حديث: آخر أربعاء في الشهر، يوم نحس مستمر
الموسُوعَةُ المُيَسَّرَة، في الأحاديثِ الضَّعيفَةِ والموضُوعَة المُشتَهِرة، على ألسنة بعض النَّاس وفي بُطون الكُتب، وأثرها السَّيئ في الأمَّةِ
- التصنيفات: الحديث وعلومه -
تخريج حديث: «آخِرُ أَرْبِعَاءَ فِي الشَّهْرِ، يَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ»
(موضوع): رواه القاضي وكيع في "الغُرَر من الأخبار"، وابن مرْدَويه في "تفسيره"، والخطيب البغدادي في "تاريخـه" أيضاً، لكن بلفظ: من الشَّهر، عن ابن عبَّاس -رضي الله عنه- مرفوعاً.
وسنده ضعيف جداً، فيه مَسلَمة بن الصَّلْت، وهو: متروك الحديث، وفيه أيضاً من لا يُعرف حاله في الحديث، بالإضافة إلى عِلَّة أخرى وهي: الانقطاع.
وهذا الحديث أورده الحافظ ابن الجوزي في "الموضوعات" وقال عنه: لا يصّح، وأقرَّه السُّيوطي في "اللآلئ المصنُوعة"، وفي "الجامع الكبير"، ووافقهما الغُماري في "المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي".
وقال الإمام الذَّهبي في كتابه "مختصر الموضوعات": فيه مَسلَمة وهو متروك.
وقال عنه الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان": حديث منكر.
وقال الحافظ السَّخاوي في "المقاصد الحسنة": طرقه كلّها واهية.
وقال الإمام الشَّوكاني في "الفوئد المجموعة": رواه ابن مردَويه، وفي إسناده متروك.
وقال أيضاً في نفس الموضع: رواه الخطيب وفي إسناده كذاب.
والحديث موضوع كما جزم بذلك الإمام ابن الجوزي، والعلاَّمة الألباني، والدكتور بشار عوّاد البغدادي في تحقيقه: لتاريخ بغداد، والعلاَّمة المفسر الطاهر بن عاشور نقلاً عن بعض الأئمة، وأقرَّه على ذلك العلامة الدكتور بكر أبو زيد في "معجم المناهي اللفظية"، وغيرهم.
قلت: وفي هذا الحديث الموضوع دعوة ظاهرة إلى التَّشاؤم والتَّطير؛ حتَّى أنَّ من آثاره السَّيئة في بعض البلاد الإسلامية أنَّ بعض النَّاس يتشاءمون بهذا اليوم، ويتحاشونَ فيه السَّفر، وعقد الزواج، وعيادة المريض، وجميع الأمور المرجو فيها الخير؛ وهذا أمر قبيح جداً، واعتقاد باطلٌ ومذموم، إذ ليس في الأيام نحس ولا شُؤم، فهي كلّها لله سبحانه وتعالى لا تضر ولا تنفع بنفسها، وإنما الأمر بيد الله سبحانه وتعالى وحده.
وقد بيَّن الإسلام في نصوصه وأدلّته الكثيرة أنَّ التشاؤم ببعض الأيام، أو الطُّيور، أو الأشخاص، أو الأسماء، والألفاظ والبِقاع وغيرها، من عمل الجاهلية الأولى، وعاداتها السَّيئة والباطلة؛ ونهى عن التَّطير، وأخبر أنَّه شِرك، وبين أنه لا تأثير له في جلب نفع ولا دفع ضر، وأنَّ ذلك كلّه من إلقاء الشَّيطان ووسوسته؛ ودعا إلى ترك هذه البدع والمخالفات والابتعاد عنها، لما فيها من ضَرَرٍ على التوحيد والعقيدة[1].
[1] انظر: "كشف الخفاء" (3) للعجلوني، و"الموضوعات" (917) لابن الجوزي، و"الجامع الكبير" (13) للسيوطي، و"أسنى المطالب"(2) للحوت البيروتي، و"تنزيه الشريعة" (23) لابن عرَّاق، و"مختصر الموضوعات" (368) للذّهبي، و"تاريخ بغداد" (16 /584) للخطيب البغدادي، و"لسان الميزان" (6 /814) لابن حجر، و"الفوائد المجموعة" (1259) للشوكاني، و"المداوي" (1 /23) للغماري، و"ضعيف الجامع الصغير" (3)، و"السِّلسة الضَّعيفة" (1581) للألباني، و"معجم المناهي اللفظية" (ص/345) للدكتور بكر أبو زيد، و"الأحاديث الموضوعة التي تنافي توحيد العبادة" (2 /270) وغيرها.
وسيأتي مزيد على ذلك في آخر الكتاب في حديث: يوم الأربعاء، يوم نَحْسٍ مُسْتَمِر.