عشر ذي الحجة وقوافل الذاكرين
محمد سيد حسين عبد الواحد
كان أبو هريرة وعبدالله بن عمر يأتيان السوق كل يوم من أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما لا يأتيان السوق إلا لذلك.
- التصنيفات: العشر من ذي الحجة -
أيها الإخوة الكرام: ليس هناك أسرع من الأيام!!
تمر بنا من غير أن نشعر بها، وتنقضي معها حياتنا الدنيا يوما بعد يوم لنفاجئ أننا أصبحنا أبناء الخمسين وأبناء السبعين، مضى الكثير ولم يبق إلا القليل، وما بيننا وبين لقاء الله تعالى إلا أقل القليل..
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم كما أحيانا على الإسلام أن يتوفنا مسلمين.. اللهم آمين .
اليوم هو يوم الجمعة، اليوم هو اليوم الثاني من أيام ذي الحجة، اليوم أحد أفضل أيام الدنيا كما وصفها النبي عليه الصلاة والسلام..
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : «كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذُكِرَتِ الْأَعْمَالُ، فَقَالَ : " مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ فِيهِنَّ أَفْضَلُ مِنْ هَذِهِ الْعَشْرِ ". قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ ؟ قَالَ : فَأَكْبَرَهُ، قَالَ : " وَلَا الْجِهَادُ، إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ رَجُلٌ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ تَكُونَ مُهْجَةُ نَفْسِهِ فِيهِ » ".
عشر ذي الحجة، والتي نحن اليوم في ثاني أيامها، هي أفضل أيام الدنيا لأسباب قد لا أستطيع أن أحصيها عدا..
عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا لأنها أيام حرم من شهر حرام..
عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا لأنها أيام حج البيت الحرام ولا ينعقد حج ولا يصح حج ولا ينفع حج إلا فيها..
عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا لأن المسلمين يجتمعون فيها على عبادة الله تعالى في مشهد لا يرى ولا يتكرر إلا من المسلمين..
عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا لأنها أيام التجلي.. ففيها يتجلى الإله العظيم سبحانه وتعالى على عباده ليلا ونهارا في سابقة لا تحصل في وقت من الأوقات إلا في عشر ذي الحجة..
عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا لأن فيها يوم عرفة وهو خير يوم طلعت فيه الشمس على مدار العام وسيأتي الحديث عنه عما قريب إن قدر الله البقاء واللقاء..
عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا لأن فيها يوم النحر أحد أعظم الأيام كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، هى أفضل أيام الدنيا لأن فيها النسك فيها إطعام الطعام حسبة وقربة إلى الله سبحانه وتعالى ..
عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفها بذلك فقال : " مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ، وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ..
عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا لأن الله تعالى جعل من هذه الأيام مناسبة لكل عمل صالح وبلا استثناء..!!
فهي أيام الحج المعلومات المذكورات في سورة الحج في قول الله تعالى { وَأَذِّن فِى ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، لِّيَشْهَدُوا۟ مَنَٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا۟ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِىٓ أَيَّامٍ مَّعْلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلْأَنْعَٰمِ ۖ فَكُلُوا۟ مِنْهَا وَأَطْعِمُوا۟ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ}
وإذا كانت عشر ذي الحجة هي أيام الحج فهى أيضا من أيام العمرة وفيها يزار البيت الحرام وفيها يكون التمتع بالعمرة إلى الحج والله تعالى يقول: { فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْىِ ۚ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٍ فِى ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ }
أسأل الله بأسماءه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقنا حج البيت الحرام وزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلّم .. اللهم آمين يارب العالمين .
وإذا كانت عشر ذي الحجة هي أيام حج وعمرة فهى أيضا من أيام الصيام تطوعا لله وتأسيا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ورد فيما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام عند أبي داود، عن بعض أزواج النبي عليه الصلاة السلام أنه كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، ويصوم يوم عاشوراء، ويصوم تسعا من ذي الحجة..
وورد عند النسائي وأحمد أيضا عن بعض أزواج النبي عليه الصلاة السلام أنه كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، ويصوم يوم عاشوراء، ويصوم تسعا من ذي الحجة..
وهى من أيام الصدقة وإطعام الطعام وإهراق الدم قربة إلى الله سبحانه وتعالى {وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَٰٓئِرِ ٱللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَٱذْكُرُوا۟ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا۟ مِنْهَا وَأَطْعِمُوا۟ ٱلْقَانِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَٰهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }
وهي من الأيام التي يذكر فيها اسم الله كثيراً في المناسك والمساجد والبيوت والأسواق فعَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : " «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ، وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ ؛ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ » ".
ولذلك كان أبو هريرة وعبدالله بن عمر يأتيان السوق كل يوم من أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما لا يأتيان السوق إلا لذلك..
الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلا، الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر..
رددوها في أنفسهم وفي بيوتكم وفي مجالسكم عملا بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلّم قال النبي عليه الصلاة والسلام " «فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ» ".
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.. اللهم آمين.
الخطبة الثانية
بقى لنا في ختام الحديث عن العشر الأول من ذي الحجة وبركاتها.. بقى لنا أن نقول:
إن هذه النفحات لا تأتي كثيرا.. فهى لا تأتي في العام إلا مرة واحدة قد تأتيك في وقت همة فتنهل من بركاتها، وقد تأتيك في وقت فترة فلا تظفر من بركاتها إلا بالقليل..
من هنا كان على العاقل أن يترقب مثل هذه النفحات، كان عليه أن يستعين بالله سبحانه وتعالى، من هنا كان على المسلم أن يهئ نفسه لهذه الأيام، على المسلم ان يعقد العزم أن يأخذ من بركات هذه الأيام نصيب الأسد..
بصيامه، بصلاته، بدعواته، بصدقاته، بصلة الأرحام، بإطعام الطعام، بتسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله لله رب العالمين..
ربنا سبحانه وتعالى يحب العمل الصالح في كل وقت لكنه في وقت من الأوقات يحبه أكثر، ويعطي عليه ثوابا أوفر ومن هذه الأوقات ( عشر ذي الحجة)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ ". يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالَ : قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ قَالَ : " وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» ".
فاغتنموها أيها المؤمنون ولا تضيعوها، كونوا فيها من الذاكرين ولا تكونوا من الغافلين أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلها شاهدة لنا وفي موازين حسناتنا يوم القيامة { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوٓءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُۥٓ أَمَدًۢا بَعِيدًا ۗ }
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت يا رب أقدامنا.... آمين.