كيف تعيش يومك سعيدا؟

الكثير من الناس يشعرُ بالضيق والهمِّ والضجر منذ الصباح، فيُحوِّل حياته وحياة أسرته لهمٍّ وكدر، وفي حقيقة الأمر هناك أمورٌ ينبغي على الفرد المسلم ممارستُها يوميًّا؛ فهي مجرَّبة، وأحببت أن أنقلها لغيري للاستفادة، كيف تعيش سعيدًا؟

  • التصنيفات: تزكية النفس - مجتمع وإصلاح -

الكثير من الناس يشعرُ بالضيق والهمِّ والضجر منذ الصباح، فيُحوِّل حياته وحياة أسرته لهمٍّ وكدر، وفي حقيقة الأمر هناك أمورٌ ينبغي على الفرد المسلم ممارستُها يوميًّا؛ فهي مجرَّبة، وأحببت أن أنقلها لغيري للاستفادة، كيف تعيش سعيدًا؟

 

أقول: إن العيش بالسعادة مرتبطٌ بقرب الإنسان من ربِّه أكثر، وهناك أمور يومية تساعدك على ذلك، ومِن هذه الأمور التي تبعث السعادةَ اليومية:

1- صلِّ الفجرَ في جماعة، وتذكَّرْ قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَن صلى الفجر في جماعة، فهو في ذمة الله حتى يُمسِي»، حينها تأكد أنك ستعيش يومًا هادئًا بعيدًا عن الضغوط النفسية في العمل، ستعيش يومًا مليئًا بالروحانية.

 

2- اقرَأْ ما تيسَّر من آيات القرآن الكريم؛ فالقرآنُ له روحانية كبيرة، وتأثير في نفس الإنسان، لكن لقراءته بعد صلاة الفجر روحانية خاصة، تبعث في النفس طُمأنينة، وهدوءًا يلازمه طوال يومه، قال تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78].

 

3- انتظر حتى تُشرِق الشمس وصلِّ ركعتين؛ كي يُكتب لك أجر حجة وعمرة كاملة؛ حيث جاء من حديث أنسٍ عند الترمذي - وكذلك من حديث ابن عمر[1] وأحاديث أخرى في هذا الباب عند الطبراني وغيره، وهذه الأحاديث بمجموعها عند جمعٍ مِن أهل العلم من باب الحسن لغيره - أن «مَن صلَّى الفجر في جماعة ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كتب له أجر حجة وعمرة تامة»[2]، وفي رواية عند الطبراني: «وصلى سبحة الضحى»[3].

 

4- ابتسِمْ:

ابتسم بعد خروجك من المسجد، فقد لا تجد ما تُنفِق من الصدقات على الآخرين، فالتبسُّم في وجه أخيك صدقةٌ؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «تبسُّمُك في وجه أخيك صدقة».

 

5- أعطِ الطريق حقَّها:

وأنت ذاهب لأي مكان رُدَّ السلام على مَن تلقى في الطريق، ارفع الأذى من الطريق؛ فعن عمران بن الحصين رضي الله عنهما، أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: السلام عليكم، فردَّ عليه، ثم جلَس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عَشْرٌ»؛ [يعني عشر حسنات]، ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فردَّ عليه فجلس، فقال: «عِشْرُونَ»، ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فردَّ عليه فجلس، فقال: «ثَلاثُونَ»[4].

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إماطة الأذى عن الطريق صدقة»[5].

 

6- تبسَّمْ في وجه أهلك وبادِرْهم بالسلام، إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «تبسُّمك في وجه أخيك صدقة»، فكيف بأهلك وأولاد؟ فالابتسامة مِفتاحُ القلوب.

 

فعَلاقاتك مع زوجتك يجب أن تكون مودَّة ورحمة، فما أجمل أن تبدأ يومك بالابتسامة الجيدة، والتودُّد والهدوء أثناء مخاطبتك لزوجتك! قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].

 

7- اذهَبْ لعملِك مبكرًا، وبادِرْ جميع زملائك في العمل بالسلام والابتسامات؛ فهي مِفتاح للقلوب، وابدَأْ عملك بهمَّة وإخلاص؛ كي يبارك اللهُ لك في مالك، ويزيدك من الخير الكثير، يقول عليه الصلاة والسلام مخاطبًا سعد بن أبي وقاص: «يا سعدُ، إنكَ لن تُخلفَ فتعملَ عملًا تبتغي به وجه الله تعالى، إلا ازددتَ به خيرًا ودرجةً ورِفعةً»؛ (أخرجه البخاري ومسلم).

 

8- بعد عودتك من عملك، صِلْ رَحِمَك؛ فذلك يزيد من الخير والرزق، فتتفتح لك أبواب الرزق، ويبارك الله لك في مالك من حيث لا تحتسب، كما أنه عملٌ يُدخِل الشخص الجنة؛ فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبِرني بعمل يُدخِلني الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تعبُدُ الله، ولا تُشرِك به شيئًا، وتُقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتَصِل الرحم»[6].

 

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرحم شُجْنةٌ متمسكة بالعرش، تكلَّمُ بلسان ذُلَق: اللهم صِلْ مَن وصلني، واقطع مَن قطعني، فيقول تبارك وتعالى: أنا الرحمن الرحيم، وإني شققتُ للرحم من اسمي؛ فمَن وصلها وصلتُه، ومَن بتكها بتكته»[7].

 

9- صلِّ جميعَ الصلوات جماعةً بالمسجد، فذلك يزيد من حسناتك، ويزيد من قوة إيمانك، ويبعثُ في النفس الطمأنينة، والرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «صَلاة الرَّجُل في جماعةٍ تَضْعُفُ على صلاته في بيته وفي سُوقِهِ خمسًا وعشرين ضِعْفًا؛ وذلك أنَّه إذا توضَّأ فأحسنَ الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يُخْرِجه إلا الصلاة، لم يَخْطُ خطوةً إلا رُفِعَتْ له بها درجة، وحُطَّ عنه بها خطيئة، فإذا صلَّى لَم تزَل الملائكة تُصلِّي عليه ما دام في مُصلَّاه، تقول: اللَّهم صلِّ عليه، اللَّهم ارحمه - وفي رواية: ما لم يُحْدِث فيه، ما لم يُؤْذِ فيه - ولا يزال أحدكم في صلاةٍ ما انتظرَ الصلاة»[8].

 

وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "مَن سَرَّه أن يَلْقى الله غدًا مُسلِمًا، فلْيُحافِظْ على هؤلاء الصَّلواتِ حيثُ يُنادَى بهن؛ فإنَّ الله تعالى شرع لنبيِّكم سننَ الهدى، وإنَّهن من سُنن الهدى، ولو أنَّكم صلَّيتم في بيوتكم كما يُصلِّي هذا المتخلِّفُ في بيته، لترَكْتم سُنَّة نبيِّكم، ولو تركتم سُنَّة نبيكم لضَللتُم، وما مِن رجل يتطهَّر فيُحسِن الطُّهور، ثم يَعْمَدُ إلى مسجدٍ من هذه المساجد، إلا كتب الله له بكلِّ خطوةٍ يَخْطوها حسنةً، ويرفعه بها درَجة، وَيَحُطُّ عنه بها سيئة، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلا منافقٌ معلوم النِّفاق، ولقد كان الرَّجل يُؤتَى به يُهادَى بين الرجلين حتَّى يُقام في الصَّف"[9].

 

10- اقرَأْ جزءًا من القرآن يوميًّا؛ كي يزداد الإيمان في قلبك، ويدخل النور إليه، كما أن لقراءة القرآن أثرًا على الشخص في حياته الدنيوية والأخروية؛ فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه»؛ (رواه مسلم).

 

بهذه الأمور العشرةِ يمكن للشخص أن يعيش يومه بطمأنينة وهدوء وراحة بال، والسعادة لا تفارقه؛ لكونه التجأ إلى الله عز وجل واهبِ الحياة والسعادة.

 


[1] أخرجه الطبراني في الأوسط (5602)، وقال: لم يروِ هذا الحديث عن مالك بن مغول إلا الفضل بن موفق، والفضل هذا، قال فيه أبو حاتم: ضعيف الحديث، كان يروي أحاديث موضوعة؛ انظر الجرح والتعديل (7/ 68).

[2] أخرجه الترمذي رقم (586)، ومن طريقه البغوي في شرح السنة (3/ 221)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 317)، وحسَّنه الألباني في صحيح الترمذي، رقم (480).

[3] أخرجه الطبراني رقم (317)، وقال الألباني في صحيح الترغيب (469): حسن لغيره.

[4] رواه أبو داود (5195)، والترمذي (2689)، وقال: حديث حسن، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

[5] رواه مسلم (1668)، وأبو داود (1285).

[6] البخاري - الفتح 3 (1396)، واللفظ له، ومسلم (14).

[7] الحديث له أصل في البخاري - الفتح 10 (5988)، والأدب المفرد، ومجمع الزوائد (5/ 151)، واللفظ له، وقال: رواه البزار، وإسناده حسن، والترغيب والترهيب (3/ 340)، وقال: إسناده حسن.

[8] البخاري (477)، (647)، ومسلم (649)، وأبو داود (559)، والترمذي (603)، وابن ماجه (281)، (786).

[9] مسلم (654)، وأبو داود (550)، والنسائي (2/ 108)، وابن ماجه (777).

_____________________________________________________________
الكاتب: عبدالخالق محمد منصور محمد