سبل النهوض بالأمة

فواجب علينا أيها المسلمون أن نحس وأن ندرك وأن نعرف مجريات الأمور، وأن نفهم كل ما حولنا ونعرف كل ما يراد بنا، وأن يكون لنا إرادة وشجاعة...

  • التصنيفات: مجتمع وإصلاح -

اعلموا أيها المسلمون أن الأيام تمضي وتتبعها أيام، حاملة في طياتها حربًا أو سلامًا، وأن الله سبحانه لم يخلقنا لنعيش في هذه الأيام كما تعيش السوائم والبهائم، لا نشعر بما يراد بنا ولا نحس بما نراه ونسمعه في آناء الليل وأطراف النهار، من أخبار تصم الآذان وتخرس الألسن، من قنابل ذرية وهيدروجينية، وصواريخ وأقمار وطائرات ونفاثات، وموت وحياة، ورفعة وانحطاط، وتقدم وتأخر.

 

فواجب علينا أيها المسلمون أن نحس وأن ندرك وأن نعرف مجريات الأمور، وأن نفهم كل ما حولنا ونعرف كل ما يراد بنا، وأن يكون لنا إرادة وشجاعة، فنقول: ((نعم)) إذا رأينا ما يرضينا ويرضي ربنا ويرضي أخلاقنا وضمائرنا، ونقول: ((لا)) عندما نرى أمورًا لا خير فيها ولا رشاد ولا حكمة، وعندما نرى أمورًا لا ترضي ربنا ولا تتفق مع الأخلاق والعادات الطيبة، امتثالًا لقول الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [ آل عمران: ١١٠].

 

نعم أيها المسلمون، يتحتم علينا أن ننظر في ملكوت السماوات والأرض، وأن نعرف الطريق السليم القويم فنسير في ركابه، وأن ندرك الحق فننصره ونعرف الباطل فنخذله، هكذا يجب علينا ما دمنا أحياء نشعر بالحياة ونحس بها أن نشارك الأحياء في حياتهم، وأن نسمو بأنفسنا وأخلاقنا وعاداتنا إلى المستوى اللائق بنا كأمة حية لها ماضيها الكريم وعزتها العالية.

فلا بد أن نَجِدَّ في عبادة ربنا، وأن نخلص له ضمائرنا ونوايانا وأن نجعل عملنا مقصودًا به وجهه الكريم، فلا رياء ولا نفاق ولا حسد ولا أضغان.

 

ولا بد أيضًا أن نخلص لدنيانا وأن نكد ونكدح وأن نسعى جاهدين للرفع من مستوى حياتنا المالية والمعنوية، حتى نتمكن من فتح مبرات خيرية ومصانع وطنية، وحتى نستغني بمجهوداتنا وأموالنا عن أموال الغير، وحتى لا يستغلنا ويستثمر خيراتنا وثمرات بلادنا الغربيون والشرقيون، فلا بد أن ننشئ لنا كيانًا صحيحًا نعتمد فيه على مجهودنا واقتصادياتنا، وقد قال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآْخِرَةَ وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص:٧٧]، وقال تعالى: {وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل:٩٣].

 

فلا بد أيها الإخوة أن ندرك أننا أحياء، وأننا يجب أن نسعى بجد وإخلاص لحياتنا ولمماتنا ولدنيانا ولأخرانا؛ لنا ولبلادنا ولأبنائنا وأحفادنا، كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت:٤٦]

 

أيها المسلمون:

اعلموا أن من يتق الله يجعل له مخرجًا، فعليكم بتقوى الله وامتثال أوامره والانتهاء عما نهاكم عنه، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا، فعليكم عباد الله بالإخلاص في أعمالكم وأقوالكم في عبادة ربكم وفي معاملاتكم، قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:١٠٤].

 

ولا تنسوا الفضل بينكم، ولا تهملوا أخلاقكم وشيمكم العربية الإسلامية، واعلموا أن الجد والمثابرة والعمل وترك الكسل واجب علينا إن أردنا الفوز في الدارين الدنيا والآخرة، وواجب علينا إن أردنا استرجاع مجدنا والفوز بالسباق في التقدم والرقي والتغلب على أعداء العروبة الصهاينة وغيرهم؛ أن نعمل بجد ومثابرة وأن لا ندع فرصة للتقدم والرقي إلا انتهزناها واستثمرناها.

أما إذا تكاسلنا واستسلمنا للسبات والراحة والنوم وتركنا النور والتقدم وعشنا في ظلام دامس، فإننا يوشك أن يقع علينا قول الرسول صلى الله عليه وسلم:  «توشك أن تداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها»، قالوا: أمن قلة يا رسول الله؟ قال:  «لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل».

فعليكم بالتضحية والنشاط والمساهمة في المشاريع الخيرية والشركات الإنشائية، والبذل والفداء إن أردتم العزة والكرامة.

 

وقديمًا قيل:

إِنْ تَطَلَّعْتَ للرَّغائِبِ فابــــــــــــذُلْ   ***   تِلْك في الدَّهْرِ سُنَّة ُ الكَائِنـــات 

ليس يجْني من السُّبَاتِ سِوى الأَحْ   ***   لاَمِ فانهَضْ وُقِيتَ شرَّ السُّباتِ 

 

عباد الله:

عليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة، ولا تَفَرَّقُوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

اللهم وحد كلمة المسلمين، اللهم وحد قيادتهم، اللهم ولِّ علينا خيارنا، اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، اللهم أغثنا غيثًا طيبًا مباركًا، اللهم اسقنا من بركاتك، اللهم ارحم بلادك وعبادك وبهائمك يا أرحم الراحمين.