كيف نكسب ليلة القدر؟
الليلة هي ليلة التاسع والعشرين من رمضان المبارك، وقد تكون هي ليلة القدر، وهي من أعظم الليالي، قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
أيها المسلم الكريم:
الليلة هي ليلة التاسع والعشرين من رمضان المبارك، وقد تكون هي ليلة القدر، وهي من أعظم الليالي، قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]، وهي الليلة التي مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ.
ومن الحرمان أن ترى بعض المسلمين يقضون هذه الفرصة النادرة فيما لا ينفعهم، فإذا جاء وقت القيام كانت أحوالهم ما بين نوم أو سمرٍ، أو غيبة، أو متابعة الأفلام والمسلسلات!
فيا ترى كيف نكسب ليلة القدر؟ كيف نُكْتَبُ من الفائزين بليلة القدر؟
ينبغي للمسلم الحريص على طاعة الله أن يهتم بهذه الليلة ويحرص على قيامها إيمانًا بها، وطمعًا في أجرها العظيم، وذلك:
أولًا: تطهير الظاهر والباطن: قال ابن رجب (رحمه الله): "يُستحبُّ في الليالي التي تُرجى فيها ليلة القدر التنظفُ، والتطيب، والتزين بالغُسل، والطيب، واللباس الحسن، ولا يَكْمل التزيُّن الظاهر إلا بتزيين الباطن؛ بالتوبة والإنابة الى الله تعالى".[1]
ثانيًا: الدعاء والصدقة: عند غروب الشمس ادعُ الله تعالى أن يعينك على قيام ليلة القدر، واحرص على أن تفطِّر صائمًا، وجهز صدقتك لهذه الليلة، ولا يفتر لسانك من دعائك بـ «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»، وخاصة في الثلث الأخير من الليل.
ثالثًا: صلِّ صلواتك بخشوع: وحافظ على صلاة العشاء والفجر بجماعة، ولا تفوتك صلاةُ التراويح، وصلاة القيام، وتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ...». [2]
رابعًا: التفرغ للعبادة من غروب الشمس الى الفجر: وذلك بإغلاق الفضائيات، ومواقع التواصل الاجتماعي التي سرقت أغلب أوقاتنا، وقطع علاقاتك مع الناس، لأن الليلة ليست ليلة المسلسلات ولا ليلة التصفح في مواقع التواصل، ولا ليلة القال والقيل، بل هي ليلة القرآن، والدعاء، والصلاة، والاستغفار، فالعَمَلُ الصالح فيها خيرٌ مِنَ العَمَلِ في ألفِ شَهرٍ، فمحروم والله من فرّط في ليلة القدر ليلة العزِّ، ليلة الكنز، ليلة الفوز.
خامسًا: الاجتهاد ليلًا ونهارًا: فليلة القدر كنهارها فلا تغفل عن ذلك، فقد ذهب العلماء إلى اعتبار ليلة القدر كنهارها في لزوم الاجتهاد في العمل الصالح، قال الإمام الشافعي (رحمه الله): "أَسْتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ اجْتِهَادُهُ فِي يَوْمِهَا، كَاجْتِهَادِهِ فِي لَيْلَتِهَا". [3]
فيا رب بلغنا ليلة القدر، ولا تحرِمنا نورها، وبركتها، وأجرها، وعتقها، واجعل لنا فيها دعوة لا ترد، وافتَح لنا فيها بابًا إلى الجنة لا يسد، واكتبنا فيها من عتقائك من النار، ووالدينا، وكل من نحب والمسلمين أجمعين يا رب العالمين.
ونسألك لنا وللمسلمين الحفظ، والسلامة، والعافية من كل داء، وحسن الختام، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] لطائف المعارف لابن رجب (ص: 189).
[2] صحيح البخاري، كتاب فضل ليلة القدر - باب فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ: (3/ 59)، برقم (2014)، وصحيح مسلم، كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا- بَابُ التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ، وَهُوَ التَّرَاوِيحُ:(1/ 523)، برقم (760).
[3] المجموع شرح المهذب للنووي: (6/ 451).
_________________________________________________
الكاتب: د. محمد جمعة الحلبوسي