الإيدز .. عقوبة ربانية
حرص الإسلام كل الحرص على إيجاد مجتمع عفيف طاهر لا تثار فيه الشهوات ولا تنتهك فيه المحرمات، وذلك حفاظاً على الأعراض من التدنيس
- التصنيفات: - ثقافة ومعرفة - مجتمع وإصلاح -
حرص الإسلام كل الحرص على إيجاد مجتمع عفيف طاهر لا تثار فيه الشهوات ولا تنتهك فيه المحرمات، وذلك حفاظاً على الأعراض من التدنيس، والأنساب من الاختلاط، فسن التشريعات التي تكفل المحافظة على هذا الهدف السامي، وأمر بالحجاب وغض البصر، ورغب في الزواج، وشرع الحدود.
ومن أجل ذلك جاء التحذير في كتاب الله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وجاءت أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم - تبين عاقبة إشاعة الفاحشة وإعلانها بين الناس، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا» (رواه ابن ماجه).
وجاء العلم الحديث والواقع المعاصر بتأكيد معنى الحديث، وتصديق نبوة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - حيث لم يدرك الناس حقيقة ذلك إلا في العقدين الأخيرين من القرن العشرين الذي انتشرت فيه الفواحش بصورة مروعة، وتفشت كثير من الأمراض الجنسية التي لم تكن معهودة من قبل، وكل ذلك بسبب ظهور الفاحشة وإعلانها، فكان أول ظهور لمرض " الزهري " أثناء الحرب الإيطالية الفرنسية، عندما انتشر الزنا بين الجنود، وسماه الإيطاليون الداء الفرنسي، وعندما غزا الاستعمار الغربي البلاد العربية حملوا معهم هذا الداء فأطلق عليه العرب آنذاك الداء الفرنجي، ولا يزال هذا الاسم مستعملا حتى اليوم، وفي العصر الحديث ظهر مرض " الهربس " كوباء جنسي واسع الانتشار، حتى إن معدل الإصابة السنوية بهذا المرض في الولايات المتحدة تصل إلى نصف مليون حالة.
وفي عام 1979 م ظهر في الولايات المتحدة ولأول مرة مرض فقدان المناعة المكتسبة والمعروف باسم الإيدز، وهو فيروس يتتبع كريات الدم البيضاء المدافعة عن جسم الإنسان فيدمرها الواحدة تلو الأخرى حتى يفقد الجسم أهم وسائل الدفاع، ويصبح بعد ذلك عاجزاً كل العجز عن مقاومة الأمراض التي يتغلب عليها الجسم السليم في الظروف العادية، ويظل صاحبه كذلك حتى يقضي عليه بالموت بعد معاناة طويلة وآلام مبرحة، لفترات قد تطول وقد تقصر، بسبب انهيار جهاز المناعة في الجسم.
وقد انتشر هذا المرض بسرعة رهيبة في أوساط الشاذين جنسيا، وكان عدد المصابين بهذا المرض إلى بداية عام 1981 م لا يتجاوز العشرات، وأما اليوم فقد وصل العدد إلى ملايين الحالات، ولم يتمكن الأطباء حتى الآن من اكتشاف علاج يمكنه القضاء على فيروس الإيدز، وكل ما توصلوا له هو إيجاد المسكنات التي من شأنها تخفيف بعض أعراض المرض المؤلمة جداً.
كل ذلك على الرغم من أنه قد تم القضاء على كثير من الأمراض المعدية في هذا العصر نتيجة التقدم في الطب والعلاج، إلا أن الأمراض الجنسية تظل حتى الآن من أكثر الأمراض المعدية انتشارا في العالم وصعوبةً في العلاج.
جاء في مرجع " مرك " الطبي: " أن الأمراض الجنسية هي أكثر الأمراض المعدية انتشارا في العالم، ويزداد في كل عام عدد المصابين بها، وذلك منذ عقدين من الزمن تقريبا، وتقدر منظمة الصحة العالمية عدد الذين يصابون بالسيلان بأكثر من 250 مليون شخص سنويا، كما تقدر عدد المصابين بالزهري بـ 50 مليون شخص سنويا، ويقدر مركز أتلانتا لمكافحة الأمراض المعدية في ولاية جورجيا بالولايات المتحدة عدد المصابين بالسيلان في الولايات المتحدة بـ 3 ملايين شخص سنويا، وعدد المصابين بالزهري بـ 400 ألف شخص سنويا ".
إضافة إلى ظهور أمراض أخرى مختلفة ومتنوعة بسبب انتشار الفاحشة وشيوعها وانتشار الشذوذ الجنسي في البلاد الإباحية، وكل ذلك مصداقاً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا».
إن هذا الحديث يكشف لنا عن سنة من سنن الله في المجتمعات حين تحيد عن منهج الله وتتمرد على الفطرة السليمة، وهو يكشف لنا كذلك الوجه الآخر القبيح لهذه الحضارة المعاصرة التي كشفت كل مستور، وانتهكت كل فضيلة، ولم يعد عندها معنى للشرف والعفة، فأراد الله أن يبعث هذا المرض في هذا العصر لينتبه الناس ويستيقظوا ولا ينخدعوا بزيف الحضارة وبريقها، وليكون وصمة عار على أولئك الذين عزفوا عن الطريق السوي، واتخذوا الفاحشة والشذوذ وسيلة لتصريف شهواتهم، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.