حبيب الصغار صلى الله عليه وسلم

محمد بن حبيب الخلاقي

مرحلة الطفولة هي أهم مرحلة في حياة الإنسان، فهي الأساس الذي يُبنى عليه بقية حياته، وتتكوَّن فيها شخصيته وهويته، فالتربية في هذه المرحلة مهمة جدًّا...

  • التصنيفات: تربية الأبناء في الإسلام -
حبيب الصغار صلى الله عليه وسلم

مرحلة الطفولة هي أهم مرحلة في حياة الإنسان، فهي الأساس الذي يُبنى عليه بقية حياته، وتتكوَّن فيها شخصيته وهويته، فالتربية في هذه المرحلة مهمة جدًّا؛ فهي أخصب مرحلة للآباء والمُربِّين في غرس القيم الفاضلة والأخلاق النبيلة والمبادئ العظيمة التي ينبغي أن ينشأ عليها الطفل ويتعلَّمها، فإذا رُبِّي على الخير وغُرِست فيه الأخلاق الفاضلة والقيم السامية نشأ وهو يحملها في قلبه، وتتطلع نفسُه لتمثُّلها والعمل بها، والعكس يُقال في ذلك.

 

وقد اهتمَّ النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الفئة غاية الاهتمام، وحرص على تربيتهم وتوجيههم في مواقف كثيرة من حياته تعليمية وتربوية.

 

وهذه المواقف التي نُقلت إلينا في تعامله مع الصغار تحتاج إلى دراسة متعمِّقة من المعنيين بشأن التربية والإصلاح؛ لاستخراج الفوائد منها، والاقتداء به صلى الله عليه وسلم في كيفية تعامله مع الأطفال؛ لنُربي عليها أطفالنا اليوم الذين سيُصبِحون رجالَ المستقبل في الغد، والمواقفُ التي حدثت للنبي عليه الصلاة والسلام مع الصغار كثيرةٌ متعددة لا يمكن أن نذكرها كلها في هذه الكلمات البسيطة والعبارات الموجزة؛ ولكن هذه المواقف تُبيِّن لنا جانبًا مهمًّا في حياة النبي عليه الصلاة والسلام في كيفية تعامُله مع الأطفال، وتوضِّح لنا الطريقة المُثْلى في تعليمهم وتربيتهم.

 

وقد ذكرتُ بعض تلك المواقف ولم أقصد استقصاءها كاملةً؛ فهو ممَّا تعجز عنه هِمَّتي، ويقف دونه جهدي؛ ولكني اقتصرتُ على بعضها؛ لما رأيت مِن تخلِّي كثيرٍ من المربِّين عن امتثالها عند تعامُلهم مع الصغار، وهي والله مِنَّة ينبغي أن تُعطى للصغار وأن يحصلوا عليها عند تربيتهم والتعامل معهم.

 

ومن هذه القيم التي كان النبي عليه الصلاة والسلام يُعامل بها الصغار:

 

أولًا: تقدِيرُه صلى الله عليه وسلم للصغار وإن كان هناك أناسٌ أكبرُ منهم، وهذا حقٌّ من حقوق الصغار أن يُحترَم رأيُهم، وتُحفَظ مكانتُهم، وأن يُعطَوا حقوقهم كاملةً دون نقص أو تهميش، وهذا قد بيَّنَه لنا عليه الصلاة والسلام في موقفه مع ابن عباس رضي الله عنه، فقد كان صلى الله عليه وسلم يجلس مع أشياخ الصحابة، وكان عن يمينه صبيٌّ صغيرٌ هو عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، وعن يساره أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فأُوتي النبي بشرابٍ، فبَعْد أن شرب، كان من الطبيعي أن يُعطي الذي عن يمينه، وكان ابن عباس عن يمينه وهو طفل صغير، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يستأذنه في إعطاء أبي بكر يشرب بعده؛ لمنزلته وعظم مكانته؛ ولكنه صلى الله عليه وسلم استأذن من الصغير أولًا فقال له: «أتأذَنُ لي أنْ أُناوِلَ الأشياخَ»؟، فكان الطفل مدركًا أن الشرب بعد النبي صلى الله عليه وسلم فضيلةٌ كبيرةٌ، فردَّ: "لا والله يا رسول الله، لا أُوثِرُ بنصيبي منك أحدًا"، فَتلَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده؛ أي: أعطاه له.

 

فانظر كيف قدَّر النبي عليه الصلاة والسلام ذلك الطفلَ الصغيرَ، واستأذن منه؛ لأنه حقٌّ من حقوقه، فلما أبى أعطاه حقَّه كاملًا بلا مُحاباةٍ أو ازْدِراءٍ أو تعنيفٍ.

 

فلو قارنَّا بين موقف النبي صلى الله عليه وسلم هذا وما نراه اليوم في واقع حياتنا مع الأطفال، فإذا دخلوا مجالس الكبار قُوبِلوا بالتوبيخ والزجر، والطرد أحيانًا، ويُردِّد الأهل عبارات ما أنزل الله بها من سلطان مثل قولهم: «عندما يتحدَّث الكبار لا يجوز لك أن تتكلم، هذا مجلس رجال لا ينبغي أن تجلس هنا، اذهب للعب مع الصغار مثلك…. إلخ»، فيتم إلغاء شخصيته واستصغاره والتقليل من شأنه ومكانته، وهذا غير صحيح؛ لأن الأطفال اليوم هم «مشروع الغد»، فإن سلبتهم التقدير والاحترام، وحضور مجالس الكبار والتعلُّم منهم من صغرهم، فسيشعرون بالتهميش وعدم الاهتمام وقلة التقدير، ويلجأون إلى السلبية واللامبالاة، ومن الممكن أن يدخلوا في حالة انعزال وانطواء؛ مما قد يُسبِّب لهم مشاكل نفسية في المستقبل.

 

ثانيًا: مزحه صلى الله عليه وسلم مع الصغار والبشاشة في وجوههم واللعب معهم، فالصغار في هذه السِّنِّ يحتاجون إلى التلطُّف معهم، والضحك في وجوههم؛ حتى يشعروا بقُرْب الآباء منهم واهتمامهم بهم، وقد نُقِل إلينا كثيرٌ من القصص عن مزحه صلى الله مع الصغار ولعبه معهم، وملاطفتهم والبشاشة في وجوههم، ويفعل ذلك أمام الناس؛ ليُعلِّمهم أن اللعب مع الصغار وممازحتهم لا ينقص من هيبة الرجل أو ينزل من مكانته كما كان يظنُّ كثيرٌ من الناس في ذلك الزمان.

 

وفعله صلى الله عليه وسلم يحمل كثيرًا من المعاني النبيلة والقيم السامية؛ فهو يدل على احترامه للأطفال، وتقديره لهم، والاهتمام بهم، حتى وإن كانوا صغارًا جدًّا.

 

وقد رُويتْ لنا تلك القصة الجميلة التي وقعَتْ للنبي عليه الصلاة والسلام مع أحد الأطفال الصِّغار؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قال: «كان النبي عليه الصلاة والسلام يزُورُنا كثيرًا، ويتفَقَّد أحوالنا، وكان لي أخٌ فطيمًا»؛ أي: لم يتجاوز العامين أو الثلاث، قال: عندما وجده النبي صلى الله عليه وسلم هادئًا لا يتحرَّك، فقال لأُمِّه: «مالي أرى ابنَكِ خائرَ النَّفْسِ» ؟!))؛ أي: لا يتحرَّك، فقالوا: «يا رسول الله، كان له نُغَرٌ كان يلعب به، فمات»، فداعبَه عليه الصلاة والسلام بقوله: «يا أبا عُمَيْرٍ، ما فَعَلَ النُّغَيْرُ»؟، فكان كلما رآه قال له ذلك.

 

فانظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم كيف سأل عن حال ذلك الطفل الذي لم يتجاوز عمره السنتين أو الثلاث، عندما وجده هادئًا ساكنَ النفس، ثم ناداه بكنيته: «يا أبا عُمَيرٍ»؛ تكريمًا له رغم أن الكنية للكبير للتشريف، ثم يسأله عن حاله؛ احترامًا لمشاعره وتخفيفًا من حزنه على طائره، ويُكرِّر ذلك صلى الله عليه وسلم كلما لقيه أو رآه.

 

وهذا يؤكد لنا عدم إهمال أي شيء يهمُّ الصغار، وتفقُّد حالهم وعدم تجاهل ما يمرُّون به من مشاعر حزن أو فرح؛ لأنه وإن كان تافهًا في نظرنا فهو مُهِمٌّ جدًّا بالنسبة لهم، فلا بُدَّ من التعامُل معهم بتفكيرهم وليس بتفكيرنا نحن، فكما كان النبي صلى الله عليه وسلم رحيمًا بالصغار علينا أن نرحمهم ونسأل عن أحوالهم ونهتمُّ بشئونهم الخاصة في فقد أمر يحزنهم أو كسب شيء يعجبهم.

 

ومما يُذكَر أيضًا في مزح النبي عليه الصلاة والسلام مع الصغار ما رواه محمود بن الربيع أنه قال: «عَقَلْتُ من النبي صلى الله عليه وسلم مَجَّةً مجَّها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دَلْوٍ»؛ أي: حفظ موقف مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس سنوات حيث رشَّ النبي عليه الصلاة والسلام الماء من فَمِه عليه يُمازحه ويُضاحكه، فلم يَنْسَها محمود بن الربيع إلى أن كبر، فأخبر بها عندما كبر.

 

تخيَّل موقف من النبي عليه الصلاة والسلام مع ذلك الطفل الصغير لم ينْسَه أبدًا، فيجب أن نُكثِر من المواقف الجميلة والتعامل الحسن مع الأبناء حتى إذا كبروا تذكَّروا ذلك الحنان، وعبَّروا عن ذلك الاحترام والتقدير، ومنه أيضًا يتَّضح لنا كيف كان صلى الله عليه وسلم ودودًا مع الصغار، رحيمًا بهم، يُلاطفهم ويُدخِل عليهم السرور.

 

وكان صلى الله عليه وسلم يُسلِّم على الصغار شأنهم شأن الكِبار، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور الأنصار ويُسلِّم على صبيانهم ويمسح رؤوسهم، وهذا أمر يغفل عنه الكثير اليوم؛ بل إن الرجل لَيَمُرُّ على الأطفال ممن هم دون سِنِّ البلوغ بقليل فلا يُسلِّم عليهم؛ إذ في نظرهم كيف تُسلِّم على أطفال وأنت ذلك الرجل الكبير الحازم، وقد وقع مثل هذا في زمن النبي عليه الصلاة والسلام فبيَّنَه للناس وعلَّمَه للأُمَّة، فعن أبي هريرة قال: قبَّلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسًا، فقال الأقرع: إن لي عشرةً من الولد ما قبَّلْتُ منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: «مَن لا يَرحم لا يُرحَم».

 

ثالثًا: عقده صلى الله عليه وسلم المسابقات بين الأطفال ليُنشِّط عقولهم، ويُنمِّي مواهبهم، ويرفع همَّتهم، ويُعزِّز طاقاتهم المخبوءة.

 

وهذا جانب مُهِمٌّ في حياة الأبناء، فلا بُدَّ من إكسابهم المواهب والألعاب التي تُنمِّي عقولهم، وتقوِّي أجسادَهم، وتُعلِّمُهم فنون الحياة ومواجهة الأخطار والعيش عندما يكبرون، ومن هذه الألعاب التي تقوِّي الجسد وتقوِّي البَدَن المصارعة، فقد تصارع "سَمُرة بن جندب" و"رافع بن خديج " رضي الله عنهما أمامَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أرادا الاشتراك في جهاد الأعداء فردَّهما رسول الله؛ لصغر سِنِّهما، فزكَّى الصحابة "سَمُرة بن جندب"؛ لأنه يُحسِن الرَّمْيَ، فأجازه صلى الله عليه وسلم، فقال "رافع بن خديج " معترضًا على اختيارهم- إنه يُصارعه؛ أي: إنه أقوى منه- رغم أنه لا يُحسِن الرمي، فطلب الرسول الكريم منه أن يُصارعه، فدخلا معًا مُباراة للمصارعة فصرعَه رافعٌ، فأجازهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم!

 

فهذا صلى الله عليه وسلم القائد يُوقِف جيشًا ذاهبًا إلى المعركة من أجل أن يرى مصارعة طفلين صغيرين أمامه ليثبتا له أنهما أهلًا للقتال، تربية عظيمة وحِلْم لا يصدر من أحد إلا نبي بُعِث رحمةً للعالمين.

 

وكان صلى الله عليه وسلم يُسابِق بين الصغار؛ فقد رُوي عن عبدالله بن الحارث رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفُّ عبدالله، وعبيدالله، وكثير بن العباس، ثم يقول: «مَن سبق إليَّ فله كذا وكذا»، قال: "فيستبقون إليه، فيقعون على ظهره وصدره، فيُقبِّلهم ويلتزمهم".

 

فتأمَّل اهتمامه صلى الله عليه وسلم بالأطفال، وتخصيصه لهم من وقته الثمين ليلعب معهم، ولم يشغله عنهم الدعوة إلى الله، وتدبير أمر المسلمين والاهتمام بشئون الدولة الإسلامية ورعاية مصالح الناس.

 

رابعًا: غرسُه صلى الله عليه وسلم العقيدةَ الصحيحةَ والقِيمَ العليا فيهم.

 

فمن حقِّ الأبناء تعليمهم وتربيتهم على مبادئ الدين، وغرس أصول العقيدة الإسلامية الصافية في قلوبهم، وهذا ما كان يفعله عليه الصلاة والسلام مع الأطفال الصغار؛ لأن قلوبهم لا تزال فارغةً من الهموم، وأذهانهم صافية، وفطرتهم سليمة، وكم سمعنا في صغرنا المقولة المنتشرة: "التعليمُ في الصِّغَر كالنَّقْش على الحَجَر"، ومواقف النبي التعليمية مع الصغار كثيرةٌ منتشرةٌ في كتب الحديث والسِّيَر، منها حديث ابن عباس رضي الله عنه المشهور: «يا غلامُ، إنِّي أُعلِّمُكَ كلماتٍ: احفَظِ اللهَ يحفَظْكَ، احفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجاهَك، إذا سألتَ فاسأل اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ، واعلم أنَّ الأُمَّةَ لو اجتمَعَتْ على أن ينفعـوكَ بشَيءٍ لم ينفعوكَ إلا بشيءٍ قد كتَبَه اللهُ لك، وإن اجتمعوا على أن يضرُّوكَ بشيءٍ لم يضرُّوكَ إلا بشيءٍ قد كتَبَه اللهُ عليك، رُفِعَتِ الأقلامُ، وجفَّت الصُّحُف».

 

وهذا الحديث من الأحاديث العظيمة التي ذكر فيه النبي عليه الصلاة والسلام مجموعةً من الوصايا العظيمة التي تبني العقيدة الصافية، وتقوِّي الإيمان في النفوس، وهو من الأحاديث التي اعتنى بها العلماء، وصنَّف فيه أهل العلم المصنفات العديدة في العقيدة، عندما خاطب بها النبي عليه الصلاة والسلام ذلك الطفل الصغير عبدالله بن عباس رضي الله عنه، والقصة أن النبي صلى الله عليه وسلم التقى بابن عباس في أحد مسالك المدينة فأرْدَفَه خلفَه على الحمار وهو بعد غلامٌ صغيرٌ يُناهز السابعة، ثم وجَّه إليه هذه العبارات الجامعة المانعة والتي تُعَدُّ أصلًا من أصول العقيدة، وحمَّله أمانةَ هذا العلم، وغرس فيه هذه القِيَم الجليلة.

 

ولم يقل صلى الله عليه وسلم: ما زال صبيًّا صغيرًا لن يفهم كلامي أو يعقل مُرادي، وهذا هو الخطأ الفادح الذي يقع فيه كثيرٌ من الآباء والمربِّين والتربويين عندما يستهينون بعقليات الأطفال، ويظنُّون فيهم عدم الفهم، وما فعلوا ذلك إلا لما دخلت علينا تلك المناهج المستوردة الخالية من الفائدة والتي لا تُعلِّم الطفل علمًا، ولا تردُّ عنه جهلًا، حتى أصيب كثيرٌ من الأطفال بتبلُّد الذكاء وتدنِّي مستواهم الدراسي، وضعف ثقافتهم المعرفية عند تلقِّيهم تلك المناهجَ الفاسدةَ التي لا تزال تنظر إلى الطفل بعين الجهل والاستخفاف وإن بلغ الثامنة عشرة من عمره!

 

وكذلك موقف النبي عليه الصلاة والسلام مع معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما سأله عن حقِّ الله على العباد، وحق العباد على الله تعالى وهو لا يزال صغيرًا، ثم بيَّن له ذلك الأمر العظيم، وجلَّاه له، وشرح له التوحيد الذي هو أساس الدين ولُبُّه وهو لا يزال صغيرًا، فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ، قَالَ: فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ وما حقُّ العبادِ عَلَى الله»؟ قَالَ قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّ حَقَّ اللّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوا اللّهَ وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَلَّا يُعَذِّبَ مَنْ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ، أَفَلا أبَشِّرُ الناسَ؟ قَالَ: «لا تُبَشِّرهم فيتَّكِلُوا».

 

فهذه قطوفٌ من اهتمام النبي عليه الصلاة والسلام بالصغار والعناية بهم، وحرصه على تعليمهم وتربيتهم التربية الصالحة، ولمعرفته صلى الله عليه وسلم بأن هؤلاء الأطفال هم مَن يحمل مشعل الدعوة إلى الله في المستقبل، وهم الجيل الذي سيتصدَّر التعليم والتربية لمن يأتي من بعدهم، ويحمل هذا النور إلى البشرية، فإذا رُبُّوا على قيم الخير، وحسن الأخلاق وتحمُّل المسئولية أثمَرَ ذلك أمَّةً ربانيةً قويَّةً، وإذا ضاعوا وغُرِس فيهم الدناءة وضعف الهمم، وتُرِكُوا بلا توجيهٍ أو تربيةٍ، أصبحوا خناجِرَ في خصر الأُمَّة يطعنها من الداخل ويهدم بنيانها بيده.