أيام وتنتهي الآلام..
قال صلى الله عليه وسلم: «يودُّ أهل العافية يوم القيامة حين يُعطى أهل البلاء الثوابَ، لو أن جلودهم كانت قُرضت في الدنيا بالمقاريض»
- التصنيفات: التقوى وحب الله - الطريق إلى الله -
كتبت / سمر سمير
أجريتُ عملية جراحية منذ مدة، وبعدها كنت أعاني من بعض الآلام الشديدة، ولكني كنت أُصبِّر نفسي بأنها مدة أسبوع أو أسبوعين وستَمُرُّ، وسأفرح بنتيجة العملية وزوال المرض الذي أجريت العملية من أجله.
أحدث نفسي: اصبري ستمر، انتظري قليلًا ستنتهي، فكان هذا التفكير يهون عليَّ كثيرًا.
فتأملت هذا المعنى:
ماذا لو تعاملنا مع ابتلاءاتنا وأحزاننا كلها بنفس المنطق والعقلية؟
ابتلاءٌ وسيمُر.
حزن وسيمر.
غمٌّ وسيمر.
همٌّ ونكد وسينتهي.
مرض وسيزول.
المرض النفسي سيمر.
الإحباطات ستمر.
الفشل سينتهي.
الكلام الذي يؤذيك سيمر.
المشاكل الزوجية ستمر.
الضغوط والمسؤوليات ستزول.
جرح قلبك ودمع عينك سينجلي.
الدنيا كلها ستمر، وننسى الألم، ونفرح بالثواب والأجر في الآخرة إن شاء الله.
وقال صلى الله عليه وسلم: «يودُّ أهل العافية يوم القيامة حين يُعطى أهل البلاء الثوابَ، لو أن جلودهم كانت قُرضت في الدنيا بالمقاريض» [صحيح الجامع].
كل شيء سيمر ولا يبقى إلا العمل الصالح.
حتى الفرح سيمر.
قال تعالى: ﴿ {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } ﴾ [الحديد: 23].
الدنيا أيام قلائل وتنتهي، والآخرة هي الحياة الدائمة التي لا تفنى: ﴿ {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلً} ا ﴾ [النساء: 77].
ولا يُفهم كلامي هذا على أنه دعوة للسلبية، وترك الأسباب التي تكون سبيلًا للحل، أو ندعو الله أن يبتلينا بحجة الاستكثار من الثواب.
هذا فهم مغلوط تمامًا، بل نسأل الله العافية، ونأخذ بجميع الأسباب المتاحة بجوارحنا، ولكن قلوبنا وعقولنا تعي هذا المعنى، حتى يتحسن الحال إن شاء الله.
سُئِل الإمام أحمد بن حنبل: متى الرَّاحةُ يا إمام؟ فقال: عند أوَّل قَدَمٍ تضُعها في الجنَّة.
فالدنيا ليست دارًا للراحة، بل هي سبيل ومعبر لدار الراحة والمتعة، فلا تضيعها في الأحزان، بل استغلها للوصول للجِنان.
وتمسَّك بالدعاء، وحسن الظن بالله، والتوكل عليه، وتذكر أنها أيام وتنتهي الآلام.
اللهم لا عيشَ إلا عيش الآخرة.