بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا

معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا»:

  • التصنيفات: شرح الأحاديث وبيان فقهها -

قال المصَنِّفُ: وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا؛ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» ؛ (رواه مسلم) [1].

 

ورواه أحمد من حديث ابن مسعود[2]، وفيه: من الغرباء؟ قال: النُّزَّاعُ مِنَ القَبَائِل.

 

وفي رواية[3]: الْغُرَبَاءُ الَّذِينَ يَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاس.

 

وللترمذي[4] من حديث كَثِير بن عبد الله[5]، عن أبيه[6]، عن جده[7]: «طُوبَى لِلْغُرَبَاء الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ سُنَّتِي».

 

معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا»:

قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (1/ 354): قال القاضي: معناه: أن الإسلام بدأ في أحياء من الناس وقلة، ثم يعود إلى مثل ذلك؛ اهـ.

 

قوله: (طوبي للغرباء): قال النووي في "شرح مسلم" (18/ 403): (طوبى)، فعلى من الطيب، قاله الفراء، قال: وإنما جاءت الواو لضمة الطاء، قال: وفيها لغتان تقول العرب: طوباك وطوبى لك.

 

معنى طوبى:

قال الإمام النووي ـ عقب كلامه السابق ـ: وأما معنى طوبى، فاختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} [الرعد:29]، فروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن معناه: فرج وقرةُ عينٍ.

 

وقال عكرمة: نعم مالهم، وقال الضحاك: غبطة لهم.

وقال قتادة: حسنى لهم، وعن قتادة أيضًا معناه: أصابوا خيرًا.

وقال إبراهيم: خير لهم وكرامة، وقال ابن عجلان: دوام الخير.

 

وقيل: الجنة، وقيل: شجرة في الجنة، وكل هذه الأقوال محتملة في الحديث، والله أعلم؛ اهـ.

 

قوله: (النزاع من القبائل): قال في "المفهم" (2/ 127): قال الهروي: أراد بذلك المهاجرين الذين هجروا أوطانهم إلى الله تعالى.

 

والنُزَّاع: جمع نزيع أو نازع، وهو الذي نزع عن أهله وعشيرته وبَعُدَ عن ذلك؛ اهـ.

 

وقال السيوطي في "شرح سنن ابن ماجه" عند هذا الحديث برقم (3978): النزاع من القبائل ذكر في "القاموس": النزيع الغريب، كالنازع جمعه نزاع؛ انتهى، وفي رواية "الترمذي": وزاد تفسيرهم: الذين يُصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي؛ أي: يعملون بها ويُظهرونها على قدر طاقتهم.

 

فهذا الرجل يُصبح في قومه معتزلًا مهجورًا كالغريب؛ لأنه سنة الله التي قد خلت من قبل بالرسل والأنبياء، ولكن الله يُعنيهم، فإن العاقبة للمتقين، ولذا ورد: العبادة في الهرج كهجرة إليَّ، كما مرَّ؛ اهـ.

 


[1] رواه أحمد في "المسند" برقم (370).

[2] رواه أحمد (6/ 325)، والترمذي برقم (2629)، والدارمي (2/ 311)، وابن ماجه (2/ 478)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (1/ 297).

قلت: وهو في "الصحيح المسند" لشيخنا الوادعي برقم (852).

[3] أخرجها الإمام أحمد، في "المسند" (27/ 237)، من حديث عبد الرحمن بن سنَّة، من طريق إسحاق بن أبي فروة، وهو مترك.

[4] في "سننه" (2630)، و كثير بن عبد الله ضعيف، أحد أركان الكذب. انظر "التهذيب" (8/ 377).

[5] هو كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني المدني، ضعيف، أفرط من نسبه إلى الكذب من السابعة، ر د ت ق؛ اهـ من "التقريب" (ص460).

[6] هو عبد الله بن عمرو بن عوف بن زيد المزني المدني، والد كثير مقبول من الثالثة، ر د ت ق. اهـ من "التقريب" (ص316).

[7] هو عمرو بن عوف بن زيد بن ملحة بكسر أوله ومهملة أبو عبد الله المزني صحابي مات في ولاية معاوية خت د ت ق. اهـ من "التقريب" (ص425).

___________________________________________________

الكاتب: فواز بن علي بن عباس السليماني