من القربات في رمضان: تلاوة القرآن

القرآن هو كلام الله جل جلاله، ويا له من شرف أن يكون بإمكاننا أن نلمس هذا الكتاب العظيم بأيدينا، ونمرر حروفه المنيرة على شفاهنا وألسنتنا..

  • التصنيفات: القرآن وعلومه - ملفات شهر رمضان -

القرآن هو كلام الله جل جلاله، ويا له من شرف أن يكون بإمكاننا أن نلمس هذا الكتاب العظيم بأيدينا، ونمرر حروفه المنيرة على شفاهنا وألسنتنا، وفوق هذا وذاك نثاب أيضًا، قال تعالى في سورة فاطر: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} [فاطر: 29]، ومن فضل الله علينا أن يكون أجر التلاوة مضاعفًا، فلنا بكل حرف نقرأه حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، أي: إن لنا في كل جزء من القرآن آلاف الحسنات، إنه سوق الحسنات قد نصب فلا تضيعه، ففي الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف»؛ (رواه الترمذي).

 

وفوق هذا وذاك، فالقرآن يعمل في قلوبنا فينشر فيها النور والهدى والشفاء، قال تعالى في سورة الشورى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52]، وقال جل جلاله في سورة المائدة: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15، 16]، وقال تعالى في سورة الإسراء: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: 82].

 

 

كما أن القرآن يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه:

فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان»؛ (رواه أحمد) ، وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه»؛  (رواه مسلم).

 

 

وقد شرف الله حامل القرآن:

فقد رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشراف أمتي: حملة القرآن، وأصحاب الليل»؛  (رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي).

 

 

وقد جعل الله جل جلاله القرآن مذكرًا لنا وسببًا لتقوى الله:

قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} [طه: 113]، ولكن الذي يتعظ بالقرآن ويتذكر به هو من يخشى الله ويخاف وعيده، قال تعالى: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: 45].

 

وهناك علاقة قوية بين القرآن وشهر رمضان:

فالله جل جلاله قد أنزل القرآن في رمضان، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]، وقد كان جبريلُ عليه الصلاة والسلام يُدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان، فما أحلى أن تجلس في رمضان جلسة القرآن بالمسجد تلاوة أو تدارسًا لمن تيسر له ذلك، مع أصحاب يذكرونك بالله ويعينوك على طاعته، فتحيط بكم الملائكة وتتنزل عليكم الرحمات، وفوق هذا وذاك يذكركم الله فيمن عنده، ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغشِيتهم الرحمة وحفَّتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده» (رواه مسلم).

 

 

وتذكر أن القرآن ليس مجرد كلمات تُقرأ وإنما هو منهج حياة:

فقد أنزله الله علينا لنعمل به، وليس لنقرأه فقط، ففي الحديث الصحيح: عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «القرآن شافع مشفع، وماحل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار»؛  (رواه ابن حبان في صحيحه) ، ومعنى ماحل مصدق؛ كما قال المناوي: مَن شهد عليه القرآن بالتقصير والتضييع فهو في النار.

______________________________________________

الكاتب: هيام محمود