شاهد لك أم عليك؟

محسن العزازي

يُقالُ الأعتراف سيد الأدلة، ولكن ما تقول فيمن ينكر الوقائع، ويدلس الحقائق، ويبدل البراهين، ويأتيك بشاهد الزور، أو قد يكون من ذوي الأحساب والمناصب فتغيب العدالة عن الحضور:  {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ. لِيَوْمٍ عَظِيمٍ}

  • التصنيفات: التصنيف العام - الزهد والرقائق - قصص الأنبياء - تربية النفس - تزكية النفس -

خلق الله تعالى الانسان بيديه ونفخ فيه من روحه واسجد له ملائكته قال تعالى: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ . فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [ص : 71- 72]، وجمل صورته فقال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين : 4]، وتفضل عليه بنعم الجوارح يقودها العقل قال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ . وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ . وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد : 8]، ليتعرف على حقيقة الأشياء فينتقي الصالح ويتقي الطالح، ولم يتركه لجهله بل زينه بالعلم وأمره بطلبه وأرسل له من يرشدونه ويهدونه من الأنبياء  والرسل وزوده بالكتب قال تعالى:  {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء : 165]، وقال تعالى:{نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ . مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} [آل عمران :3- 4].

فعندما كلفك الله تعالى بأمر فقد بين لك أن فيه منفعتك يقينا، ولما نهاك عن أمر فاعلم بأن في اجتنابه نجاتك يقينا، أتى رجل عبدَ اللَّهِ بنَ مسعودٍ فقالَ : "اعهَد إليَّ . فقالَ : إذا سمِعتَ اللَّهَ يقولُ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فأرعِها سمعَكَ ، فإنَّهُ خيرٌ يأمرُ بِهِ أو شرٌّ ينهَى عنهُ"[1].

وقد ضرب الله مثلين للتكليف في مطلع ذكر خلق آدم عليه السلام للتنتبه لأمر الله تعالى وتلتزم به، فعليك أن توازن بين النموزجين وتختار مكانك:

المثال الأول الأمر بالسجود لآدم عليه السلام قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ}  [الكهف : 50]، الأمر بالسجود لآدم جاء ذكره في كتاب الله الكريم خمس مرات ليبين لنا مدى اصرار إبليس على المعصية وحجته واهية لأن الخالق والأمر هو الله: فستجاب الملائكة {فَسَجَدُواْ} ولكن {إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} ، وكأن هناك من ينبه إلى السجود، فأَبَى، ويسأله رب العلمين: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ} [ص : 75] ؟، {قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} ، ويستطرد في كبره {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} ، {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} ، أي خرج عن أمر ربه، فكانت حيثيات الحكم: {إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة : 34] ، وحق عليه اللعن إلى يوم الدين قال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} [ص : 78].

المثال الثاني النهي عن الشجرة: أباح الله تعالى الجنة وما فيها من النعم لآدم عليه السلام وزوجه إلا موضع شجرة نهاه عن الاقتراب منها، {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البقرة : 35]، وحذره من عدوه المتربص به، فأخذ الشيطان يوسوس لهما ويمنيهما يشجرة الخلد {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الأعراف : 20]، ويقسم لهما أنه يريد منفعتهما فأزلهما عن الذكر فنسيا أمر ربهما وعصى أدم ربه، وبمعاتبة الله تعالى لآدم وزجه، قال تعالى: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} [الأعراف : 22]؟ فكان جواب آدم كله ندم وانكسار لله خاليا من الكبر راجيا المغفرة والعفو كما اخبرنا الله تعالى: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف : 23].

يقول صلى الله عليه وسلم : «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له، أمَّا مَن كانَ مِن أهْلِ السَّعَادَةِ فيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أهْلِ السَّعَادَةِ، وأَمَّا مَن كانَ مِن أهْلِ الشَّقَاءِ فيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أهْلِ الشَّقَاوَةِ، ثُمَّ قَرَأَ: فَأَمَّا مَن أعْطَى واتَّقَى وصَدَّقَ بالحُسْنَى» الآيَةَ[2]. ، منعهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الاتِّكالِ، وتَرْكِ العَمَلِ، وأمرهم بالتزامِ ما يجِبُ على العَبدِ مِن العُبوديَّةِ، مع عدمِ جَعلِ العِبادةِ وتَرْكِها سببًا مُستَقِلًّا لدُخولِ الجنَّةِ والنَّارِ، بل هي علاماتٌ فقط. ثُمَّ قَرَأَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تصديقًا لإجابتِه قوْلَ اللهِ تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى . وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى . وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى . وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5 - 10].

وأعلم أيها العبد المكلف بالطاعة المنهي عن المعصية كما يسر الله لك أسباب الفلاح لتكن من الفائزين بين لك أيضا جوانب الشر لتتقيه فلا تكن من الخاسرين، فلا حجة لك يوم القيامة إلا عمل صالح يتقبله الله برحمته، وسوف تأتيك الشواهد على أعمالك إما لك وإما عليك {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء : 14]، فحساب النفس في الدنيا أيسر من حساب النفس في الأخرة، فما زلت في فسحة من أمرك ما لم يأتيك اليقين قال تعالى:   {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [ التوبة : 105]، فالعبد المؤمن يفرح بعمله الصالح ويُسَرُّ بذلك أمام الله ورسوله والعباد: فَيَقُولُ {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة : 19]]؛ والعبد الفاجر الفاسق الذي خبث عمله في الدنيا يُفضَحُ على رؤوس الخلائق يوم القيامة فَيَقُولُ {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} [الحاقة : 25].

قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى[3]:

الْعُمْرُ يَنْقُصُ وَالذُّنُوبُ تَزِيدُ *** وَتُقَالُ عَثَرَاتُ الْفَتَى فَيَعُودُ

هَلْ يَسْتَطِيعُ جُحُودَ ذَنْبٍ وَاحِدٍ *** رَجُلٌ جَوَارِحُهُ عَلَيْهِ شُهُودُ

وَالْمَرْءُ يُسْأَلُ عَنْ سِنِيهِ فَيَشْتَهِي *** تَقْلِيلَهَا وَعَنْ الْمَمَاتِ يَحِيدُ

من جوانب العدل في قضاء الدنيا بين الناس: يُقالُ الأعتراف سيد الأدلة، ولكن ما تقول فيمن ينكر الوقائع، ويدلس الحقائق، ويبدل البراهين، ويأتيك بشاهد الزور، أو قد يكون من ذوي الأحساب والمناصب فتغيب العدالة عن الحضور:  {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ. لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} [المطففين :4- 5]، هنا المحكمة الإلهية {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [غافر : 17]، لا أنساب ولا مناصب ولا شفعاء قال تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام : 94] يُؤتى بالأدلة:

الشاهد الأول: الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يشهدُ على الأمم السابقة كافة وشاهدٌ على أمته خاصة: يقول الحق تبارك وتعالى:   {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا . يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: 41، 42]، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يُدْعَى نُوحٌ يَومَ القِيامَةِ، فيَقولُ: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ يا رَبِّ، فيَقولُ: هلْ بَلَّغْتَ؟ فيَقولُ: نَعَمْ، فيُقالُ لِأُمَّتِهِ: هلْ بَلَّغَكُمْ؟ فيَقولونَ: ما أتانا مِن نَذِيرٍ، فيَقولُ: مَن يَشْهَدُ لَكَ؟ فيَقولُ: مُحَمَّدٌ وأُمَّتُهُ، فَتَشْهَدُونَ أنَّه قدْ بَلَّغَ: وَيَكونَ الرَّسُولُ علَيْكُم شَهِيدًا فَذلكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: وَكَذلكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وسَطًا لِتَكُونُوا شُهَداءَ علَى النَّاسِ ويَكونَ الرَّسُولُ علَيْكُم شَهِيدًا» [4].

الشاهد الثاني: صحيفة أعمالك قال تعالى: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: 14]، وقال تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف : 49].

الشاهد الثالث : الجوارح حيث يُدعى الكافر والمنافق للحساب، فَيَعرضُ رَبُّه عليه عمله، فينكرها كما أنكر في الدنيا، ويكذب على الله كماتعود في الدنيا، ويفتري على الملائكة الإفك كما افترى على الناس في الدنيا طمعا بالنجاة كما طمع في الدنيا، فيُختم على فيه وتتكلم جوارحه قال تعالى:   {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [ يس: 65]؛ فتفضحه جوارحه على رؤوس الخلائق يوم القيامة؛ عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: " كُنَّا عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَضَحِكَ، فَقالَ: «هلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ؟» قالَ: قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسولُهُ أَعْلَمُ، قالَ: «مِن مُخَاطَبَةِ العَبْدِ رَبَّهُ؛ يقولُ: يا رَبِّ، أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ قالَ: يقولُ: بَلَى، قالَ: فيَقولُ: فإنِّي لا أُجِيزُ علَى نَفْسِي إلَّا شَاهِدًا مِنِّي، قالَ: فيَقولُ: كَفَى بنَفْسِكَ اليومَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الكَاتِبِينَ شُهُودًا، قالَ: فيُخْتَمُ علَى فِيهِ، فيُقَالُ لأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، قالَ: فَتَنْطِقُ بأَعْمَالِهِ، قالَ: ثُمَّ يُخَلَّى بيْنَهُ وبيْنَ الكَلَامِ، قالَ: فيَقولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا؛ فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ» [5].

الشاهد الرابع: الأرض قَرَأَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ هذه الآيَةَ : {يَومَئِذٍ تُحَدِّثُ أخْبارَهَا} قال : « أتَدْرُون ما أخبارُها ؟» قالُوا : اللهُ ورسولُه أعلَمُ . قال : «فإِنَّ أخبارَها أنْ تَشهدَ على كلِّ عبدٍ وأمَةٍ بِما عَمِلَ على ظَهرِها ، تَقولُ : عَمِلَ يومَ كذا ، كَذا وكذا ، فهذِهِ أخبارُها» [6]. تخيل أن هذا المكان قد شهد معصيتك لله وأنه شاهد عليك، وتخيل أنه شهد طاعتك لله فهو شاهد لك، ومن شهادة المكان إلى شهادة الزمان يقول الحسن البصري رحمه الله: "ما من يوم تطلع شمس إلا نادى منادٍ من السماء: يا ابن آدم أنا يوم جديد، أنا خلق جديد وأنا على عملك شهيد، فاعمل خيرًا أشهد لك به غدًا فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة ".

عن أبي ذر الغفاري عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فِيما رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أنَّهُ قالَ: «يا عِبَادِي، إنَّما هي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا، فمَن وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَن وَجَدَ غيرَ ذلكَ فلا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ» [7]

قال أو العتاهية:

إِذا ما خَلَوتَ الدَهرَ يَوماً فَلا تَقُل *** خَلَوتُ وَلَكِن قُل عَلَيَّ رَقيبُ

وَلا تَحسَبَنَّ اللَهَ يُغفِلُ ما مَضى *** وَلا أَنَّ ما يَخفى عَلَيهِ يَغيبُ

لَهَونا لَعَمرُ اللَهِ حَتّى تَتابَعَت *** ذُنوبٌ عَلى آثارِهِنَّ ذُنوبُ

فَيا لَيتَ أَنَّ اللَهَ يَغفِرُ ما مَضى *** وَيَأذَنُ في تَوباتِنا فَنَتوبُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. (عمدة التفسير [1/619]).
  2. (البخاري[4949])
  3. (أدب الدنيا والدين (1 / 98)
  4. (لبخاري [4487]،  والوَسَطُ: العَدْلُ).
  5. (مسلم [2969]).
  6. (أخرجه الترمذي [3353] واللفظ له، والنسائي في (السنن الكبرى [11693])، وأحمد [8867])
  7. (مسلم [2577]).