حديث: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا

لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبَه، وشاهدَيه، وقال: «هم سواء»  (رواه مسلم).

  • التصنيفات: الربا والفوائد -

عن جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبَه، وشاهدَيه، وقال: «هم سواء»  (رواه مسلم)، وللبخاري نحوه من حديث أبي جحيفة.

 

 

المفردات:

«الربا» مقصور قال في الفتح: وحُكي مدُّه، وهو شاذ، وهو من ربا يربو، فيُكتب بالألف، ولكن وقع في خط المصحف بالواو، وأصل الربا الزيادة؛ إما في نفس الشيء كقوله تعالى: {اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ}، وإما في مقابلة كدرهم بدرهمين؛ اهـ، ويطلق الربا على كل بيع محرم كذلك.

«لعن»؛ أي: دعا بالطرد والإبعاد من الرحمة.

«آكل الربا»؛ أي: متعاطيه.

«وموكله»؛ أي: ومعطيه، وقد رُوي بتسهيل الهمزة وتحقيقها؛ أي: ومؤكله وتحقيق الهمزة، ورواية ابن مسعود عند مسلم.

«وكاتبه»؛ أي: ومحرر وثيقته.

«وشاهديه»؛ أي: وحاضري توثيقه لإثبات وثيقته على آكله وموكله.

«هم سواء»؛ أي: هم في الإثم سواء.

«نحوه من حديث أبي جحيفة»؛ أي: نحو حديث جابر عند مسلم، لكنه من طريق أبي جحيفة رضي الله عنه.

 

 

البحث:

بوَّب البخاري رحمه الله في صحيحه بابين لمعنى حديث جابر عند مسلم، فقال: باب آكل الربا وشاهده وكاتبه، وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، ثم قال البخاري في الباب الذي يليه: باب موكل الربا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.

 

قال ابن عباس: هذه آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ساق البخاري الحديث الذي أشار إليه المصنف بقوله: وللبخاري نحوه من حديث أبي جحيفة، فقال: حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة قال: رأيت أبي اشترى عبدًا حجامًا، فسألته فقال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، وثمن الدم، ونهى عن الواشمة والموشومة، وآكل الربا وموكله، ولعن المصور؛ اهـ، وقد أخرج البخاري كذلك في آخر البيوع من صحيحه هذا الحديث من طريق حجاج بن منهال حدثنا شعبة قال: أخبرني عون بن أبي جحيفة قال: رأيت أبي اشترى حجامًا فسألته عن ذلك، فقال: إن سول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب الأمة، ولعن الواشمة والمستوشمة وآكل الربا، وموكله، ولعن المصور، وفي نسخة أبي ذر الهروي التي اعتمدها الحافظ ابن حجر، فشرح عليها فتح الباري: رأيت أبي اشترى حجامًا، فأمر بمحاجمه، فكسرت فسألته عن ذلك، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم... إلخ الحديث،

وقد أخرج البخاري من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رأيت الليلة رجلين أتياني، فأخرجاني إلى أرض مقدسة، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم، فيه رجل قائم، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه، فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر، فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟ فقال: الذي رأيته في النهر آكل الربا».

هذا وأما ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«اللهم إني آخذ عندك عهدًا لن تخلفني، فإنما أنا بشر، فأيما مؤمن آذيتُه أو شتمتُه أو جلدته أو لعنته، فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تُقربه إليك يوم القيامة»، فإنه لا ينطبق على من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكله الربا أو ارتكابه جريمة من الجرائم الفاحشة، بل إنما ينطبق على من يبادره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك في حالة غضبه صلى الله عليه وسلم ونحوها، والله أعلم.

 

 

ما يستفاد من ذلك:

1– أن الربا من أكبر الكبائر.

2– وأن موكل الربا وكاتبه وشاهديه يستوون في الوزر والإثم مع آكل الربا.

3– لا يجوز لمسلم أن يوثق عقدَ ربا.