مسألة التعقيب في رمضان

التعقيب عندهم هو: صلاة الناس جماعةً أولَ الليل مع صلاة الوتر، ثم الرجوع إلى الصلاة جماعةً مرة أخرى في آخر الليل.

  • التصنيفات: فقه الصلاة - ملفات شهر رمضان -

التعقيب عندهم هو:

صلاة الناس جماعةً أولَ الليل مع صلاة الوتر، ثم الرجوع إلى الصلاة جماعةً مرة أخرى في آخر الليل.

 

أو: صلاة الناس جماعة أول الليل دون صلاة الوتر، ثم الرجوع إلى الصلاة جماعة مرة أخرى في آخر الليل مع الوتر.

 

قال المروزي: وَهُوَ رُجُوعُ الناسِ إِلَى الْمَسْجِدِ بعد انْصِرَافِهِمْ عَنْهُ.

 

كيف كان الصحابة يُصلون قيام الليل؟

الصحابة رضي الله عنهم جماعةٌ منهم كانوا يُصلون أول الليل جماعةً، ثم لا يعودون إلى المسجد للصلاة جماعةً مرة أخرى، وجماعة منهم كانوا ينامون أول الليل ثم يُصلون في آخر الليل.

 

جاء في موطأ الإمام مالك قول الإمام عمر رضي الله عنه: نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون فيها، يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوَّله.

 

أقوال السلف في التعقيب:

جاء عند ابن أبي شيبة: عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا يَرْجِعُونَ إِلَى خَيْرٍ يَرْجُونَهُ، وَيَبْرَؤُونَ مِنْ شَرٍّ يَخَافُونَهُ.

 

وجاء عن أنس رضي الله عنه قول آخر: عَنْ مَكْحُول عن أَنَس أَنهُ سُئِلَ عَنِ التعْقِيبِ فِي رَمَضَانَ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا فِي الْبُيُوتِ؛ ذكره الخطابي، وأشار إليه الإمام أحمد.

 

وعند ابن أبي شيبة: عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ: أَنَّهُمَا كَانَا يَكْرَهَانِ التَّعْقِيبَ فِي رَمَضَانَ.

 

عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّهُ كَرِهَ التَّعْقِيبَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا تُمِلُّوا النَّاسَ.

 

وعند المروزي: وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرَ أَنهُ كَرِهَ التعْقِيبَ فِي رَمَضَانَ.

 

وقال أبو داود في سؤالاته: سمعت أحمد سُئل عن التعقيب في رمضان؟

قال: عن أنس فيه اختلاف.

 

قال ابن رجب في الفتح:

"واختلفت الرواية عن أحمد في التعقيب في رمضان، وهو: أن يقوموا في جماعة في المسجد، ثم يخرجوا منه، ثم يعودوا إليه، فيصلوا جماعةً في آخر الليل.

 

وبهذا فسَّره أبو بكر عبد العزيز بن جعفر وغيره من أصحابنا.

 

فنقل المروذي وغيره، عنه: لا بأس به، وقد رُوي عن أنس فيه.

 

ونقل عنه ابن الحكم، قالَ: أكرَهه، أنس يروى عنه أنه كرِهه، ويروى عن أبي مجلز وغيره أنهم كرهوه، ولكن يؤخرون القيام إلى آخر الليل، كما قال عمر.

 

قال أبو بكر عبد العزيز: قول محمد بن الحكم قول له قديمٌ، والعمل على ما روى الجماعة، أنه لا بأس به؛ انتهى.

 

وقال الثوري: التعقيب محدث.

 

ومن أصحابنا مَن جزَم بكراهيته، إلا أن يكون بعد رَقدة، أو يؤخره إلى بعد نصف الليل، وشرطوا أن يكون قد أوتَروا جماعةً في قيامهم الأول، وهذا قول ابن حامد والقاضي وأصحابه، ولم يشترط أحمد ذلك.

 

وأكثر الفقهاء على أنه لا يُكره بحالٍ.

 

وكرِه الحسن أن يأمر الإمامُ الناس بالتعقيب لما فيهِ من المشقة عليهم، وقال: من كانَ فيهِ قوة فليجعلها على نفسه، ولا يجعَلْها على الناس".

 

وخلاصة المسألة: جاء في سؤالات الكوسج:

"قال إسحاق: وأما الإمام إذ صلى بالقوم ترويحة أو ترويحتين، ثم قام من آخر الليل، فأرسل إلى قوم فاجتمعوا، فصلى بهم بعد ما ناموا، فإن ذلك جائزٌ، إذا أراد به قيامَ ما أمر أن يصلي من التراويح، وأقل من ذلك خمسة.

 

مع أن أهل المدينة لم يزالوا من لدُن عمر رضي الله عنه إلى زماننا هذا يصلون أربعين ركعة في قيام شهر رمضان، يُخففون القراءة.

 

وأما أهل العراق، فلم يزالوا من لدن علي رضي الله عنه إلى زماننا هذا على خمس ترويحات.

 

فإما أن يكون إمام يصلي بهم أول الليل تمام الترويحات، ثم يرجع آخر الليل، فيصلي بهم جماعةً، فإن ذلك مكروه، ألا ترى إلى قول عمر رضي الله عنه؛ حيث قال: التي تنامون عنها خيرٌ من التي تقومون فيها، فكانوا يقومون أول الليل، فرأى القيام آخر الليل أفضل.

 

فإنما كرِهنا ذلك لِما رُوي عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وسعيد بن جبير رحمه الله تعالى من كراهية التعقيب".

 

والحمد لله ربِّ العالمين.