الحب أحد أسباب النجاح

الانشغال بمتاعب الحياة، والأعمال اليومية الشاقة، والسعي وراء الأحلام والطموحات يُشعِرنا بالإرهاق، وحين شعورنا بذلك نحتاج للراحة؛ لنتمكَّن من المواصلة وعدم التوقف أو الشعور بالملل.

  • التصنيفات: مجتمع وإصلاح -

الانشغال بمتاعب الحياة، والأعمال اليومية الشاقة، والسعي وراء الأحلام والطموحات يُشعِرنا بالإرهاق، وحين شعورنا بذلك نحتاج للراحة؛ لنتمكَّن من المواصلة وعدم التوقف أو الشعور بالملل.

 

وقد تُساعِدنا العلاقات الاجتماعية بالراحة؛ حيث نتلقَّى النصائح والدعمَ من الأشخاص الذين يُشكِّلون أهميَّة في حياتنا، فتزداد الهمَّة، ويتجدَّد النشاط بداخلنا، لا سيما إن كان ذلك الشخص (قريبًا من قلبك) تُحِبه وتُقاسِمه جميعَ أمورك؛ لأن الحبَّ هو أكثر القوى تأثيرًا في العالم، وهو السرُّ وراء تحقيق النجاحات الكبرى.

 

ولو ابتعدنا قليلاً عن كونه أحد أسباب النجاح، فإن الحبَّ بأساسه فِطْرة فُطِر الإنسان عليها، وشعور لا يُمكِن للإنسان السيطرة عليه؛ كونه يأتي مُباشرة في القلب لصفات أو أخلاق (مُباحة) أحببناها بشخص ما؛ فهو شعور خارج عن قُدْرة وسيطرة الإنسان.

 

ولكن، ما حال هذا الحب في مجتمعنا؟!

بكل أسف وأسى!

إنه أصبح "عيبًا" يجب عليك إخفاؤه وستره، وعدم البوح به، في مجتمع نظَر للحب بمنظور سلبي، وأخفى جانبَه الإيجابي، ورسموه في أذهاننا أنه من أخطر القضايا وأبشعِها، وأنه مجرَّد أقاويل لا صحة لها، وكذبة أوجدها الإنسان وآمن بها، والحقيقة لديهم أنه لا يوجد حبٌّ حقيقي، اقتنعوا بهذه الفِكْرة ووَرِثوها وتناقلوها حتى أصبح الحب (مُحرَّمًا ضِمْن عاداتهم)، ونَسوا أنه بشرع الله مُباح، إن استعملناه في رضا الله، وابتعدنا عن شهوات النَّفْس فيه.

 

فالعادات حاربت بطريقة غير مباشرة أحدَ أهمِّ أسباب النجاح، وقتلتْ شعورَ الكثير، وأجبرتْه على إخفاء شعورٍ لو استمرَّ، للاحظنا إنجازات وتطوُّرًا وسعادة الأشخاص بشكل واضح.

 

وأَوجَبَت تلك العادات كِتْمان ذلك الشعور الذي يَبعَث للنفس راحةً وفرحة، وجَهِلوا أنه كغيره من المشاعر الأخرى، كشعور الخوف، والحزن، والغَيرة، أبقوا كلَّ المشاعر واستبعَدوا أهمَّها!

 

لا بأس! سنَحترِم عاداتِ مجتمعنا الذي نعيشه، وسنرضى بمنعِ الحبِّ، ولكن لا تجعلوا من الحبِّ جريمة يُعاقَب فاعِلُها، ويُستباح دمه.

 

امنعوا الحبَّ كوِجْهة نظر، ولكن اجعلونا على بيِّنة أن الحبَّ في أصله "مباح"، ولا تُشوِّهوا الحبَّ، وتُحرِّموا ما أحلَّ الله فيه.

 

فقد قال حكيمُ البشر والأعلم منا بالحلال والحرام: ((مَن أحبَّ لله، وأعطى لله، ومنَع لله، فقد استكمَل الإيمان)).

 

فليس من حقِّ أي شخص أن يتَّهِم مَن أحبَّ أو مَن أحبَّت بقلة التربية؛ فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حبِّه لعائشة: (( «ربي، لا تلمني بما لا أَملِك» ))؛ يَقصد قلبه.

 

وعجبًا! كيف بَعُدت عقولُ مَن حرَّموا علينا الحبَّ عن قصة زينب بنت محمد مع أبي العاص حين فكَّ نبينا أسرَه، وهو مُشرِك من أجل حبِّ ابنته له، تأمَّلوا موقفَ الرسول وعظيم تَصرُّفه مع الحب، وافهموا الحبَّ بالمعنى الصحيح.

 

لعلكم تتداركون موقفَكم وتُصحِّحون عاداتكم، وتنظُرون له من زاوية الجمال مع ذِكْر عيوبه؛ فلكل جانبٍ من جوانب الحياة جوانبُ سيئة، وأخرى مهمة ومفيدة؛ فالدِّين لو رأى بالحبِّ ضررًا لحرَّمه؛ لأن الدين أحرصُ علينا من (عادات وتقاليد) جَهِلت أثرَ الحبِّ في إنتاجيَّة الفرد وتَفاعُله وصفاء ذهنه.

__________________________________________________________

الكاتب: خلود الأسمري