الكلمات البذيئة على الأطفال
إن الكلمات البذيئة هي شكل من أشكال العدوان اللفظي الذي يُمارس على الآخرين، وينطوي الكلام البذيء على الشتم والسب والقذف والتعيير والتنقيص والاستهزاء.
- التصنيفات: التربية والأسرة المسلمة - تربية الأبناء في الإسلام -
قال الله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148]، وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن بالطعَّان ولا اللعَّان ولا الفاحش البذيء»؛ (الترمذي).
في دراسة أمريكية قديمة (1989 م) ذكرها الدكتور مصطفى أبو السعد في برنامج فضــــائي (نظرة شرعية - تعاملنا مع الأطفال): "عدد الكلمات البذيئة التي يستقبلها الطفل من الميلاد إلى سن 18 سنة تتراوح من 50 ألفًا إلى150 ألف كلمة سيئة".
إن الكلمات البذيئة هي شكل من أشكال العدوان اللفظي الذي يُمارس على الآخرين، وينطوي الكلام البذيء على الشتم والسب والقذف والتعيير والتنقيص والاستهزاء.
مثل كلمات (أنت غبي، طول عمرك حيوان، لا يعجبني شكلك..... )، تجعل هذه الكلمات الطفل يعجز عن فهم ما يريده المربي أو الوالدان فتطلق عليه هذه العبارات النارية، والتي يحس فيها الطفل بالمرارة والقهر.
بعض أولياء الأمور يأمر طفله بأن يشتري من البقالة أو صاحب الخضار، فيأتي وقد نسي بعض الأشياء فتنهال عليه أقبح الألفاظ (وين مخك يا غبي، أنا المخطئ بأن اعتمدت عليك......) مع أن الطفل تذكر معظم الأشياء إلا أن هذا اللسان لا يعرف إلا السوء من الكلمات، ولو طلب منه أن يرجع ويتأكد من المشتريات لانتهت المشكلة، ولو شكره على ذهابه وعلى شراء ما أراده الأب، ثم طلب منه أن يتأكد ويرجع لانتهت المشكلة.
وقد تتنوع الكلمات البذيئة الصادرة من الآباء والأمهات والمربين، والتي تكون سببًا في تدمير شخصية الطفل مثل:
• السب أو شتم الطفل بألفاظ تتضمن أوصاف الحيوانات، مثل: أنت (كلب، حمار، ثور، تيس، يا حيوان).
• الإهانة من خلال وصفه بأوصاف سلبية، والانتقاص منه مثل أنت (شقي، كذاب، قبيح، سمين، مفسد، أعرج، سارق).
• المقارنة بينه وبين أقرانه بطريقة بها الكثير من الاستهزاء، والتوبيخ، فإننا بذلك نشعره بالنقص والدونية.
• التهديد مثل (سأضرب راسك، أشرب من دمك، سأذبحك) والأب أو الأم لا يفهمان أثر هذا الأسلوب الخطير في نفسية الطفل المسكين الذي يتوقع في كل لحظة أنه مذبوح لا محالة.
• ترسيخ المعلومة الخاطئة مثل (الرجل لا يبكي، اسكت أنت لا زلت صغيرًا، هذا الولد أصابني بالجنون، أنا لا أقدر عليه، الله يعاقبك ويحرقك بالنار)، هذه المعلومات تثير البلبلة في ذهن الطفل.
إن الاعتداء الجسدي على الأطفال سرعان ما يذهب أثره، في حين أن الكلمات البذيئة تعتبر جرحًا للنفس من الصعب أن يلتئم، فهي تجعل الطفل يأخذ صورة مشوهة وسلبية عن نفسه؛ مما ينعكس على سلوكه وتعامله مع الآخرين.
ومن الآثار السلبية للكلمات البذيئة في الطفل، أن تجعله يفقد الإيجابية في نفسه ومع المجتمع؛ مما يجعله عدوانيًّا ويريد الانتقام من الآخرين. ومن الآثار أن تجعل الطفل عنيدًا جدًّا يصعب التعامل معه، ويتعمد فعل العكس تمامًا، وقد تكون الكلمات البذيئة سببًا في انحرافهم أو إصابتهم بأمراض نفسية، أو فشلهم في حياتهم العملية أو فقدان الثقة بأنفسهم.
إن الطفل شديد الملاحظة لكلِّ ما يدور حوله ولكل ما يسمعه، كما أنَّ ذاكرته تكون نقيَّةً وقابلةً لامتصاص أي أمر يكون حوله، ويتأثر به؛ لذا الواجب على الوالدين:
• أن يكونا هم أولًا قدوةً حسنة لأطفالهم في حسن كلامهم، وتهذيب لسانهم، وحسن اختيارهم لتعابيرهم وألفاظهم، فالطفل شديد التقليد لأبويه.
• أن يمنعوا أطفالهم من صداقة رفاق السوء، ومن اللعب في الشارع؛ فقد يتأثر الطفل بانحراف الأصدقاء السيئين ويتعلَّم عاداتهم، ويتلفَّظ بألفاظهم غير المقبولة.
• أن يتعلموا مخاطر الألفاظ السيئة والشتائم، وأثرها السيئ في شخصيات الأطفال، وأنَّ هذه الألفاظ تثير الحقد والبغضاء بين أفراد المجتمع الواحد.
• تقوية الوازع الديني في نفوسهم ونفوس أطفالهم بتلقينهم الأحاديث النبوية التي تحذر من السباب والشتم.
• التعرف على الآثار السلبية التي تقع على الأطفال بسبب هذا السلوك السيئ.
فرب كلمة من معلم أو أب أو أم جرحت الطفل وأثرت فيه حتى مراحل لاحقة من العمر؛ من شدة وقعها، ورب كلمة ساحرة أضاءت طريقًا وغيَّرت مسيرة الحياة.
أسأل الله أن يبعد عنا وعنكم سوء الأخلاق، وأن يجعل بيوتنا عامرة بالطاعة والعمل الصالح وحسن الخلق، وأن يصلح لنا ولكم الذرية، وصلى الله على سيدنا محمد.