نعيم الابتلاء
ما أجمل تلك اللحظات التي يفر فيها العبد إلى ربه، {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}، ويعلم أنه وحده هو مفرج الكرب، {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}.
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
ما أجمل تلك اللحظات التي يفر فيها العبد إلى ربه، {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} [الذاريات: 50]، ويعلم أنه وحده هو مفرج الكرب، {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ } [النمل: 62]، وما أعظم الفرحة إذا نزل الفرج بعد الشدة! قال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157]، وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول ما أمره الله» : {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156]، «اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها؛ إلا أخلف الله له خيرًا منها»، قالت: فلما مات أبو سلمة، قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟! أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إني قلتها[1] فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم))[2].
إن المؤمن يسأل ربه العافية على الدوام، فإن نزل البلاء صبر ورضيً، وحمد وشكر؛ فعن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه قال: ((قلت: يا رسول الله، علمني شيئًا أسأله الله عز وجل، قال: «سَلِ الله العافية»، فمكثت أيامًا ثم جئت فقلت: يا رسول الله، علمني شيئًا أسأله الله، فقال لي: «يا عباس، يا عم رسول الله، سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة» [3].
ورُبَّ بلاءٍ مبارك، فمن البلاء ما يكون سببًا لدخول الجنة والنجاة من النار، إن وفَّق الله صاحبه لحسن التعامل معه ظاهرًا وباطنًا؛ قال صلى الله عليه وسلم: «يود أهل العافية يوم القيامة حين يُعطَى أهل البلاء الثواب، لو أن جلودهم كانت قُرضت بالمقاري» [4]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد مريضًا ومعه أبو هريرة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبشر؛ فإن الله عز وجل يقول: هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا؛ لتكون حظه من النار في الآخرة» [5].
ومن بركات البلاء رد العبد إلى ربه، وتذكيره بمعصيته، وإيقاظه من غفلته، فيكون هذا البلاء سوط للقلب يرده لسيده، ويسوقه لمولاه، ويحدوه لمغفرته، من فوائد المرض أنه يرد العبد الشارد عن ربه إليه، ويذكِّره بمولاه بعد أن كان غافلًا عنه، ويكفه عن معصيته بعد أن كان منهمكًا فيها.
ومن غايات الابتلاء الربانية وألطافه الرحمانية الخفية أن العبد قد تكون له منزلة عظيمة عند الله تبارك وتعالى، وليس للعبد من العمل ما يبلغ به إياها، فلا يزال ربه الرحيم يبتليه بالبلاء تلو البلاء، وينزل عليه المصائب، ويتابع عليه الكربات، حتى يبلغ المنزلة بألمه وصبره، وقد يُوفَّق للرضا والحمد والشكر؛ قال عليه الصلاة والسلام: «إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله، ابتلاه الله في جسده، أو في ماله، أو في ولده، ثم صبَّره على ذلك، حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى» [6].
وإذا دخل أهل الجنةِ الجنةَ، انقطع التكليف، وزال الابتلاء، وانتهى الامتحان، وحل عليهم الرضوان، وأعطاهم الله ما يشتهون من ألوان النعيم، وأعظمه النظر لوجه الجميل الكريم سبحانه وبحمده، فلا إله إلا الله.
ومن نعيمهم أن أباح لهم بعض ما حرم عليهم في الدنيا ابتلاء وحفظًا؛ جزاء طاعتهم وصبرهم، مع أنه لا مقارنة بين ما في الدنيا والآخرة، ومن ذلك الخمر؛ قال الله تعالى عن خمر الجنة: {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ} [الطور: 23]، وقال تعالى: {بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ * لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات: 46، 47]، وقال تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ} [الواقعة: 17 - 19]، فيا أيها المبتلى، تفاءل بخير ربك، وأحسن الظن بمن لا يأتيك الخير إلا من عنده، ولا يندفع الضر إلا به.
ألا وإن مواطن الابتلاء كثيرة؛ فهي لا تنحصر في الأمراض ونحوها من حالات الضراء، بل هناك أيضًا فتنة السراء، وكما قد يُبتلى العبد بالضراء ليُختبر أيرضى أم يسخط، فإنه قد يُبتلى بالسراء ليُختبر ويُمتحن؛ أيشكر أم يكفر؛ قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35]، وقال تعالى على لسان سليمان عليه السلام: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} [النمل: 40]، فليس بلازم أن يُبتلى العبد بالضراء؛ وقد أخرج الترمذي عن رجل كان يخدم عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: ((حضرته أُتيَ بطعامٍ ليلًا، وكان ظل يومه صائمًا، فبكى، وقال: ذهب الأولون، لم تكلمهم[7] الدنيا من حسناتهم شيئًا، وإنا ابتُلينا بالضراء فصبرنا، ثم ابتُلينا بالسراء فلم نصبر[8]، وكفى لامرئ من الشر أن يُشار إليه بالأصابع في أمر))[9].
قال ابن تيمية رحمه الله: "نعمة الضراء احتياجها إلى الصبر ظاهر، وأما نعمة السراء فتحتاج إلى الصبر على الطاعة فيها؛ فإن فتنة السراء أعظم من فتنة الضراء؛ وفي الحديث: «أعوذ بك من فتنة الفقر، وشر فتنة الغِنى» [10]، والفقر يصلح عليه خلق كثير، والغنى لا يصلح عليه إلا أقل منهم؛ ولهذا كان أكثر من يدخل الجنة المساكين؛ لأن فتنة الفقر أهون، وكلاهما يحتاج إلى الصبر والشكر، لكن لما كان في السراء اللذة، وفي الضراء الألم، اشتهر ذكر الشكر في السراء، والصبر في الضراء؛ قال تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ * إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [هود: 9 - 11]، ولأن صاحب السراء أحوج إلى الشكر، وصاحب الضراء أحوج إلى الصبر، فإن صَبْرَ هذا وشُكْرَ هذا واجبٌ، إذا تركه، استحق العقاب.
وأما صبر صاحب السراء فقد يكون مستحبًّا إذا كان عن فضول الشهوات، وقد يكون واجبًا، ولكن لإتيانه بالشكر - الذي هو حسنات - يُغفَر له ما يُغفَر من سيئاته، وكذلك صاحب الضراء لا يكون الشكر في حقه مستحبًّا إذا كان شكرًا يصير به من السابقين المقربين، وقد يكون تقصيره في الشكر مما يُغفر له لِما يأتي به من الصبر، فإن اجتماع الشكر والصبر جميعًا يكون مع تألم النفس وتلذذها، يصبر على الألم ويشكر على النعم، وهذا حال يعسر على كثير من الناس.
والمقصود هنا أن الله تعالى منعِم بهذا كله، وإن كان لا يظهر الإنعام به في الابتداء لأكثر الناس، فإن الله يعلم وأنتم لا تعلمون، فكل ما يفعله الله فهو نعمة منه"[11].
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: "إذا تأملت حكمته سبحانه فيما ابتلى به عباده وصفوته، بما ساقهم به إلى أجلِّ الغايات وأكمل النهايات، التي لم يكونوا يعبرون إليها إلا على جسر من الابتلاء والامتحان، وكان ذلك الجسر لكماله كالجسر الذي لا سبيل إلى عبورهم إلى الجنة إلا عليه، وكان ذلك الابتلاء والامتحان عين المنحة في حقهم والكرامة، فصورته صورة ابتلاء وامتحان، وباطنه فيه الرحمة والنعمة، فكم لله من نعمة جسيمة، ومِنَّة عظيمة تُجنى من قطوف الابتلاء والامتحان!"[12].
فتأمل حال أبينا آدم وما آلت إليه محنته من الاصطفاء والاجتباء والتوبة والهداية ورفعة المنزلة، ولولا تلك المحنة التي جرت عليه - وهي إخراجه من الجنة وتوابع ذلك - لما وصل الى ما وصل إليه، فكم بين حالته الأولى وحالته الثانية في نهايته.
وتأمل حال أبينا الثاني نوح صلى الله عليه وسلم وما آلت إليه محنته وصبره على قومه تلك القرون كلها، حتى أقر الله عينه، وأغرق أهل الأرض بدعوته، وجعل العالم بعده من ذريته، وجعله خامس خمسة؛ وهم أولو العزم الذين هم أفضل الرسل، وأمر رسوله ونبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يصبر كصبره، وأثنى عليه بالشكر فقال: {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} [الإسراء: 3]، فوصفه بكمال الصبر والشكر.
ثم تأمل حال أبينا الثالث إبراهيم صلى الله عليه وسلم إمام الحنفاء، وشيخ الأنبياء، وعمود العالم[13]، وخليل رب العالمين من بني آدم، وتأمل ما آلت إليه محنته وصبره وبذله نفسه لله، وتأمل كيف آل به بذله لله نفسه ونصره دينه إلى أن اتخذه الله خليلًا لنفسه، وأمر رسوله وخليله محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يتبع ملته.
وأنبِّهك على خصلة واحدة مما أكرمه الله به في محنته بذبح ولده[14]، فإن الله تبارك وتعالى جازاه على تسليمه ولده لأمر الله بأن بارك في نسله، وكثَّره حتى ملأ السهل والجبل.
فإن الله تبارك وتعالى لا يتكرم عليه أحد، وهو أكرم الأكرمين، فمن ترك لوجهه أمرًا أو فعله لوجهه، بذل الله له أضعاف ما تركه من ذلك الأمر أضعافًا مضاعفة، وجازاه بأضعاف ما فعله لأجله أضعافًا مضاعفة، فلما أمر إبراهيم بذبح ولده، فبادر لأمر الله، ووافق عليه الولد أباه؛ رضاءً منهما وتسليمًا، وعلم الله منهما الصدق والوفاء - فداه بذِبح عظيم، وأعطاهما ما أعطاهما من فضله.
وكان من بعض عطاياه أن بارك في ذريتهما حتى ملؤوا الأرض، فإن المقصود بالولد إنما هو التناسل وتكثير الذرية؛ ولهذا قال إبراهيم: {رب هب لي من الصالحين}، وقال: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي}. فغاية ما كان يحذر ويخشى من ذبح ولده انقطاع نسله، فلما بذل ولده لله وبذل الولد نفسه ضاعف الله له النسل وبارك فيه وكثر حتى ملؤوا الدنيا، وجعل النبوة والكتاب في ذريته خاصة، وأخرج منهم محمدًا صلى الله عليه وسلم.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "ثم تأمل حال الكليم موسى عليه السلام وما آلت إليه محنته وفُتُونه من أول ولادته إلى منتهى أمره، حتى كلمه الله تكليمًا، وقربه منه، وكتب له التوراة بيده، ورفعه إلى أعلى السماوات، واحتمل له ما لا يحتمل لغيره، فإنه رمى الألواح على الأرض حتى تكسَّرت، وأخذ بلحية نبي الله هارون وجرَّه إليه، ولطم وجه ملك الموت ففقأ عينه ... وربه يحبه على ذلك كله، ولا سقط شيء منه من عينه، ولا سقطت منزلته عنده، بل هو الوجيه عند الله القريب، ولولا ما تقدم له من السوابق، وتحمُّل الشدائد والمحن العِظام في الله، ومقاساة الأمر الشديد بين فرعون وقومه، ثم بني إسرائيل وما آذوه به، وما صبر عليهم لله، لم يكن ذلك.
ثم تأمل حال المسيح صلى الله عليه وسلم، وصبره على قومه، واحتماله في الله وما تحمله منهم، حتى رفعه الله إليه وطهره من الذين كفروا، وانتقم من أعدائه وقطَّعهم في الأرض ومزَّقهم كل ممزق، وسلبهم ملكهم وفخرهم إلى آخر الدهر.
فإذا جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وتأملت سيرته مع قومه، وصبره في الله واحتماله ما لم يحتمله نبي قبله، وتلوُّن الأحوال عليه؛ من سِلْمٍ وخوف، وغِنًى وفقر، وأمنٍ وإقامة في وطنه، وظعن عنه وتركه لله، وقتل أحبابه وأوليائه بين يديه، وأذى الكفار له بسائر أنواع الأذى من القول والفعل، والسحر والكذب، والافتراء عليه والبهتان، وهو مع ذلك كله صابر على أمر الله، يدعو إلى الله، فلم يُؤذَ نبيٌّ ما أُوذي، ولم يحتمل في الله ما احتمله، ولم يعطَ نبي ما أُعطيه، فرفع الله له ذكره، وقرن اسمه باسمه، وجعله سيدَ الناس كلهم، وجعله أقرب الخلق إليه وسيلة، وأعظمهم عنده جاهًا، وأسمعهم عنده شفاعة، وكانت تلك المحن والابتلاء عين كرامته، وهي مما زاده الله بها شرفًا وفضلًا، وساقه بها إلى أعلى المقامات.
وهذا حال ورثته من بعده الأمثل فالأمثل، كل له نصيب من المحنة يسوقه الله به إلى كماله بحسب متابعته له، ومن لا نصيب له من ذلك، فحظه من الدنيا حظُّ مَن خُلق لها وخُلقت له، وجُعل خلاقه ونصيبه فيها؛ فهو يأكل منها رغدًا، ويتمتع فيها حتى يناله نصيبه من الكتاب.
يُمتحن أولياء الله وهو في دَعَةٍ وخفض عيش، ويخافون وهو آمن، ويحزنون وهو في أهله مسرور، له شأن ولهم شأن، وهو في وادٍ وهم في واد، همه ما يقيم به جاهه، ويسلم به ماله، وتُسمع به كلمته، لزم من ذلك ما لزم، ورضِيَ من رضي، وسخط من سخط.
وهمُّ المؤمنين إقامة دين الله، وإعلاء كلمته، وإعزاز أوليائه، وأن تكون الدعوة له وحده، فيكون هو وحده المعبود لا غيره، ورسوله المطاع لا سواه، فلله سبحانه من الحكم في ابتلائه أنبياءه ورسله وعباده المؤمنين ما تتقاصر عقول العالمين عن معرفته، وهل وصل من وصل إلى المقامات المحمودة والنهايات الفاضلة إلا على جسر المحنة والابتلاء؟!
وكم لله من لطفٍ خفــــــــي ** يدِقُّ خفاه عن فَهم الذكـيِّ
وكم يسرٍ أتى من بعد عســرٍ ** ففرَّج كربة القلب الشجـيِّ
وكم أمرٍ تُساء به صباحًــــــا ** وتأتيك المسرة بالعشــــيِّ
إذا ضاقت بك الأحوال يومًا ** فثِقْ بالواحد الفرد العلــيِّ
اللهم صلِّ على محمد ...
[1] اتباعًا للسنة فحقق الله لها أعظم ما لم يخطر ببالها، ليقينها وتصديقها وحسن ظنها بربها سبحانه.
[2] مسلم (918).
[3] الترمذي (3514)، وقال: حديث صحيح، وكذلك صححه الألباني.
[4] الترمذي (2404)، وحسنه الألباني (2 /287).
[5] أحمد (9676)، وجوَّد إسناده محققوه، وأبو داود (3092)، وصححه الألباني في الجامع (32).
[6] أبو داود (3092)، وصححه الألباني.
[7] الكلم: الجرح، والمراد لم تخدش الدنيا دينهم.
[8] قالها إزراء على نفسه وتواضعًا؛ لأنه قارن حاله بأخرةٍ بحاله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا فهو مشهود له بالبر والشكر والإحسان رضي الله عنه.
[9] الترمذي (2464) وحسنه.
[10] البخاري (6377) من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، وشر فتنة الغنى، وشر فتنة الفقر)).
[11] مجموع الفتاوى (14/ 306 - 308) باختصار.
[12] قال ابن القيم رحمه الله: "لا بد من الولادة مرتين؛ كما قال المسيح للحواريين: (إنكم لن تلِجوا ملكوت السماء حتى تُولَدوا مرتين)؛ ولذلك كان النبي أبًا للمؤمنين؛ كما في قراءة أبي: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم)؛ ولهذا تفرع على هذه الأبوة أن جُعلت أزواجه أمهاتهم، فإن أرواحهم وقلوبهم وُلدت به ولادةً أخرى غير ولادة الأمهات، فإنه أخرج أرواحهم وقلوبهم من ظلمات الجهل والضلال والغي إلى نور العلم والإيمان وفضاء المعرفة والتوحيد، فشاهدت حقائقَ أُخَرَ وأمورًا لم يكن لها بها شعور قبله؛ قال تعالى: ﴿ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ﴾ [إبراهيم: 1]، وقال: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2]"؛ [طريق الهجرتين (1/ 35)].
[13] بمعنى أن العالم ليس له قيام بدون الملة المنسوبة إليه وهي الحنيفية؛ كما قال تعالى: ﴿ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الحج: 78].
[14] انظر: تفسير الرازي (1/ 2991).
_______________________________________________________
الكاتب: إبراهيم الدميجي