في رحاب فضائل السور

سالم محمد

بين  لنا فضائل سور بعينها أو قراءتها في أحوال خاصة، دعونا نتذكر بعض هذه الفضائل

  • التصنيفات: القرآن وعلومه -

(التنزيلُ، الكِتابُ، القُرْآنُ، الحَقُّ، الوَحيُ، النُّورُ، كلامُ اللهِ، الفُرقانُ، الرُّوحُ، البَلاغُ، حَبلُ اللهِ، البُرهانُ)[1] هذه من صفات أعظم كتاب أنزله الله إلينا وحثنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على تلاوته بقوله: «(اقرَؤوا القُرآنَ؛ فإنَّه يَأتي شافعًا لأصحابِه يومَ القيامةِ)» [2] وبين  لنا فضائل سور بعينها أو قراءتها في أحوال خاصة، دعونا نتذكر بعض هذه الفضائل:

فالفاتحة (أَعظمَ سورة ٍ من القرآن)[3] وهي «(السَّبعُ المَثاني والقُرآنُ العَظيمُ)» [4] الذي آتاه الله نبينا كما في قوله تعالى {﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ﴾} [5] نعم قرآن عظيم؛ ولذا وجب علينا قراءتها في كل يوم، بل في كل ركعة من صلاتنا فـ «(لا صلاةَ لِمَن لم يقرأْ بفاتحةِ الكِتاب)» [6] و «(كل صلاة لا يُقرَأُ فيها بأم القرآن، فهي خِداجٌ - ثلاثًا - غير تمام)» [7] والقرآن كله شفاء ورُقْية ولكنَّ أعظمه الفاتحة وقد رقى أحد الصحابة لديغا وقال يا رسول الله، وَاللَّهِ ما رَقَيْتُ إلَّا بفَاتِحَةِ الكِتَابِ فَتَبَسَّمَ وَقالَ: «وَما أَدْرَاكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ؟» )[8] والخلاصة أنه «(ما أُنزلَت سورةٌ في التَّوراةِ ولا في الإنجيلِ ولا في الزَّبورِ، ولا في الفُرقانِ مِثلُها)» [9].

أما الزهراوين وهما البقرة وآل عمران «(فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ، أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا)» [10] والبقرة خاصة « (أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلا يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ)» [11] أي السحرة، و(إنَّ لكل شيء سناما وإن سنام القرآن سورة البقرة) فلا تحرموا أنفسكم وبيوتكم من هذه السورة العظيمة و(لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ)[12].

وحثنا صلى الله عليه وسلم على قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة ومن فعل ذلك (أَضَاءَ لَهُ النور مَا بِينَ الجمُعَتين)[13] أما «(مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ)» [14] والدجال أعظم فتنه و(من سمِع بالدَّجَّالِ فلينْأَ عنه، فواللهِ إنَّ الرَّجلَ ليأتيه وهو يحسَبُ أنَّه مؤمنٌ فيتبعُه ممَّا يبعثُ به من الشُّبهاتِ ، أو لما يُبعَثُ به من الشُّبهاتِ)[15] نسأل الله السلامة، وما الحل لمن أدركه أو رآه؟ الجواب سورة الكهف أيضًا؛ أما مَن «(رَآهُ مِنكُم فَلْيقرأ عَلِيهِ فَوَاتِحَ سُورةِ الكهف) ومَن (أدْرَكه منكم، فليَقْرأْ عليه فواتحَ سورةِ الكهفِ)» [16].

و «(سُورة في القُرآن ثَلاثُون آية)» [17] والمقصود بها «(سورةُ تَبَارَكَ هيَ المانِعَة ُمِن عَذَابِ القبر)» كما أنها « (شَفَعتْ لِرجل حَتَّى غُفِرَ لَه)» [18]، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من  قرأ تبارك الذي بيده الملك كل ليلة منعه الله بها من عذاب القبر، وكنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نسميها المانعة، وإنها في كتاب الله سورة من قرأ بها في كل ليلة فقد أكثر وأطاب[19].

وأحد الصحابة كان ( «يَقْرَأُ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا)» [20] وسورة الإخلاص كلماتها قليلة، ويمكن قراءتها في ثوان معدودات، كما أن معظم أطفال المسلمين فضلا عن الكبار يحفظها، ولكنَّ المصطفى صلى الله عليه وسلم قال عنها: «(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ)» [21] وكان من هديه صلى الله عليه كل ليلة «(إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، وَنَفَثَ فِيهِمَا، وَقَرَأَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا على رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ، وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَصْنَعُ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ)» [22] وحافظ على قراءة «(" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ "، وَالمُعَوِّذَتَيْنِ، حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ )» كما يستحب قراءتها أدبار الصلوات المفروضة.

وإذا كانت «(قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ تعدلُ ثلثَ القرآنِ)» [23] فإن «(قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ تعدلُ ربعَ القرآنِ)» [24]، و(هذه السورة سورة البراءة من العمل الذي يعمله المشركون) كما قال ابن كثير رحمه الله، ومن عِظمها استحباب قراءتها في بعض صلوات النافلة مع سورة الإخلاص: وذلك في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب، وركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم، كما تسن القراءة في صلاة الوتر (بسبح اسم ربك الأعلى، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد) ويستحب أن تختم يومك بالبراءة من الشرك ولتحقيق ذلك «(اقرأْ "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ" ثُمَّ نَم عَلَى خاتِمَتِها؛ فإنها براءةٌ من الشركِ» ).

وكما أنه ينبغي علينا معرفة فضائل سور القرآن ومواضع قراءتها، علينا أن نحذر من الأحاديث الضعيفة في فضائل سور القرآن، كفضائل سورة الواقعة فإنها (أحاديث ضعيفة، واهية، لا يصح العمل بها)[25] وكذلك سورة يس فإنه (قد وردت عدة أحاديث في فضائل هذه السورة، أكثرها مكذوبة موضوعة، وبعضها ضعيف ضعفا يسيرا، ولم نقف على حديث صحيح مخصوص في فضل سورة  "يس")[26]

واخيرًا فإن القرآن كتاب هداية من تمسك به نجا واستقر به المقام {(فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)} ومن أعرض عنه وكذب به (فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ).

المراجع:

  • الأربعون القرآنية لـ أحمد العنقري
  • موقع الدرر السنية
  • الإسلام سؤال وجواب
  • موقع إسلام ويب

[email protected]


[1] الدرر السنية – الموسوعة العقدية

[2] مسلم (804)، وأحمد (22213) واللفظ له

[3] البخاريُّ (4703)

[4] الترمذي (2875)

[5] الحجر (87)

[6] رواه البخاريُّ (756)، ومسلِم (394).

[7] رواه مسلم ( 395

[8] مسلم (2201)

[9] الترمذي (2875)

[10] مسلم (804)

[11] مسلم (804)

[12] مسلم (780)

[13] صحيح الترغيب (736)

[14] مسلم (809).

[15] صحيح أبي داود (4319)

[16] مسلم (2937)

[17] صحيح ابن ماجه (3068)

[18] صحيح ابن ماجه (3068)

[19] رواه النسائي ( 6 / 179 ) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1475

[20] البخاري (5013)

[21] البخاري (5013)

[22] صحيح ابن حبان (5544)

[23] صحيح الجامع (4405)

[24] صحيح الجامع (4405)

[25] الإسلام سؤال وجواب سؤال رقم (322461)

 

[26] الإسلام سؤال وجواب سؤال رقم (75894)