مساجدنا حياة في رمضان
الهدفُ أن يصبح المسجدُ - وخصوصًا في شهر رمضان؛ لقُرْب الناس من المساجد، واستعداد الناس للموعظة - وسيلةً ناجعة لأمراض الأمَّة، وما تعاني منه من مشاكل وأمراض.
- التصنيفات: - آفاق الشريعة -
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد:
فإنه يُسعدُني أن أتقدَّم بهذا التصوُّر لمساجدِنا في شهر رمضان، سمَّيْتُه: (مساجدنا حياة)؛ لأن المسجدَ العامرَ بالعلمِ والإيمان به حياة القلوب، وتُنار به الأفئدة، وتُرْوَى به الأعضاء والجوارح.
ويأتي هذا التصوُّر لإحياء المساجد في رمضان، والأمة الإسلامية بها من المشاكلِ الكثيرُ، فالهدفُ أن يصبح المسجدُ - وخصوصًا في شهر رمضان؛ لقُرْب الناس من المساجد، واستعداد الناس للموعظة - وسيلةً ناجعة لأمراض الأمَّة، وما تعاني منه من مشاكل وأمراض.
وقد ركَّزْتُ في هذا التصوُّر على الجانب العلمي والثقافيِّ، المَنُوط بالمسجد، وسلَّطْتُ الضوءَ على أهمِّ المشاكل التي تُعاني منها مجتمعاتُنا الإسلاميَّة، وقد صُغْتُ ذلك بطريقةٍ تربويَّة: صياغة الأهدافِ، وذكر الوسائلِ، والإشارة إلى المصادرِ.
الهدف الأول: أن يصومَ المسلمون صيامًا صحيحًا، تتحقَّق فيه مقاصدُ الصيام الحقيقيَّة، بعيدًا عن التشدُّد والتكلُّف، ومُراعًى فيه المستجدَّات والنوازل التي ألمَّت بالمسلم في عصور الحَداثةِ والانفتاح.
الوسيلةُ: هنا يأتي دورُ (فقه الصيام)، هذا الفقه الذي بذل فيه الفقهاءُ مجهودًا ضخمًا.
ويتلخَّصُ دور الخطيب في الحديث عن فقه الصيام في الآتي:
♦ أن يعتمدَ على المصادر الموثوقة والأصليَّة، وأن يبتعد في بيانِ الحكم الشرعيِّ عن المصادر الجاهزة (وأغلبُها موجود على الإنترنت).
♦ أن يَذكرَ الحكمَ مرتبطًا بدليله، مبيِّنًا المقاصدَ الشرعية في كلِّ دليل.
♦ ألَّا يَغفلَ عن المستجدَّات المعاصرة، والنوازل التي ألمَّت بالمسلم في العصر الحديث.
♦ أن يركِّز على مقاصد الصيام، وأن يبتعدَ عن الآراء التي تعجز عن مخاطبةِ المسلم المعاصر.
♦ أن يعمِّق في الجمهور الاختيارَ على أساس الدليل، وأن يفتيَ بالأيسر إذا كان موافقًا للدليل، وأن يُوضِّح مسائلَ الخلاف.
المصدر:
♦ فقه الصيام: يوسف القرضاوي - محمد إبراهيم الحفناوي.
الهدف الثاني: تحديدُ المشكلات التي تعاني منها المجتمعاتُ الإسلامية، وصياغتها صياغةً دقيقة: محدَّدة الأهداف، واضحةَ المعالم.
وتبدو أهمُّ المشكلات التي تعاني منها مجتمعاتُنا في الآتي:
♦ مشكلات الانحلالِ الخُلُقي، وتفشِّي الرذائل.
♦ مشكلات هَدْر الأوقات، وضياع العمر.
♦ مشكلات الأسرة (الزوجية - تربية الأولاد).
♦ مشكلات تتعلَّق بعدم مراعاة الأولويَّات، والإسراف والتبذير في قضاء الحاجات.
♦ مشكلات تتعلَّق بالتبعيَّة والتقليد الأعمى للعادات والأعراف.
♦ مشكلاتٌ تتعلَّق بالعَلاقات المجتمعيَّة، وكيفية تحقيق السِّلْم المجتمعيِّ.
الوسيلة: هنا تأتي مجموعةٌ من الأخلاق التي حثَّنا عليها الإسلام، وأهمُّها:
♦ القَصْد والعفاف.
♦ الحياءُ.
♦ اختيارُ الأصدقاء.
♦ الرحمة.
♦ العلم والعقل.
♦ الإخاءُ.
♦ الانتفاعُ بالوقت، والاتِّعاظ بالزمن.
المصدر:
♦ خلقُ المسلم: محمد الغزالي.
♦ تربية الأولاد في الإسلام: عبدالله ناصح علوان.
الهدف الثالث: الارتقاء الإيماني.
فرمضانُ هو شهر الارتقاءِ الإيماني، والقُرْب من الله تعالى.
الوسيلة: الحديث عن هذه القيم:
♦ أهميَّة القرآن الكريم.
♦ أهميَّة التقوى.
♦ الشكر.
♦ محبَّة الله.
♦ وصفُ الجنة والنار.
المصدر:
♦ مختصر منهاج القاصدين: ابن قدامة المقدسي.
♦ رياض الصالحين: الإمام النووي.
هذه هي بعضُ القيم والسلوكيَّات والأخلاق القادرة على تحقيق: الفرد المسلمِ الصادق، والأسرة القويَّة، والمجتمع المُتماسِك.
ولا أنسى في نهاية هذا التصوُّر إلا أن أذكرَ بعضَ الوصايا المهمَّة:
♦ أولى وسائل حلِّ المشكلة الإحساسُ بها، ولا يستطيعُ الإمام أن يغيِّر إلا أن يستحضرَ خطورةَ المشاكلِ التي يعاني منها المجتمعُ المسلم.
♦ لا يَملِكُ الخطيب إلا البلاغَ، وبمقدار جُهدِنا وتحضيرنا نستطيعُ أن نُحدِثَ التغيير المنشودَ.
♦ القُدْوة من أهمِّ عوامل النجاح، ففعلُ رجلٍ في ألف رجلٍ، خيرٌ من قول ألف رجلٍ في رجلٍ.
♦ الأملُ في التغيير، فبدونِ الأمل تصبح كلماتُنا ميِّتةً لا روح لها.
♦ الدعاءُ سلاحُنا، والتوكُّلُ على الله ميدانُنا.
اللهَ أدعو أن يتقبَّل هذا العمل، وأن يجعلَه في ميزان حسناتِنا، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.
___________________________________________
الكاتب: حسام العيسوي إبراهيم