كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ

خالد سعد النجار

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى

  • التصنيفات: التفسير -

{بسم الله الرحمن الرحيم }

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) }

هذه الآية نزلت في حيين من العرب كان أحدهما يرى أنه أشرف من الآخر فلذا يقتل الحر بالعبد، والرجل بالمرأة تطاولا وكبرياء، فحدث بين الحيين قتل وهم في الإسلام فشكوا ذلك إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فنزلت هذه الآية تبطل ذحْل الجاهلية [الحقد والعدواة. يقال: طلب بذحله، أي بثأره]، وتقرر مبدأ العدل والمساواة في الإسلام.

قال ابن عاشور: تلك أحكام متتابعة من إصلاح أحوال الأفراد وأحوال المجتمع، وابتدئ بأحكام القصاص، لأن أعظم شيء من اختلال الأحوال اختلال حفظ نفوس الأمة، وقد أفرط العرب في إضاعة هذا الأصل، يعلم ذلك من له إلمام بتاريخهم وآدابهم وأحوالهم، فقد بلغ بهم تطرفهم في ذلك إلى وشك الفناء لو طال ذلك فلم يتداركهم الله فِيهِ بنعمة الإسلام، فكانوا يغير بعضهم على بعض لغنيمة أنعامه وعبيده ونسائه فيدافع الْمُغَارُ عَلَيْهِ وتتلف نفوس بين الفريقين ثم ينشأ عن ذلك طلب الثارات فيسعى كل من قتل له قتيل في قتل قاتل وليه وإن أعوزه ذلك قتل به غيره من واحد كفء له، أو عدد يراهم لا يوازونه ويسمون ذلك بِالتَّكَايُلِ في الدم أي كأن دم الشريف يكال بدماء كثيرة، فربما قدروه باثنين أو بعشرة أو بمائة، وهكذا يدور الأمر ويتزايد تزايدا فاحشا حتى يصير تفانيا وينتقل الأمر من قبيلة إلى قبيلة بالولاء والنسب والحلف والنصرة، حتى صارت الإحن فاشية فتخاذلوا بينهم واستنصر بعض القبائل على بعض فوجد الفرس والروم مدخلا إلى التفرقة بينهم فحكموهم وأرهبوهم.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} أخر تفصيل حكم القصاص بعد آيات البر، لأن من كان مؤمناً يندر منه وقوع القتل، فهو بالنسبة لمن اتصف بالأوصاف السابقة بعيد منه وقوع ذلك، وكان ذكر تقديم ما تعم به البلوى أعم، فإن عرض مثل هذا الأمر الفظيع -القتل- لمن اتصف بالبر، فليس ذلك مخرجاً له عن البر، ولا عن الإيمان، ولذلك ناداهم بوصف الإيمان.

{كُتِبَ} أصل الكتابة: الخط الذي يقرأ، وعبر به هنا عن معنى الإلزام والإثبات، أي: فرض وأثبت، لأن ما كتب جدير بثبوته وبقائه {عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} ماهية القصاص تتضمن ماهية التعويض والتماثل.

والقصاص يكون إذا لم يرض ولي الدم بالدية أو لم يعف، وفي البخاري عن أبي هريرة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا يُودَى وَإِمَّا يُقَادُ) وهو صريح في عدم الجمع بينهما.

{فِي الْقَتْلَى} الفاء سببية، أي: بسبب القتلى، مثل حديث: (دخلت امرأة النار في هرة) أي في شأن القتلى؛ وليس في القتلى أنفسهم؛ لأن القتيل مقتول؛ فلا قصاص؛ لكن في شأنهم؛ والذي يُقتص منه هو القاتل.

والمعنى: أنكم أيها المؤمنون وجب عليكم استيفاء القصاص من القاتل بسبب قتل القتلى بغير موجب، ويكون الوجوب متعلق الإمام أو من يجري مجراه في استيفاء الحقوق إذا أراد ولي الدم استيفاءه، أو يكون ذلك خطاباً مع القاتل، والتقدير، يا أيها القاتلون، كتب عليكم تسليم أنفسكم عند مطالبة الولي بالقصاص، وذلك أنه يجب على القاتل، إذا أراد الولي قتله، أن يستسلم لأمر الله وينقاد لقصاصه المشروع، وليس له أن يمتنع بخلاف الزاني والسارق، فإن لهما الهرب من الحدّ، ولهما أن يستترا بستر الله، ولهما أن لا يعترفا.

واعلم أن آيات القصاص في النفس فيها إجمال بينته السنة {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ} الرقيق المملوك {بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى} مما يقتضي المساواة والمماثلة.

يعني أن الآية لم يقصد منها إلا إبطال ما كان عليه أمر الجاهلية من ترك القصاص لشرف أو لقلة اكتراث، فقصدت التسوية بقوله: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} أي لا فضل لحر شريف على حر ضعيف ولا لعبيد السادة على عبيد العامة، وقصدت من ذكر الأنثى إبطال ما كان عليه الجاهلية من عدم الاعتداد بجناية الأنثى واعتبارها غير مؤاخذة بجناياتها.

ولما كان العبد مقوماً بالمال فإنه لا يقتل به الحر بل يدفع إلى سيده مال. وبهذا حكم الصحابة والتابعون وعليه الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد.

وقال آخرون: إن الحر يقتل بالعبد؛ لعموم قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]، وقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس...)؛ وهذا القول هو الراجح

والجمهور على قتل الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجل، ولا يرون الرجوع بشيء، خلافا لمن قال: إذا قتلت امرأة رجلاً قتلت به وأخذ من مالها نصف الدية.

فروى البخاري عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا [حلي] فَقَتَلَهَا بِحَجَرٍ فَجِيءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِهَا رَمَقٌ فَقَالَ أَقَتَلَكِ فُلَانٌ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لَا ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لَا ثُمَّ سَأَلَهَا الثَّالِثَةَ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ نَعَمْ فَقَتَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَجَرَيْنِ.

وفي رواية: "فأمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- برض رأسه بين حجرين" اعْتِمَادًا لِلْمُمَاثَلَةِ وَحُكْمًا بِهَا.

وجمهور العلماء على أن الصحيح السليم الأعضاء إذا قتل أعور أو أشل، أو نحو ذلك عمداً وجب عليه القصاص، ولا يجب لأوليائه شيء في مقابلة ما زاد به من الأعضاء السليمة على المقتول.

وقال عامة أهل العلم: لا يقتل الوالد بولده، وعليه الدية.

والظاهر أيضاً قتل الجماعة بالواحد، وصح ذلك عن عمر وعلي، وهو قول أكثر أهل العلم.

{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ} عن جنايته {مِنْ أَخِيهِ} تذكيرا بأخوة الإسلام وترقيقا لنفس ولي المقتول {شَيْءٌ} أي: فمن تنازل له ولي الدم عن القود إلى الدية أو العفو.

وإطلاق وصف الأخ على المماثل في دين الإسلام تأسيس أصل جاء به القرآن جعل به التوافق في العقيدة كالتوافق في نسب الإخوة، وحقا فإن التوافق في الدين آصرة نفسانية، والتوافق في النسب آصرة جسدية، والروح أشرف من الجسد.

واحتج ابن عباس بهذه الآية على الخوارج في أن المعصية لا تزيل الإيمان، لأن الله تعالى سمى القاتل أخا لولي الدم، وتلك أخوة الإسلام مع كون القاتل عاصيا.

والمقصود بيان أن أخذ الولي بالقصاص المستفاد من صور {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} ليس واجبا عليه، ولكنه حق له فقط لئلا يتوهم من قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ} أن الأخذ به واجب على ولى القتيل، والتصدي لتفريع ذكر هذا بعد ذكر حق القصاص للإيماء إلى أن الأولى بالناس قبول الصلح استبقاء لأواصر أخوة الإسلام.

روى البخاري عن ابن عباس -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- قال: كان في بني إسرائيل القصاص، ولم يكن فيهم الدية.

وقال قتادة: لم تحل الدية لأحد غير هذه الأمة، وروي أيضاً عن قتادة: أن الحُكم عند أهل التوراة كان القصاص أو العفو، ولا أرش بينهم، وعند أهل الإنجيل الدية أو العفو لا أرش بينهم، فخير الله هذه الأمة بين الخصال الثلاث.

ومقصد الآية الترغيب في الرضا بأخذ العوض عن دم القتيل بدلا من القصاص لتغيير ما كان أهل الجاهلية الذين كانوا يتعيرون به من أخذ الصلح في قتل العمد ويعدونه بيعا لدم مولاهم.

وأما قتل الخطأ فإن شأنه الدية على عاقلة القاتل.

{فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} المعروف هو الذي تألفه النفوس وتستحسنه، فهو مما تسر به النفوس ولا تشمئز منه ولا تنكره.

أي تكون مطالبة الدية بالرفق واللين، ولا يستعجله إلى ثلاث سنين يجعل انتهاء الاستيفاء، وعند قبض الدية، لا يتبع عفوه منًّا، ولا أذًى.

{وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} أداء الدية بإحسان خالياً من المماطلة، ووافية غير منقوصة، ودون غضب ولا كلام كريه أو جفاء معاملة.

وهل له أن يعفو مجاناً؟ الجواب: نعم؛ له ذلك؛ لأن الله سبحانه وتعالى ندب إلى العفو فقال: {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة:237]، وقال تعالى: {وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [التغابن:14]، وقال في وصف أهل الجنة: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:134]؛ لكن العفو المندوب إليه ما كان فيه إصلاح؛ لقوله تعالى: { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى:40]؛ فإذا كان في العفو إصلاح، مثل أن يكون القاتل معروفاً بالصلاح؛ ولكن بدرت منه هذه البادرة النادرة؛ ونعلم، أو يغلب على ظننا أنا إذا عفونا عنه استقام، وصلحت حاله، فالعفو أفضل لاسيما إن كان له ذرية ضعفاء، ونحو ذلك؛ وإذا علمنا أن القاتل معروف بالشر، والفساد، وإن عفونا عنه لا يزيده إلا فساداً وإفساداً فترك العفو عنه أولى؛ بل قد يجب ترك العفو عنه.

ومن فوائد الآية: أنه إذا عفا بعض الأولياء عن القصاص سقط القصاص في حق الجميع؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}؛ وهي نكرة تعم القليل والكثير؛ لأنها في سياق الشرط؛ وعلى هذا فلو كان لأحد ورثة المقتول جزء من ألف جزء من التركة، ثم عفا عن القصاص انسحب العفو على الجميع؛ لأن الجزء الذي عفا عنه لا قصاص فيه؛ والقصاص لا يتبعض؛ إذ لا يمكن قتل القاتل إلا جزءاً من ألف جزء منه.

{ذَلِكَ} الحكم العادل الرحيم، وهو جواز أخذ الدية بدلاً من القصاص أو العفو

{تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ} فهذه الأمة خيرت بين القصاص وبين العفو وبين الدية، وكان العفو والدية تخفيفاً من الله إذ فيه انتفاع الولي بالدّية، وحصول الأجر بالعفو استبقاء مهجة القاتل، وبذل ما سوى النفس هين في استبقائها، وأضاف هذا التخفيف إلى الرب لأنه المصلح لأحوال عبيده، الناظر لهم في تحصيل ما فيه سعادتهم الدينية والدنيوية.

{وَرَحْمَةٌ} أي بالجميع: بالقاتل - حيث سقط عنه القتل، وبأولياء المقتول - حيث أبيح لهم أن يأخذوا العوض؛ لأن من الجائز أن يكون الواجب إما القصاص؛ أو العفو مجاناً؛ لكن من رحمة الله أنه أباح هذا، وهذا؛ فهو رحمة بالجميع.

ولأن من استبقى مهجتك بعد استحقاق إتلافها فقد رحمك، وأي رحمة أعظم من ذلك؟ ولعل القاتل المعفو عنه يستقل من الأعمال الصالحة في المدة التي عاشها بعد استحقاق قتله ما يمحو به هذه الفعلة الشنعاء، فمن الرحمة إمهاله لعله يصلح أعماله... فالأخذ بالقصاص عدل، والأخذ بالعفو رحمة.

{فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ} أخذ الدية أو عفا عن القاتل ثم تراجع وقتل بعد سقوط الدم {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} واختلف في هذا العذاب الأليم هل هو عذاب الدنيا بالقتل، أو هو عذاب الآخرة، ومن هنا قال مالك والشافعي: حكم هذا المعتدي كحكم القاتل ابتداء إن عفي عنه قبل، وإن طولب بالقود أو الدية أعطى، وقال آخرون ترد منه الدية ويترك الأمر لله، وقال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: يرد أمره إلى الإِمام يحكم فيه بما يحقق المصلحة العامة.

{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ} المساواة في القتل والجراحات وفي آلة القتل أيضاً {حَيَاةٌ} إبقاء شامل عميم، إذ من يريد أن يقتل يذكر أنه سيقتل فيترك القتل فيحيا، ويحيا من أراد قتله، ويحيا بحياتهما خلق كثير، وعدد كبير.

والقصاص فيه ارتداع الناس عن قتل النفوس، فلو أهمل حكم القصاص لما ارتدع الناس؛ لأن أشد ما تتوقاه نفوس البشر من الحوادث هو الموت، فلو علم القاتل أنه يسلم من الموت لأقدم على القتل مستخفا بالعقوبات.

والتنكير في {حَيَاةٍ} للتعظيم بقرينة المقام، يعني حياة عظيمة شاملة للمجتمع كله، وقوله {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} من جوامع الكلم، وكانت العرب تقول: «القتل أنفى للقتل» وذكر العلماء تفاوت ما بين الكلامين من البلاغة من وجوه:

أحدها: أن ظاهر قول العرب يقتضي كون وجود الشيء سبباً لانتفاء نفسه، وهو محال.

الثاني: تكرير لفظ القتل في جملة واحدة.

الثالث: الاقتصار على أن القتل هو أنفى للقتل.

الرابع: أن القتل ظلماً هو قتل، ولا يكون نافياً للقتل.

الخامس: لفظ القصاص قد دل على إبطال التكايل بالدماء وعلى إبطال قتل واحد من قبيلة القاتل إذا لم يظفروا بالقاتل وهذا لا تفيده كلمتهم الجامعة.

{يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ} أصحاب العقول الراجحة، وذوو الألباب هم الذين يعرفون العواقب ويعلمون جهات الخوف، إذ من لا عقل له لا يحصل له الخوف، فلهذا خص به ذوي الألباب.

{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أي: القصاص، فتكفون عن القتل وتتقون القتل حذراً من القصاص أو الانهماك في القتل، أو تتقون الله باجتناب معاصيه، أو تعملون عمل أهل التقوى في المحافظة على القصاص والحكم به.

 

جمع وترتيب

د/ خالد سعد النجار

[email protected]