التفكر
إن من أعظم العبادات وأفضل الطاعات وأقرب القربات التفكر في خلق الله لأنه يزيد الإيمان ويرسخ اليقين ويجلب الخشية والتعظيم
- التصنيفات: أعمال القلوب -
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ويقول سبحانه {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ} ويقول {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} يقول عبيد بن عمير رضي الله عنه أنه قال لعائشة رضي الله عنها أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فسكتت ثم قالت لما كان ليلة من الليالي قال «يا عائشة ذريني أتعبد الليلة لربي» قلت والله إني أحب قربك وأحب ما يسرك قالت فقام فتطهر ثم قام يصلي قالت فلم يزل يبكي حتى بل حجره قالت وكان جالسا فلم يزل يبكي صلى الله عليه وسلم حتى بل لحيته قالت ثم بكى حتى بل الأرض فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فلما رآه يبكي قال يا رسول الله تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال أفلا أكون عبدا شكورا لقد نزلت علي الليلة آية ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها إن في خلق السموات والأرض الآية كلها رواه ابن حبان في صحيحه وحسنه الألباني.
إن من أعظم العبادات وأفضل الطاعات وأقرب القربات التفكر في خلق الله لأنه يزيد الإيمان ويرسخ اليقين ويجلب الخشية والتعظيم يقول عامر بن عبد قيس سمعت عدداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون " ضياء الإيمان أو نور الإيمان التفكر " ويقول الحسن رحمه الله " إن من أفضل العمل الورع والتفكر " ويقول أيضاً " تفكر ساعة خير من قيام ليلة ".
تفكر في نفسك {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} تفكر في مبدئك خلقت من نطفة من ماء مهين من ماء دافق مستقذر لو مرت عليه ساعة من الزمن وتعرض للهواء الخارجي لفسد وتغير. ولو تأملنا القرآن الكريم لوجدنا أن الله سبحانه وتعالى كرر ذكر النطفة والعلقة والمضغة في كثير من الآيات في كتابه وذلك ليدعونا إلى أن ننظر في مبدئنا ونتفكر في منشأنا ونتأمل في أنفسنا {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} بل إن الله سبحانه وتعالى ذكر البنان وهو ما يسمى اليوم بالبصمة أو علم البصمات هذا العلم الذي أبهر المتخصصين وأدهش عقول الآخرين ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم فقال {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ}.
لقد جعل في الإنسان اللحم والعظم والعقل والعروق والأعصاب والحواس والجلد وجعل له ثلاثمائة وستون مفصلاً وجعل في جسمه أبواباً ومنافذ متعددة فبابان للسمع وبابان للبصر وبابان للشم وبابان لخروج الفضلات المؤذية وقد عجز الطب الحديث بآلاته الدقيقة وأجهزته المتطورة من الإحاطة بدقائق خلق الإنسان فتبارك الله أحسن الخالقين يقول الله {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ}.
عباد الله:
{وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} لقد خلق الله الأرض في يومين وجعل فيها رواسي - أي جبالاً - من فوقها وقدر فيها أقواتها أي هيأها وجعل لها ما يصلح لها من الأقوات في يومين آخرين فأنظر كيف مهدها وسلك لنا فيها سبلاً يعني طرقاً وجعلها مذللة نمشي في مناكبها ونأكل من رزقها وجعلها قراراً للخلق لا تضطرب ولا تتزلزل إلا بإذن الله وبث فيها الخلائق والعوالم الذين لا يحصي عددهم إلا الله فكم على الأرض من بحار ومحيطات فيها من الأسرار ما لا يعلمه إلا الله وكم على الأرض من بشر ينتشرون مختلفون في لغاتهم وأشكالهم وألوانهم وكم على الأرض من حيوانات فيها النافع الذي نعرف به عظمة الله ومنها الضار الذي نعرف به عجزنا وضعفنا أمام قدرة الله وكم في الأرض من نباتات وقطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون وكم في الأرض من جمادات وكل هذه الأشياء تسبح بحمد الله وتشهد بوحدانية الله {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}.
فوا عجباً كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجاحد ولله في كل تحريكة وتسكينة أبداً شاهد وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد يقول الله {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} {أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُم ﴾ ﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا}.
تفكروا في السماء التي خلقها الله في يومين {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} تفكروا في المجرات المنطلقة فيها والنجوم والكواكب المزدحمة في فضائها معلقة لا تسقط سائرة لا تقف منتظمة لا تصطدم من الذي نظم مسارها؟! من الذي سير أفلاكها؟! من الذي أشرف على مدارها؟! من الذي دبر أمرها؟! من الذي أمسك أجرامها؟! إنه الله {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} لو اقتربت الشمس من الأرض لأحرقتها ولو ابتعدت من الأرض لعم الجليد والصقيع وجهها فسبحان من أقامها في أماكنها {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}.
تفكروا في الملائكة العظام الذين جعلهم الله سكان السماء كما جعل البشر سكان الأرض يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله تعالى ساجدا والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله) ويقول صلى الله عليه وسلم" أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله عز وجل من حملة العرش إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام " قال تعالى {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}.
عباد الله تفكروا في مخلوقات الله التي خلقها الله دلالة على ذاته وعلى كمال صفاته وعظيم آياته فإن التفكر فيها عبرة لمن اعتبر يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن "تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله" تأملوا وتدبروا الآيات التي تحدثت عن مراحل خلق الإنسان ستجدون عجباً عجاباً تأملوا وتدبروا في الآيات التي تحدثت عن السحاب ستجدون عجباً عجاباً تأملوا وتدبروا في الآيات التي تحدثت عن الرياح ستجدون عجباً عجاباً تأملوا وتدبروا في الآيات التي تحدثت عن الجبال ستجدون عجباً عجاباً تأملوا وتدبروا في الآيات التي تحدثت عن المطر ستجدون عجباً عجاباً تأملوا وتدبروا في الآيات التي تحدثت عن النبات ستجدون عجباً عجاباً.
لله في الآفاق آيات لعلْ لَ أقلها هو ما إليه هداكـــــــــــــــــــــــــــــــا
ولعل ما في النفس من آياته عجب عجاب لو ترى عيناكـــــــــــــــــــا
والكون مشحون بأسرار إذا حاولت تفسيراً لها أعياكــــــــــــــــــــــــا
قل للطبيب تخطّفته يد الردى: من يا طبيب بطبّه أرداكـــــــــــــــــــا؟
قل للمريض نجا وعوفي بعدما عجزت فنونُ الطب: من عافاكـــــــــا؟
قل للصحيح يموت لا من علّة: من بالمنايا يا صحيح دهاكـــــــــــــــا؟
قل للبصير وكان يحذر حفرة فهوى بها: من ذا الذي أهواكـــــــــــــــا؟
بل سائل الأعمى خطا بين الزحام بلا اصطدام: من يقود خطاكـــــــا؟
قل للجنين يعيش معزولاً بلا راع ومرعى ما الذي يرعاكــــــــــــــــــا
قل للوليد بكى وأجهش بالبكاءِ لدى الولادة ما الذي أبكاكـــــــــــــــــا
وإذا ترى الثعبان ينفث سُمَّهُ فاسأله من ذا بالسموم حَشَاكــــــــــــاَ؟!!
واسأله كيف تعيش يا ثعبان أو تَحيا وهذا السمُّ يملأ فَاكَــــــــــــــا؟!
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت شهداً وقل للشهد من حلاكــــــــا
بل سائل اللبنَ المصفى كان بي ن دم وفرث ما الذي صفاكـــــــــــــا
قل للهواء تحسه الأيدي ويخ فى عن عيون الناس من أخفاكـــــــــا
وإذا رأيت النبت في الصحراء يَرْ بو وحده فاسأله من أرباكـــــــــــا
وإذا رأيت البدر يسري ناشراً أنواره فاسأله من أسراكــــــــــــــــــــا
واسأل شعاع الشمس يدنو وهي أَبْ عَدُ كلُ شيء ما الذي أدناكــــا
وإذا رأيت النخل مشقوقَ النوى فاسأله من يا نخل شق نواكــــــــا
وإذا ترى الجبل الأشم مناطحاً قمم السحاب فسله من أرساكـــــــا
وإذا رأيت النار شبَّ لَهيبها فاسأل لهيب النار من أوراكـــــــــــــــا؟!
وإذا ترى صخرًا تفجر بالْمياه فسله من بالماء شقَّ صَفَاكـــــــــــا؟!!
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال جرى فسله من الذي أجراكـــــــــــــا
وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج طغى فسله من الذي أطغاكــــــــــا
وإذا رأيت الليل يغشى داجياً فاسأله من يا ليل حاك دجاكــــــــــا
وإذا رأيت الصبح يسفر ضاحياً فاسأله من يا صبح صاغ ضحاكــا
ستجيب ما في الكون من آياته عجب عجاب لو ترى عيناكـــــــــا
ربي لك الحمد العظيم لذاتكَ حمداً وليس لواحد إلاّكــــــــــــــــــا
يا مدرك الأبصار والأبصار لا تدري له ولِكُنْهِهِ إداركــــــــــــــــــــــا
يا منبت الأزهار عاطرة الشذى ما خاب يوما من دعا ورجاكــــــا
يا أيها الإنسان مهلاً ما الذي بالله جل جلاله أغراكـــــــــــــــــــا؟