصنف من الناس هو أساس الشر كله ومنه ينبعث.
لقد أصبح فسادهم في المجتمعات بالغ الخطورة؛ لأنهم يبثون الشرور والسموم في حياة الناس ويقفون عثرة أمام كل حق.
ومن هنا يجب الحذر كل الحذر من الاستماع لهؤلاء أو الانقياد وراءهم، {وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: 77]، {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} [الأنعام: 113].
_____________________________________________
الكاتب: أ. د. فؤاد محمد موسى