جنود الفشل
المثابرةَ هي المفتاح الوحيد لتحقيق الأهداف؛ فهي وَقُود النجاح.. بقدرِ اهتمامك بهدفك تستطيع اقتناص المزيد مِن الفرص التي تطير بك إلى عالم النجاح
- التصنيفات: تزكية النفس - نصائح ومواعظ -
الاكتئاب والإحباط:
أحد تعريفات الاكتئاب عند علماء النفس هو: "الغضب الموجه إلى الداخل"، ولا يُقصد به كَتْمُ الغضب بغرض العفو، وإنما النوع الذي يتحدثون عنه هو عندما يكون المرء مضطرًّا أن يكتُمَ غضبه؛ لأنه لم يجد طريقة أخرى لاستعادة حقه، أو السيطرة على موقف ما.
وينتج عن كَتْمِ الغضب ظهور تلك المشاعر المكتومة في هيئة أخرى، مثل: الكوابيس، الشعور بالحزن بدون معرفة السبب، أو الشعور بالغضب فجأة عندما يحدث أي شيء بسيط، فمثلًا عندما يغضبك مديرك أو رئيسك في العمل ربما تجد نفسك في المنزل تغضب أطفالك لأي سبب، وذلك كله نتيجة للغضب المكتوم.
والإحباط في الغالب ما يكون آخر مرحلة قبل الاكتئاب، فبعض الأشخاص ينجح في التغلُّب على الإحباط، بينما ينزلق البعض إلى الشعور بالاكتئاب.
وبالتالي علينا أن نعرف: أن التعامُل مع الإحباط يُعد إحدى الخطوات المهمة في منع الاكتئاب.
ومن الأسباب التي تؤدي إلى الإحباط:
1- المثالية العمياء: الأشخاص الذين يتمسَّكون بالمثالية العمياء غالبًا ما يتوقعون أنهم يعيشون في عالم مثالي تسير فيه كل الأمور بدقة وانتظام؛ ولذلك فهم أكثرُ الناس تعرُّضًا للإحباط.
2- الغرور: الأشخاص المغرورون هم مِن أكثر الناس تعرُّضًا للإحباط؛ وذلك لأنهم دائمًا ما يتوقعون أن تسير الأمور كما خططوا لها.
3- وَضْع أهداف مبالَغٍ فيها، صعبة ومستحيلة.
4- عدم وجود خطة بديلة.
فعن طريق فَهْمِك لهذه الأسباب فهمًا جيدًا، بتغيير لبعض العادات ومحاولتك التخلص منها، ستتمكن مِن أن تتغلَّب على الإحباط تمامًا.
المثابرة:
يقول توماس ألفا إديسون[4]: "كثير مِن الناس يئِسوا من أعمال يتابعونها وركَنوا إلى الفشل وهم على بُعْد خطوات من النجاح".
ويوجَد الكثير من الناس بلغوا المجد وهم لم ينالوا حظًّا من المال، لعل بعضهم لم ينَلْ حظًّا وافرًا من الذكاء، ولكنهم بمثابرتهم استطاعوا أن يلملموا ذكاءَهم ويعصروه لتحقيقِ هدفِهم.
فعلى الإنسان أن يضعَ له هدَفًا يكون مقتنعًا به، ويبدأ في استغلال وقته بشكل أفضل لتحقيقِ هدفِه أو أهدافه.
ومِن أكثر الصفات التي يحتاجها الإنسان في حياته العملية: رُوح المثابرة والمبادرة، فبها يستطيع مواجهة كل ما يقف في وجهه من عوائقَ وعراقيلَ، ومِن الصعب جدًّا أن تدخُلَ وأنت راغب في تحقيق النجاح بلا حواجز أو موانع تقف بينك وبين نجاح مشروعِك أو مشاريعِك.
فالمُبادِرُ دائمًا ما يتعلم من مواقف حياته؛ فهو لا يرى العمل عبئًا ثقيلًا، ومسؤولية مرهقة، بل العمَل بالنسبة له خبرةٌ ومهارة جديدة تضاف إلى رصيده في كل يوم بذَله في سبيل تحقيق أهدافه.
جميع الناس يعيشون في كل يوم 24 ساعة، ولكن يختلفون في استثمارها بالشكل المطلوب، فكلما كنتَ مبادرًا ومثابرًا في ساعاتك اليومية، كنتَ أقربَ من غيرك للنجاح، وكلما استثمرتَ وقتك بالشكل المطلوب، حققتَ النجاح.
وحتى تنجح في أن تكون مثابرًا ومبادرًا عليك بالتالي:
• كن سيدَ وقتك... استثمر وقتك بالشكل الصحيح، وتعلَّم كيف تستثمره بالأسلوب الأفضل دائمًا، فكل يوم ستتعلم أسلوبًا أفضل لأداء المهام والإنجازات، واحذَرْ مِن أن يتحكم بك الوقت وتضيع ساعاتك بلا هدف تحققه، ولا أولويات تقوم بها.
• لا تنتظر الفرص، بل اصنَعْها...
• ركِّزْ، ثم ركِّز... العنصر الأساسي لإشعال روح المثابرة والتحدي هو:
التركيز على الهدف، ومعرفة ما يريده الإنسان، فمن الصعب أن يثابر ويتحدى الإنسان وهو يركض خلف المجهول، بل مِن المهم تحديد الهدف بشكل واضح ومباشر، وبعد ذلك تكون المبادرة والمثابرة عنصرًا أساسيًّا لتحقيقه والوصول إليه.
هناك قصة طريفة حدثت في اليابان، وهي قصة طالب قرر في عام 1938 أن يوظِّفَ كل ما لديه من مال ليصنَع ورشة صغيرة، وتمكَّن في ورشته مع رفاقه من صناعة محرك يعمل بالبنزين، قام بعرض محركه على شركة (TOYOTA)، إلا أن الشركة لم تأخذ المحرك؛ لعدم ملاءمته للمواصفات التي تطلبها... قام الطالب بتطوير محرِّكِه بحسَب المواصفات التي طلبتها الشركة، وفي عام 1940 وقَّع العقد مع الشركة المذكورة، ولكن القوات الأمريكية التي قصَفَتْ بلدَه قصفًا وحشيًّا قد أصابت ورشته مرتين.
بعد الحربِ عانت اليابان مِن ندرة خانقة في مادة الوقود، بحيث يصعب استخدام المركبات والعربات التي تعمل بالوقود؛ لذلك عمَد هذا الطالب إلى صناعة محرك يُركب على الدراجات الهوائية، طلب الشاب مِن بائعي الدراجات، البالغ عددهم (18000) بائع أن يعينوه بالمساهمة في مشروعه الذي يعمل على النهوض ببلده بعد الحرب التي أتت على كل شيء، ولكنها لم تنل من عزيمة الشاب الياباني "الطالب"، فاستجاب لدعوته (5000) من البائعين للدراجات، حققت هذه الدراجة نجاحًا باهرًا، وفاز الطالب [بجائزة الإمبراطور الياباني]، بدأ عملية التصدير لدراجته هذه إلى أمريكا وأوروبا وغيرها من دول العالم.
أتدرون ما اسم هذه الدراجة؟
إنها دراجة (HONDA) التي سميت باسم مُنتجها الطالب الياباني.
• فالموهبة دون مثابرة لا تكفي لأن تجعل الإنسان ناجحًا.
• والذكاء دون مثابرة لا يكفي لأن يجعل الإنسان ناجحًا.
• والتعلم وحده لا يكفي ليجعَلَ الإنسان ناجحًا.
ولكن الإصرار والتصميم لتحقيق الهدف يستطيعان أن يحققا المستحيل، بل إنهما يستطيعان تغطيةَ القصور في المواهب الموروثة.
ولذلك أحيانًا نستغرب أن نجد شابًّا (ة) بلا عمل يلقي باللوم على الظروف التي لم توفر له ذلك؛ فمِن الجدير به أن يلوم نفسه؛ لضعف مثابرته في الحصول على عمل؛ لأنه وجد: (في الكسل صديقًا استأنس به).
باستطاعته أن يكون ناجحًا إذا ما توافرت لديه الإرادة والرغبة الصادقة لتحقيق أهدافه.
كيف تصل إلى المثابرة؟
يجب على الإنسان أن يكون له هدف في هذه الحياة، ومن لم يكن له هدف يكون عرضة لكل أنواع الشر، وهدفًا سهلًا لكل المصائب والانحرافات، ويكون هدفًا سهلًا لآفات العصر التي يصطاد بها الشيطان ضحاياه، ونقصِد بأمراض العصر الفتاكة، مِثل: المخدِّرات، وأمراض الإيدز، (نسأل الله العافية).
فإذا كان لدى الإنسان هدف يسعى إليه باهتمام، فإنه يحصن نفسه ضد الكثير من الآفات التي تستهدف شبابنا وأمتنا لتصير أمة متخلفة عن الأمم بعد أن أضاعت خارطة طريقها في قيادة الأمم.
والمثابرة من القوانين التي تحكم هذه الحياة؛ فاستمرارُك في المحاولة يؤدي إلى تحقيق ما تريده؛ فإن الأشخاص الذين لم يحققوا شيئًا في حياتهم ليسوا أشخاصًا لم تكن لديهم الموارد لتحقيق أهدافهم، بل هم الذين استسلموا مُبكرًا، بالرغم من أنهم كانوا قد اقتربوا من الوصول لما يريدونه.
مثل الفلاح الذي يزرع البذور ويقوم برشها وينتظر، ولكن لم يحدث شيء فيتركها، وبمرور الوقت يظهر النبات الأخضر، ولكن لم يوجد من يوفر له العناية اللازمة للنمو فيموت.
أختي الكريمة، أخي الكريم، أيها الإنسان المسلم:
اعلَمْ أن قيمة الإنسان في المجتمع لا تكون إلا بقدر ما يقدمه (الإنسان) لهذا المجتمع، ويستطيع أن يحدد فضاء وسعة مجتمعه بحجم هذه الخدمة التي يقدمها، ولكن قبل أن تكون سيدًا لمجتمعك عليك أن تكون سيدًا لوقتك، لا أن يكون وقتك سيدًا عليك.
ولا تنتظر الفرص، بل اسعَ إليها، واقتنِصْها فبقدرِ اهتمامك بهدفك تستطيع اقتناص المزيد مِن الفرص التي تطير بك إلى عالم النجاح، وبدون أهداف ستعيش حياتك متنقلًا مِن مشكلة إلى أخرى، بدلًا مِن فرصة إلى أخرى.
وعليه، فإن فكرةَ الموهبة تعتبر خدعة كبيرة تستعمل لتبرير الفشل، فمن السهل جدًّا أن نقول: إننا غيرُ موهوبين بدلًا من أن نقول: إننا "لم نحاوِلْ بالقدر الكافي".
والنتيجة التي توصَّلنا إليها هنا هي:
أن المثابرةَ هي المفتاح الوحيد لتحقيق الأهداف؛ فهي وَقُود النجاح..
واعلم أن النجاح لا يأتي إلا بقدر الطلب...
فتذكر دائمًا قول الله تعالى في كتابه "القرآن الكريم"، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى * وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم: 39 - 42].
الكاتب: عبدالمجيد قناوي