رضيت بالله ربا -2

وتأملت حياتها وهى تتقلب فيها بضياء النعم فخافت أن يأتى ظلامها خاصة بعد أن تسللت إليها المخاوف من خطر أوشك أن يداهمها

  • التصنيفات: التقوى وحب الله -

 

وقفت فى شباك غرفتها لتتأمل شفق المغيب بلونه الأخاذ وصفاءه البديع    

ولكن سرعان ما تذكرت أن بعد هذا الجمال ظلام يغمر الكون ليضفى سكون ووحشة 

وتأملت حياتها وهى تتقلب فيها بضياء النعم فخافت أن يأتى ظلامها خاصة بعد أن تسللت إليها المخاوف من خطر أوشك أن يداهمها

جلست لتحاسب نفسها من أى شئ تخاف وكيف تخاف ولها رب هى به راضية 

هى تردد صباح مساء رضيت بالله ربا رضيت بالله ربا رضيت بالله ربا 

أيا نفس ...

سبحان الله أليس قدرك بيد ربك ،

ألا يكفيكِ مالك السموات والارض الوكيل الكافى الحى القيوم أن يدبر لكِ أمركِ

إذا فلم القلق؟

قالت ونعم بالله انا اتوكل عليه ولكنى أخشى الألم 

يانفس و لم إساءة الظن ؟

أعلم قلقكِ وما تشعرين به 

ولكن  قلقك وخطرك ليس مثل ظلمات ثلاث أحكمت إطباقها على  يونس ولكنه أحسن الظن وعلم أن له رباً يسمعه فقال لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين،

  وليس فزعكِ مثل  نار مشتعلة جُعل وقودها جسد إبراهيم ولكنه ما فزع بل اطمئن وآوى إلى الركن الشديد وقال حسبى الله ونعم الوكيل

وليس  أعداؤكِ كمن قال أنا ربكم الأعلى حتى ألجأ موسى إلى البحر من أمامه والجنود من خلفه ولكنه باطمئنان قال كلا إن معى ربى سيهدين

وليس ضيق قدرتكِ كضيق الغار حين شرف باحتواء الحبيب صلى الله عليه وسلم وصاحبه  ولكنه بثقة قال ماظنك باثنين الله ثالثهما

إنهم أنبياء أما أنا ...

معكِ حق أنتِ لستِ من الأنبياء 

ولكن أتذكرين قوله سبحانه وبحمده  {أَمَّن يُجيبُ المُضطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكشِفُ السّوءَ وَيَجعَلُكُم خُلَفاءَ الأَرضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَليلًا ما تَذَكَّرونَ}  [النمل: ٦٢]

هل الله خص إجابته للأنبياء فقط أو لخواص خلقه فقط دون غيرهم 

لا بل رحمته وسعت الجميع البر والفاجر المسلم والكافر

فلماذا تقنطين ؟

ولم لا ترجين؟

الله الصمد القيوم الوكيل الكافى فاطمئنى ، 

فقط وكليه  

أتظنين لو قدرك بيد أمك أكانت تظلمكِ أو تقسو عليكِ ؟

كلا  أبدا

لله أرحم بكِ من أمكِ ومن نفسكِ التى بين جنبيكِ

«قدِم على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بسبْيٍ ، فإذا امرأةٌ من السَّبيِ تسعَى ، إذ وجدت صبيًّا في السَّبيِ فأخذته وألصقته ببطنِها وأرضعته ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : أترون هذه طارحةً ولدَها في النَّارِ ؟ قلنا : لا واللهِ ، وهي تقدرُ أن لا تطرحَه ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : اللهُ أرحمُ بعبادِه من المرأةِ بولدِها » [متفق عليه]

أبعد هذه الرحمة قلق !

هيا تيقني برحمته ألا تثقين فى قدرته ألا ترضين به ربا فتطمئنين لقدره

املئي قلبكِ بحسن الظن به  ، حدثيه عن حكمة الله وقدرته وسعه فضله وعاجل فرجه حتى يطمئن

الله يراكِ ، يسمعكِ ، يعلم حالكِ وفزعكِ ويقول لكِ    {وَاصبِر لِحُكمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعيُنِنا وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ حينَ تَقومُ۝وَمِنَ اللَّيلِ فَسَبِّحهُ وَإِدبارَ النُّجومِ} [الطور: ٤٨-٤٩]

أنتِ بمرأى من الله وحفظ واعتناء فقط اصبرى وسبحيه أن يظلمكِ ، سبحيه ألا ينصركِ ، سبحيه ألايكفيكِ ، سبحيه أن يحملك مالا تطيقى

  وإن كان لابد من البلاء فالله قال {﴿أَحَسِبَ النّاسُ أَن يُترَكوا أَن يَقولوا آمَنّا وَهُم لا يُفتَنونَ﴾} [العنكبوت: ٢]

فلابد من الاختبار حتى نصل لدار القرار ليميز الله الخبيث من الطيب ، ليطلع على قلوبنا فلا يرى منها إلا التسليم لقدره والرضا عنه

   وكيف لا نسلم ولا نرضى وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ» . [رواه مسلم] .

أرأيتِ إن أمركِ كله لكِ خير

فهلا يانفس اطمئننتِ

هلا دعوت الله بصدق وتوسلت للكريم المجيب لعل الفرج يكون فى دعوة تخرج من قلب يملؤه حسن الظن واليقين

دينا بدر