وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً

محمد سيد حسين عبد الواحد

{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلْجَٰهِلُونَ قَالُوا۟ سَلَٰمًا}

  • التصنيفات: الآداب والأخلاق -

 

أيها الإخوة الكرام: في سورة الفرقان آية جليلة، يقول فيها رب العالمين سبحانه وتعالى {﴿ وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى ٱلْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلْجَٰهِلُونَ قَالُوا۟ سَلَٰمًا ﴾}

هذه الآية: هي آية تشريف وتكريم من الله تعالى لكل مؤمن ومؤمنة، حيث نسبهم سبحانه وتعالى إلى ذاته العلية فقال ﴿ {وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَٰنِ} ﴾ والعبودية لله شرف رفيع إذا انتسبت إليه كنت بفضل الله تعالى بأرقى وأعلى المنازل في الدنيا والآخرة..

﴿ {وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى ٱلْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلْجَٰهِلُونَ قَالُوا۟ سَلَٰمًا } ﴾

قال زيد بن أسلم :

كنت أسأل عن تفسير قوله تعالى : ﴿ {وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى ٱلْأَرْضِ هَوْنًا} ﴾ قال: فما وجدت من ذلك شفاء ،قال: فرأيت في المنام من جاءني فقال لي : يا زيد بن أسلم ﴿ {وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى ٱلْأَرْضِ هَوْنًا} ﴾ هم الذين لا يريدون أن يفسدوا في الأرض .

وقيل﴿ {وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى ٱلْأَرْضِ هَوْنًا} ﴾ أي لا يمشون لإفساد ومعصية ، بل في طاعة الله والأمور المباحة .

وقال ابن عباس :﴿ {وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى ٱلْأَرْضِ هَوْنًا} ﴾ قال: يمشون بالطاعة والمعروف والتواضع .

وقال: الحسن : حلماء إن جهل عليهم لم يجهلوا . وقيل : لا يتكبرون على الناس .

عباد الرحمن: يمشون بين الناس، يحتكون بالناس، يتعاملون مع الناس، يخالطون الناس، ويعاشرون الناس بالمعروف، ولا يؤذون الناس، ولا يسخرون منهم، ولا يعادوهم، بل ويصبرون على أذى الناس صبرا جميلا..

النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : " « الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» ".

عباد الرحمن يخالطون الناس: لأن مُخالَطة النَّاسِ سَبيل إلى نَشْرِ الأخلاقِ الحسَنةِ وإلى التوسع في الفضائلِ..

عباد الرحمن يخالطون الناس: لأن مُخالَطة النَّاسِ وبذل المعروف إليهم، والتعاون معهم على فعل الصالحات أمر محمود شرعا وعقلا..

من هنا جعَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم الخَيريَّةَ لِمَن يُخالِطُ النَّاسَ ويَصبِرُ على ما يُصيبُه مِنهم مِن مَكروهٍ وأذًى، ويُقابِلُ السَّيِّئةَ بالحسَنةِ، ويَعْفو ويصفَحُ... جعل له رسول الله الخيرية على الَّذي يَعتزِلُ الناس، ولا يخالطهم، ولا ينفعهم بنافعة..

﴿ {وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى ٱلْأَرْضِ هَوْنًا} ﴾

عباد الرحمن: يمشون بين الناس بمكارم أخلاقهم، يمشون بين الناس بتواضعهم، يعاملون الناس بأمانتهم، ويمتلكون قلوب الناس بصدقهم ووفائهم....

فبالمخالطة: أنت تدخل على الناس تسمع كلام الناس، وتعاين أحوالهم، وعندها يمكنك أن تعلم جاهلا، وأن تقوم معوجا، وأن تنصح لإخوانك، وأن تأمر بالمعروف، وأن تنهى عن المنكر...

وفي الحديث يقول النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " « وَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِهُدَاكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ» ".

وبالمخالطة: تنال ثواب الصبر على المكاره في سبيل الله تعالى..

قال الحكيم لقمان لابنه وهو يعظه ﴿ {يَٰبُنَىَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلْأُمُورِ} ﴾

وفي الآية التي اليوم معنا يقول الله تعالى ﴿ {وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى ٱلْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلْجَٰهِلُونَ قَالُوا۟ سَلَٰمًا} ﴾

الجاهلون: هم الذين يقصدون الأذى، هم الذين يتعمدون الضرر،

هؤلاء الجاهلون إن غمزوا عباد الرحمن، أو لمزوهم، أو آذوهم، قابل عباد الرحمن سيئاتهم بالحسنات، وقابلوا قبائحهم بالفضائل والمكرمات، وردوا ردودا حسنة لأن كل إنسان ( ينفق مما عنده) فالجاهلون عندهم شر وأذى، وعباد الرحمن ليس عندهم إلا (خيرا) وكل ينفق مما عنده، قال الله تعالى ﴿ {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلْجَٰهِلُونَ قَالُوا۟ سَلَٰمًا } ﴾ أي قالوا للناس حسنا، ليس فيه سب ولا طعن ولا فحش ولا بذاءة....

على عهد النبي القدوة محمد صلى الله عليه وسلم..

وبحكم دعوته ورسالته جالس رسول الله الناس على اختلاف لهجاتهم، وصورهم، وألوانهم، وطباعهم، جالس المسلمين،جالس الأعراب، جالس المشركين، جالس المنافقين، جالس اليهود، وأخذ منهم جميعا ورد عليهم جميعا وسمع منهم جميعا، وأسمعهم جميعا، وهو في كل ذلك حليم صبور، يسبق حلمه جهله، ولا تزيده كثرة الجهل عليه إلا حلما...

قال زيدُ بنُ سَعْنةَ: و(كان حبرا من أحبار اليهود)

قال: ما مِن علاماتِ النُّبُوَّةِ شيْءٌ إلَّا وقدْ عرَفْتُها في وجْهِ محمَّدٍ حينَ نظرْتُ إليهِ، إلَّا اثنتيْنِ لم أَخْبُرْهُما منهُ: يَسبِقُ حِلْمُهُ جهلَهُ، ولا تَزيدُهُ شِدَّةُ الجهلِ عليه إلَّا حِلْمًا...

قال زيد: فكنتُ أتلطَّفُ له حتى أُخالِطَه فأَعرِفَ حلْمَهُ مِن جهلِهِ، قال زيدُ : فخرَجَ رسولُ اللهِ يومًا مِنَ الحُجُراتِ، ومعه عليُّ بنُ أبي طالبٍ

فأتاهُ رجُلٌ على راحلتِهِ كالبدويِّ..

فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ بُصْرَى قريةَ بني فلانٍ قد أسلَمُوا ودخلُوا في الإسلامِ، وكنتُ حدَّثْتُهم إنْ أسلَمُوا أتاهُمُ الرِّزقُ رَغَدًا، وقدْ أصابتْهُم سَنَةٌ وشِدَّةٌ وقُحُوطٌ مِنَ الغَيْثِ، فأنا أخشَى يا رسولَ اللهِ أنْ يَخرُجوا مِنَ الإسلامِ طمَعًا، كما دخلُوا فيه طمَعًا، فإِنْ رأيْتَ أَنْ تُرسِلَ إليهم بشيء تُعينُهمْ بهِ فعلْتَ..

قال زيد: فنظرَ إلى رجُلٍ إلى جانبِه - أراهُ عليًّا ، فقال: يا رسولَ اللهِ، ما بَقِيَ عندنا شيْءٌ..

قال زيدُ بنُ سَعْنةَ: فدَنوْتُ إليه، فقلتُ: يا محمَّدُ، هلْ لكَ أنْ تَبيعَني تمرًا معلومًا مِن حائطِ بني فلانٍ إلى أجَلِ كذا وكذا؟

فقال: لا ، ولكنِّي أَبيعُكَ تمرًا معلومًا إلى أجَلِ كذا وكذا، ولا تُسَمِّ حائطَ بني فلانٍ، قلت: بلى، فبايَعني، فأطلقْتُ هِمْياني فأعطيْتُهُ ثمانينَ مِثقالًا مِن ذهبٍ في تمرٍ معلومٍ إلى أجَلِ كذا وكذا، فأعطاها الرَّجُلَ البدوي ، فقال: اغْدُ على (بني فلان) فأَعِنْهُمْ بهذا المال..

قال زيدُ بنُ سَعْنةَ: فلمَّا كان قبْلَ مَحَلِّ الأجَلِ بيوميْنِ أوْ ثلاثةٍ أتيْتُ محمداً،( أختبر حلمه وصبره) فأخذْتُ بمجامعِ قميصِهِ وردائِهِ، ونظرتُ إليهِ بوجهٍ غليظٍ، فقلتُ لهُ: ألَا تقضِيني يا محمَّدُ حقِّي؟

فواللهِ قد علمْتُكُم بَني عبدِ المُطَّلِبِ لَمُطْلٌ، ولقد كان لي بمُخالطتِكُم عِلْمٌ..

قال فنظرتُ إلى عُمرَ، وإذا عيناهُ تَدورانِ في وجهه كالفَلكِ المُستديرِ، ثمَّ رماني ببصرِهِ، فقال: يا عدوَّ اللهِ، أتقولُ لرسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ما أسمعُ؟! وتصنعُ به ما أرَى؟!

فوالَّذي بعثَهُ بالحقِّ لولا ما أُحاذِرُ من معاتبته لضربتُ بسيفي رأسَكَ، قال ورسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ينظرُ إلى عُمرَ في سكونٍ وتُؤَدَةٍ، ثمَّ قال: يا عُمرُ، أنا وهو كنَّا أحوجَ إلى غير هذا منك، أنْ تأمرَني بحُسنِ الأداءِ، وتأمُرَهُ بحُسنِ الطلب، اذهَبْ بهِ يا عُمرُ، وأَعْطهِ حقَّهُ، وأسر إليه رسول اللّه بكلمة..

قال زيدٌ: فذهب بي عُمرُ رضي الله عنه، فأعطاني حقِّي، وزادني عشرينَ صاعًا مِن تمرٍ، فقلتُ: ما هذه الزيادةُ يا عُمرُ؟ فقال: أمرَني رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم أنْ أَزيدكَ مكانَ ما رُوعْتُكَ، قلتُ: وتَعرِفُني يا عمر؟

قال: لا، مَن أنتَ؟ قلتُ: أنا زَيدُ بنُ سَعْنةَ، قال: الحَبْرُ؟ قلت: الحَبْرُ، قال: فما دعاك أنْ فعلْتَ برسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ما فعلْتَ، وقلْتَ له ما قلْتَ؟

قلتُ: يا عُمرُ، لم تكنْ مِن علاماتِ النُّبُوَّةِ شيْءٌ إلَّا وقدْ عرفْتُهُ في وجْهِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم حينَ نظرْتُ إليه، إلا اثنتيْنِ لم أَخْبُرْهُما منهُ: يَسبِقُ حِلْمُهُ جهلَهُ، ولا تَزيدُهُ شِدَّةُ الجهلِ عليه إلا حِلْمًا، والآن قد خَبَرْتُهما، فأُشهِدُكَ يا عُمرُ أنِّي رَضيتُ باللهِ ربًّا، وبالإسلامِ دِينًا، وبمحمَّدٍ نبيًّا، وأُشهِدُكَ فوق ذلك أنَّ شَطْرَ مالي صدقةٌ على أُمَّةِ محمَّدٍ..

فقال عُمرُ : أوْ علَى بعضِهِمْ؛ فإنَّكَ لا تَسَعُهُم، قلتُ: أوْ على بعضِهِم، فرَجَعَ عُمرُ وزيدٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم..

فقال زيدٌ: أَشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ صلَّى الله عليه وسلَّم، وآمَنَ بهِ، وصدَّقهُ، وبايَعهُ، وشَهِدَ معهُ مشاهِدَ كثيرةً، ثمَّ تُوُفِّيَ زيدٌ في غزوةِ تَبُوكَ مُقْبلًا غيرَ مُدْبِرٍ..

أيها الإخوة الكرام: هذه إحدى بركات المخالطة الحسنة مع الناس، هذه بركة القول الحسن، والرد الجميل، تفتح للناس أبوابا واسعة من الخير والهداية والتوفيق والثبات والسداد والإيمان..

﴿ { وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى ٱلْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلْجَٰهِلُونَ قَالُوا۟ سَلَٰمًا } ﴾

نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يصلح أحوالنا، وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها..

الخطبة الثانية

بقى لنا في ختام الحديث عن سلام المؤمن في مخالطته وفي معاشرته للناس بالمعروف وفي بركة الصبر على أذى الخلق.. بقى لنا أن نقول:

إنه سيأتي على الناس زمان لا يسلم للعبد فيه دينه إلا إذا عاش مع خاصة نفسه..

سيأتي على الناس زمان لا تسلم للعبد فيه حسناته، ولا صالحاته إلا إذا آوى إلى بيته، وأغلق عليه بابه.. وهذا كفيل بنجاته من الفتن والوقوع في المعاصي والسيئات..

قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا النَّجَاةُ ؟ قَالَ : " امْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ ".

إذا كان خير الناس من خالط الناس وصبر على أذاهم فإنه في وقت من الأوقات: يكون البعد عن الناس غنيمة..

بسبب الذنوب التي نقع فيها ونحضرها ونسمعها ونرويها...

قال الله تعالى ﴿ {ٱلْأَخِلَّآءُ يَوْمَئِذٍۭ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا ٱلْمُتَّقِينَ } ﴾

عن حُذَيْفَةَ بن اليمان رضي الله عنه قال:

كَ «انَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ الله عَنْ الْخَيْر، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي.. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا الله بِهَذَا الْخَيْر؛ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: (نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ)، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: (قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ. قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قال : (نَعَمْ! فِتْنَةٌ عَمْيَاْء وَدُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله صِفْهُمْ لَنَا.. فَقَالَ: (هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: (تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ» ..

الشاهد أنك بصير على نفسك، عقلك في رأسك، وأنت ذو عينيك فانظر ماذا ترى؟

إن كانت المخالطة تفيدك وتزيدك وتعطيك وتنميك وتقربك إلى الله تعالى فخالط الناس..

وإن كانت المخالطة تضرك ولا تزيدك وتأخذ منك ولا تعطيك، وتنتقص منك ولا تنميك، وتبعدك عن الله تعالى فالزم بيتك .. وكفى الله المؤمنين القتال.

قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا النَّجَاةُ ؟ قَالَ : " امْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ ".

نسأل الله العظيم أن يرزقنا الصحبة الصالحة الناصحة إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير.