حديث : إياكم ومحقرات الذنوب

إذا كانتِ الكبائرُ ظاهِرَةً، وأثَرُها يَكونُ واضِحًا، فإنَّ صَغائِرَ الذُّنوبِ قد تَكثُرُ في فِعلِ الإنْسانِ دُونَ أن يَشعُرَ، فتُصبِحُ مُهلِكةً له.

  • التصنيفات: الحديث وعلومه -

الحديث:

«إيَّاكُم ومحقَّراتِ الذُّنوبِ فإنَّهنَّ يجتمِعنَ على الرَّجلِ حتَّى يُهلِكنَهُ كرجلٍ كانَ بأرضِ فلاةٍ فحضرَ صنيعُ القومِ فجعلَ الرَّجلُ يجيءُ بالعودِ والرَّجلُ يجيءُ بالعودِ حتَّى جمعوا من ذلِكَ سوادًا وأجَّجوا نارًا فأنضجوا ما فيها»

[الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع]

[الصفحة أو الرقم: 2687 | خلاصة حكم المحدث : صحيح]

الشرح: 

حذَّر النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أُمَّتَه مِن الذُّنوبِ كلِّها صَغيرِها وكَبيرِها؛ لأنَّه إذا كانتِ الكبائرُ ظاهِرَةً، وأثَرُها يَكونُ واضِحًا، فإنَّ صَغائِرَ الذُّنوبِ قد تَكثُرُ في فِعلِ الإنْسانِ دُونَ أن يَشعُرَ، فتُصبِحُ مُهلِكةً له.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إيَّاكُم ومُحقَّراتِ الذُّنوبِ" والمَعْنى احْذَروا مُحقَّراتِ الذُّنوبِ، وهي ما لا يُبالي المرءُ به مِن الذُّنوبِ مُستَصغِرًا لها؛ "فإنَّهن يَجْتَمِعْنَ على الرَّجُلِ حتى يُهْلِكْنَه"، فبيَّن أنَّ التَّحْذيرُ منها؛ لأنَّها أسْبابٌ تُؤَدِّي إلى ارْتِكابِ الكَبائِرِ، فصِغارُ الذُّنوبِ تَجُرُّ بعْضُها بعْضًا حتى تُزيلَ أصْلَ السَّعادةِ بهَدْمِ الإيمانِ عندَ الخاتمَةِ، فيَهلَكُ المَرْءُ إذا لم يُكفِّرْ عنها "كرَجُلٍ كان بأَرْضٍ فَلاةٍ"، أي: صَحْراءَ، وهذا من ضَرْبِ الأَمْثالِ طَلبًا لِمَزيدٍ مِنَ الفَهْمِ، "فحَضَرَ صَنيعُ القَوْمِ، فجَعَلَ الرَّجُلُ يَجيُء بالعودِ، والرَّجُلُ يَجيء بالعوِد"، والعودُ هو صِغارُ فُروعِ الأَشْجارِ الجافَّةِ "حتى جَمَعوا من ذلك سوادًا"، أي: كَمًّا كبيرًا "وأَجَّجوا نارًا" بإشْعالِها "فَأَنْضَجوا ما فيها" من الطَّعامِ وغيْرِه، وفي رِوايَةِ الحُمَيديِّ: "فكذلِك الذُّنوبُ"، أي: أنَّ الصَّغائِرَ إذا انْضَمَّتْ وتَراكَمَتْ اسْتَعْظَمَ أَمْرُها، وكان وَبالًا على صاحِبِها .

الدرر السنية