السمنة.. مرض العصر
يعاني كثير من الناس المداومة على بعض السلوكيات الخاطئة والعادات غير الحميدة في تناول الطعام، ويشكو الكثير منا من الإجهاد عن أداء أقل جهد أو كثرة الخمول وزيادة غير طبيعية في الرغبة في النوم والكسل...
- التصنيفات: فقه الأطعمة والأشربة - فقه الطعام والشراب -
يشكو الكثير منا في هذا العصر من أعراض غريبة، أو هي كذلك تبدو له، كأن يشعر بالإجهاد عن أداء أقل جهد أو كثرة الخمول وزيادة غير طبيعية في الرغبة في النوم والكسل أو تسارع نبضات القلب بصورة لم يعتدها، فتراه يذهب بأسرع وقت والخوف يملؤه لإجراء التحاليل والفحوص والأشعة على أغلب أجزاء الجسم، ويزداد تعجبه إن لم يجد ما كان يجول بخاطره من أمراض مستعصية أو أورام أو غيرها مما يدمر الصحة!!
ولا يعلم هذا وغيره أنه مصاب بالسمنة؛ إذ لا يهتم ولا يبالي بشكل جسمه، فلا وقت لديه للتفكير في هذا الأمر مع سرعة نمط حياته وشدة انشغاله للحصول على لقمة العيش.
وإذا ما فكر البعض ممن يشكو هذه السمنة –سواء أكانت مفرطة أم متوسطة– يجد أنه ليس شرها ولا يأكل كثيرا إلى حد يصيبه بهذا المرض المزعج.
في الحقيقة يعاني كثير من الناس المداومة على بعض السلوكيات الخاطئة والعادات غير الحميدة في تناول الطعام، إذ نجد أن أغلب الناس –خاصة في الدول العربية– لا تهتم إلا بأصناف اللحوم وعلى وجه الخصوص الحمراء منها مع الأرز، وتعتبر هذه هي الوجبة الرئيسة لهم، ولا تكاد ترى للخضر الطازجة مكانا، وإن احتوت الوجبة عليها فلا يجعل لها في معدته مكانا بعد ملئها بكمية من اللحم والأرز لا تدع مجالا لغيرها من الطعام ولا تبقي لها مكانا!
ثم بعد معرفة هذا الداء يحاول الكثير تعديل نظام الغذاء وذلك بالذهاب إلى أطباء التغذية ومحاولات متكررة لإيجاد الحل المناسب، ويذهب أحدهم إلى الطبيب وفي ظنه أنه سيجد له الحل بكل سهولة وبلا تعب أو بذل جهد في إعادة جسمه لحالته الطبيعية.
وكما يقال فالوقاية خير من العلاج، فمعرفة بعض المعلومات عما يحتويه غذاؤنا من قيمة عذائية وسعرات عالية لسنا في حاجة إليها، مع معرفة القدر الذي نحتاجه وفقا للعمر والوزن والجهد المبذول يوميا قد تجنبنا الكثير من المشقة والمال في محاولات يائسة للرجوع إلى الحالة الطبيعية أو الوزن المثالي وتجنب الكثير من الأمراض –بإذن الله– التي قد تسببها السمنة.
وهذه بعض المعلومات الميسرة التي يجب على كل من يهتم بصحته أن يعلمها ويضعها في ذهنه قبل الجلوس على مائدة الطعام، وهي مكونات الغذاء الأساسية:
1- الدهون: أنواعها:
أ- دهون مشبعة: تزيد من كمية الكولسترول في الدم؛ ولذلك ينصح كثير من العلماء بتحديد ما يؤخذ من الأغذية الغنية بالكولسترول وبالدهون المشبّعة.
ب- دهون غير مشبعة: تخفض الكولسترول في الدم؛ فقد نشر بعض الباحثين دليلاً يفيد أن انخفاض مستويات الكولسترول العالية في الدم يقلل من مرض القلب.
2- الكربوهيدرات:
تشمل الكربوهيدرات جميع السكريات والنشويات بالإضافة إلى بعض المواد الأخرى مثل السليلوز والجليكوجين.
وتكون 5 5% أو أكثر من مجمل عدد السعرات في أي نظام غذائي متكامل.
ومن الأغذية الغنية بالكربوهيدرات: الموز والخبز والذرة الشامية والمكرونة والبطاطس والأرز. وتحتوي بعض مصادر الكربوهيدرات -مثل الفواكه والخضراوات والحبوب- على كميات من الفيتامينات والمعادن. وتحتوي معظم أنواع الحلويات والمشروبات على نسبة عالية من السكر. وهذه المواد تفيد الجسم لأنها مصادر للطاقة فقط، ولذا فهي لا تعطي الجسم الفوائد الصحية التي يحصل عليها الجسم من الأغذية الكربوهيدراتية الأخرى.
3- البروتينات:
البروتينات موجودة في كل خلية، وهي أساسية لحياة النبات والحيوان. وأفضل مصادر البروتينات هي الجبن والبيض والسمك واللحم والحليب. وتسمى البروتينات الموجودة في هذه الأغذية البروتينات الكاملة؛ لأنها تحتوي على كميات كافية من جميع الحموض الأمينية الأساسية.
ويحصل الجسم على معظم احتياجاته من الطاقة من الكربوهيدرات والدهون، لكنه يستخدم البروتينات أيضًا للحصول على الطاقة عندما لا تستطيع الكربوهيدرات والدهون أن تفي باحتياجاته من الطاقة. وتنتج البروتينات حوالي أربعة سعرات من الطاقة لكل جرام أي نفس المقدار الذي تنتجه الكربوهيدرات.
إذن ما هي مفاتيح التغذية الصحية؟
يجب علينا أن نأكل وجبات متوازنة، أي تحتوي على جميع أنواع المغذيات ولكن في حدود، وذلك يختلف اختلافًا بيّنًا بحسب نوع الجنس والعمر، وأيضا بحسب النشاط الذي يبذله الشخص.
وباختصار شديد هذه بعض النصائح المفيدة في تحسين سلوكيات الطعام:
1- اجعل في وجبتك الألياف: فهي تنظم حركة الطعام داخل المعدة والأمعاء، وبذلك تساعد على منع الإمساك وعلى تفريغ الأمعاء، وتساعد على تخفيض الاضطرابات في المعى المستقيم والأمعاء الأخرى مثل داء البواسير، وربما أيضًا سرطان القولون والمستقيم. ومن بين مصادر الألياف الجيدة خبز الحبوب الكاملة والرقاق والفاصوليا والبازلاء والخضراوات والفواكه.
2- قلِّل من تناول الصوديوم والسكر: فالطعام المحتوي على كثير من الصوديوم قد يزيد من مخاطر ضغط الدم العالي، ويوجد في الخضراوات المحفوظة في العلب، وفي الوجبات المجمدة والمخللات، والجبن المصنع وملح الطعام والوجبات الخفيفة مثل شرائح البطاطس والمكسرات، فالحصول على الطعام الطازج قد يفيد من مخاطر زيادة الصوديوم، وأما السكر فيوجد في الحلوى والفطائر، وكثير من الرقائق التي تؤكل في وجبات الإفطار، والفواكه المعلبة المحلاة، كما أن استبدال هذه الحلوى بالفاكهة الطازجة قد يكون حلا لمن اعتاد تناول الحلوى بكثرة.
3- تقليل الدهون المشبعة في الطعام واستبدال الدهون غير المشبعة بها وأهم مصادرها زيت الزيتون وزيت السمك.
4- تعرَّفْ محتويات طعامك أكثر من حيث عدد السعرات والقيمة الغذائية حتى لا تضر جسمك بمواد قليلة القيمة الغذائية مرتفعة السعرات الحرارية.
5- لا تكثر من تناول الأطعمة المحفوظة أو المجمدة، واستبدل بها الطازجة، ولا تحفظها في بيتك لأوقات طويلة.
6- الإقبال على الخضراوات الطازجة والفاكهة خير لك من الحصول على الفيتامينات والمعادن عن طريق الأدوية والمغذيات الصناعية.
7- أكثر من شرب الماء، فهو عصب الحياة، ومفيد لكثير من حالات السمنة، وينقي الجسم من السموم، فحاول الحصول على كمية لا تقل عن 8 أكواب من الماء يوميا.
8- لا تأكل أكثر من احتياجاتك؛ فإن شعرت بالاكتفاء فقم من فورك وابتعد عن المائدة؛ فعن مقدام بن معدي كرب قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن؛ بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه» (صحيح الترمذي).
9- حاول الانتظام في أداء بعض التمارين الرياضية وبخاصة المشي فهو أيسر الرياضات على أصحاب الأوزان الثقيلة الذين قد يشق عليهم ممارسة الرياضات الأخرى.
المراجـع:
• مجلة الغذاء.
• الموسوعة العربية العالمية، الطبعة الثانية.
• ألف باء الغذاء، تأليف: هبة عطية.
_______________________________________________________
الكاتب: أ. مروة يوسف عاشور