الحلقة الأولى مع: توطئة بين يدي دفع شبهة...
محمد بوقنطار
فيتخرصون في غير براءة قائلين: كيف إذا كانت دركة الضلال ودرجة الهداية مرهونتين متعلقتين بمشيئة الله أن يعذب وهو الذي شاء المضللين ويثيب المهديين؟!
- التصنيفات: قضايا إسلامية -
في أواخر الثمانينات وأنا على مشارف إتمام عقدي الثاني كانت سوق الشبهات يغلي مرجلها ويفور تنورها باستفهامات وأسئلة تريد أن تنتزع الإيمان من صدور المؤمنين وتبغي الرمي بالسادرين الحيارى في أودية الضلال السحيقة القعر البعيدة الغور، لا زلت أذكر وأنا الشاب اليافع الذي لم يستو زرع معارفه على سوق النضج والرزانة كيف كنت أقف عاجزا عن فك شيفرة هذه العاديات ضبحا المغيرات صبحا، فأولي مدبرا لا أعقب، فارا أحوقل في نبس خفيف وأستعيذ بالله في همس طفيف، أهمهم بكلمات عزائي بها يقيني في أن الله لا يصلح عمل المفسدين.
لقد كنت تجد مجالس المجادلين جدال "بزنطة" يستفهم الندماء من روادها في قصد مدخون وعناد ومكابرة فيتخرصون في غير براءة قائلين: كيف إذا كانت دركة الضلال ودرجة الهداية مرهونتين متعلقتين بمشيئة الله أن يعذب وهو الذي شاء المضللين ويثيب المهديين؟!
ثم ما تلبث الألسن الغارفة الهارفة أن تمتد متطاولة في جسارة متهمة في حقارة عدل الله وفضله منتقصة من جلال صفاته وكمال أفعاله سبحانه سبحانه.
ولا شك أن مستند القوم في التقعيد لرميهم الموبوء ينيخ مطايا شبهته المشبعة بالريب والشك والعناد عند لازم قوله تعالى: " {يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء} " وقوله جل جلاله: " {كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء} ".
وقد فهم دراويش الرؤية من هذه الآيات البينات ما يحيل على نفي مسؤولية العبد الفاعل عن أفعاله وبراءة ذمته من التقصير، ومن ثم الرمي بمعطى الاختيار في جبة الجبر كما فعل كبيرهم الذي علمهم السحر إذ قال بعد الإباء والاستكبار والعتو والعصيان: " {فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم} " الآية.
بينما نسب أبونا آدم الذنب والمخالفة لنفسه ولزوجه فقال عليه الصلاة والسلام معترفا مقرا في توبة وإنابة: " {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} ".
فمع ثاني الحلقات من هذه السلسلة الصيفية لدفع هذه الشبهة التي ولدت ميتة، ولا يزال بعض المرضى من معشر الموتورين ينفخ في رمادها البارد العفن، فانتظرونا مع خالص الدعاء لنا بالتوفيق والإخلاص والقبول آمين...