عيد الأضحى .....
محمد سيد حسين عبد الواحد
أن تستسلم لله عز وجل أن تسلم الأمر إليه أن تؤمن بقضاءه وقدره أن ترضي بما كتب الله لك وهذا ما فعله ابراهيم عليه السلام ومعه ولده..
- التصنيفات: ملفات الحج وعيد الأضحي -
ورد عند أصحاب السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوما لأصحابه ««مَنْ يأخُذْ عَنِّي هؤلاء الكلمات فيعمل بِهِنَّ أو يُعَلِّمَ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ ؟ قال أبو هريرة فقلتُ أنا يا رسولَ الله فأخذ بيدي وَعَدَّ خَمْسا فقال اتَّقِ المحارِمَ تَكُنْ أَعبد الناسِ وارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس وأَحْسِنْ إِلى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنا وأَحِبَّ للناس ما تحب لنفسك تكن مُسْلِما ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تُميت القلب»»
أيها الإخوة المؤمنون أحباب رسول الله صلي الله عليه وسلم إن من بين الأسباب التي جعلت العشر أيام الأول من ذي الحجة خير أيام الدنيا أن فيها يومنا هذا , فعشر ذي الحجة أعظم الأيام عند الله سبحانه وتعالي لأن فيها يوم النحر ..
وما يوم النحر أيها المؤمنون ؟
يوم النحر هو يوم الحج الأكبر هو أحد أعظم الأيام عند الله تعالي ففيه تجتمع صور من العبادة قد لا تجتمع في غيره ففي يومنا هذا رمي جمرة العقبة الكبري بسبع حصيات وفيه نحر الهدي قربة إلي الله تعالي وفيه إطعام للبائس الفقير وفيه مواساة للقانع والمعتر وفيه الحلق أو التقصير وفيه التحلل الأصغر وقد يتمكن فيه الحاج من طواف الإفاضة وفيع التحلل الأكبر لذلك كان يومنا هذا يوم النحر أحد أعظم الأيام قدرا عند الله سبحانه وتعالي قال النبي عليه الصلاة والسلام
«« يَوْمُ عَرَفَةَ ، وَيَوْمُ النَّحْرِ ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلاَمِ ، وَهِىَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ » »
وعَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : " «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» ".
وفي هذا أيها المؤمنون المبارك أيضا شعيرة من شعائر الإسلام العظيمة وهي صلاة العيد صلاة يحضرها الشباب والشيبان ويحضرها الرجال والنساء حتي العواتق وذوات الخدور يخرجن لصلاة العيد ليشهدن الخير مع المسلمين..
دون أن يختلط هؤلاء بهؤلاء حتي المرأة الحائض والنفساء من السنة أن تخرج فتشهد صلاة العيد من غير أن تصلي .. فقط لتشهد الخير ودعوة المسلمين عملا بسنة النبي عليه الصلاة والسلام وفي سورة الحج الله سبحانه وتعالي يقول {(ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ} ) ويقول ( {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} )
قلت وفي يومنا نحر للإبل وذبح للبقر والغنم عملا بسنة الخليل ابراهيم عليه وعلي نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام ( { لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ } )
قلت ومع نحر الإبل ومع ذبح البقر والغنم صدقات علي الفقراء والأرامل واليتامي مع نحر الإبل وذبح البقر والغنم نفقات ومواساة ومعها عطايا ومعها هدايا وصلة أرحام قال الحكيم العليم سبحانه وتعالي ( {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} )
وفي يومنا هذا تكبير وتهليل في المجالس وفي المساجد
وفي البيوت وفي الأسواق وفي الطرقات الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد لهذه الأسباب ولغيرها يومنا هذا هو أحد خير أيام الدنيا عند الله عز وجل..
يوم النحر أيها المؤمنون هو يوم المحنة الكبري
وهو يوم النجاح الباهر للوالد المؤمن وللولد الصالح { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ}
هذه الآيات من سورة الصافات ماذا تقول ؟
هذه الآيات من سورة الصافات تقول إن الابتلاء سنة من سنن الله في خلقه وتقول إن أشد الناس ابتلاء هم الأنبياء وأكثرهم وأشدهم صبرا علي البلاء أولو العزم من الرسل ( نوح وابراهيم وموسي وعيسي ومحمد ) عليهم جميعا أفضل الصلاة وأتم السلام .
هذه الآيات من سورة الصافات تقول إن الله لا يعذب أحبابه لكنه يبتلي ما في قلوب أحبابه ويمحص ما في صدور أحبابه هذه الآيات من سورة الصافات تقول إن الله يبتلي عبده المؤمن وهو يحبه فـ " من يرد الله به خيرا يصب منه " كما قال النبي عليه الصلاة والسلام
ثم إن هذه الآيات من سورة الصافات لتقول إن الإسلام له أكثر من معني :
للإسلام معني مادي وللإسلام معني روحي:
أما المعني المادي فالإسلام هو أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتحج البيت ان استطعت إليه سبيلا ..
أما الإسلام بمعناه الروحي فهو أن تستسلم لله عز وجل أن تسلم الأمر إليه أن تؤمن بقضاءه وقدره أن ترضي بما كتب الله لك وهذا ما فعله ابراهيم عليه السلام ومعه ولده..
الإسلام بمعناه الروحي هو أن تحسن الظن بالله وأن تتوكل عليه وأن تسمع له وتطيع قلت: ولا يتم إسلام عبد ولا يحسن إسلام عبد إلا بهذا . بل ولا يقبل الله من عبد قولا ولا عملا إلا إذا أسلم لله واستسلم لله..
«أخرج مسلم بسنده إلي ابْنِ الدَّيْلَمِىِّ قَالَ أَتَيْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ لَهُ يا أبي قد وَقَعَ فِى نَفْسِى شَىْءٌ مِنَ الْقَدَرِ فَحَدِّثْنِى بِشَىْءٍ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَهُ مِنْ قَلْبِى. فَقَالَ أبي رضي الله عنه لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ وَلَوْ رَحِمَهُمْ لكَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فِى سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَلَوْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا لَدَخَلْتَ النَّارَ.. »
تمام إسلامي لله وكمال استسلامي لله ورضاي بالله ورضاي عن الله هو أحد أكبر المكاسب التي نكسبها من حديثنا في يومنا هذا عن يوم النحر وعن ابراهيم وعن الذبيح ولد ابراهيم وعن صبرهما وعن إسلامهما وعن استسلامهما لله رب العالمين..
{" فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ " }
مع الإسلام لله مع الاستسلام لله راحة وأمان فمن أسلم واستسلم فلن يضيعه الله أبدا مع الإسلام لله مع الاستسلام لله إيماننا يزيد وإسلامنا يحسن مع الإسلام لله مع الاستسلام لله أنت أغني أنت أقوي أنت أسعد الناس بربك قال النبي عليه الصلاة والسلام
«" احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ وَإِذَا سَأَلْتَ فَلْتَسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ " »
فمع يقيني أنك مبتلي في نفسك مع يقيني أنك مبتلي في مالك وولدك أقول لك قل الحمد لله ..
قل الحمد لله الذي عافانا مما ابتلي به غيرنا , قل الحمد لله أن البلايا لم تكن أشد من ذلك , قل الحمد لله أن البلايا في دنيانا وليست في ديننا قل الحمد لله أن رزقنا الله الصبر عليها ولنا في إبراهيم عليه السلام أسوة كما لنا في محمد صلي الله عليه وسلم أسوة .