بين النسوية والذكورية !!
أحمد قوشتي عبد الرحيم
الغلو في كل الأمور شر ووبال ، وهو في أمور الدين أشد ضلالا وأسوأ عاقبة وسبب للهلاك ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم « إياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين»
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
الغلو في كل الأمور شر ووبال ، وهو في أمور الدين أشد ضلالا وأسوأ عاقبة وسبب للهلاك ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم « إياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين»
ومن القوانين المعروفة في عالم المحسوسات : أن كل فعل له رد فعل مقابل يساويه في المقدار ويضاده في الاتجاه ، ولعل في عالم الأفكار أيضا ما يشابه ذلك ، حيث نجد كثيرا من الفرق والآراء ظهرت أو راجت بين الناس في زمان ما لأنها انطلقت من باب ردود الأفعال على اتجاه مقابل غلا أو أسرف في جانب معين ، فيأتي المذهب الجديد ليواجه غلوه ويضاده ، لكنه لا يلتزم بسلوك الطريق الوسط ، وإنما يسرف ويغلو في الوجهة المضادة .
وليس الطريق لدفع الغلو مقابلته بغلو مماثل في الجهة المقابلة ، فتلك طريقة غير شرعية أولا ثم إن تجارب التاريخ قد أثبتت فشلها وسوء عاقبتها ، وتأمل إن شئت غلو الخوارج وتفريط المرجئة ، وغلو الشيعة في على وأهل البيت رضوان الله عليهم وجفاء النواصب لهم ، وغلو المعطلة في نفي الصفات وغلو الممثلة والمشبهة في إثباتها ، وغلو القدرية في حرية الإنسان وغلو الجبرية في سلبها ، وغير ذلك من الأمثلة .
وفي هذه الآونة يحاول البعض أن يواجه غلو النزعة النسوية وأباطيلها وتمردها على الشرع وأحكامه ، ومبدأ القوامة وحقوق الزوج بنزعة ذكورية متطرفة تسعى بكل سبيل للتحقير من شأن المرأة وسحقها ، والجور على حقوقها الثابتة لها شرعا وفطرة.
وذلك كله خطأ وشر ، وباب فتنة للكثير من النساء ، والباطل لا يواجه بالباطل بل بالحق ، والغلو لا يقابل بغلو بل بالوسطية المنضبطة ، والنسوية لا تقابل بذكورية متطرفة بل بأحكام الشرع الضابطة للعلاقة بين الرجل والمرأة والجاعلة إياها علاقة تكامل وتعاضد لا صراع وتعاند ، وعلاقة توازن بين الحقوق والواجبات ، ومراعاة الفروق في الطبائع والقدرات ، وتقديم ما قدمه الله ورسوله تقديما يستلزم التكليف أكثر من استلزامه لمجرد التشريف ، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا به .