الجوع.. الجوع!

يَمُوتُ المُسلِمُونَ وَلا نُبالِي<br>
وَنهْرِفُ بِالمَكارِمِ وَالخِصالِ

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -



يَمُوتُ المُسلِمُونَ وَلا نُبالِي
وَنهْرِفُ بِالمَكارِمِ وَالخِصالِ
ونَحْيَا العُمْرَ أَوتاراً وَقَصْفاً
ونَحْيَا العُمْرَ في قِيلٍ وَقَالِ
ونَنسَى إخْوَةً في اللهِ ذَرَّتْ
بهِمْ كَفُّ الزَّمانِ علَى الرِّمالِ
تُمزِّقُهمْ نُيُوبُ الجُوعِ حتَّى
يَكادُ الشَّيخُ يَعثُرُ بِالعِيالِ
يَشُدُّونَ البُطُونَ على خَوَاءٍ
وَيَقتَسِمُونَ أَرْغِفَةَ الخَيالِ
وتَضْرِبُهمْ رِياحُ المَوتِ هُوجاً
وَفي أَحْداقِهِمْ نَزْفُ اللَّيالِي
ونَامُوا في العَرَاءِ بِلا غِطاءٍ
وسَارُوا في العَرَاءِ بلا نِعَالِ
كأَنَّ البِيدَ تَلفِظُهمْ، فَتَجْرِي
بِهِمْ بِيدٌ إلَى بِيدٍ خَوَالِ
يَسِيلُ لُعابُهمْ لَهَفاً، وَتَذْوِي
عُيونُهُمُ على جَمرِ السُّؤالِ
وَلَيتَ جِراحَهُمْ في الجِسْمِ.. لكِنْ
جِراحُ النَّفْسِ أَقْتَلُ لِلرِّجالِ
يَمُدُّونَ الحِبالَ، ولَيتَ شِعرِي
أَنَقْطَعُ؟ أمْ سَنُمسِكُ بِالحِبالِ؟
وقَبْلَ الجُوعِ تَنهَشُهُمْ كِلابٌ
مِنَ الإفْرِنجِ دَامِيَةُ النِّصالِ
يُؤَدُّونَ الضَّريبَةَ كُلَّ يَومٍ
بِما مَلَكُوا.. وَدِينُ اللهِ غَالِ
صِلاَبٌ.. إنَّما الأَيَّامُ رُقْطٌ
(وَيَثنِي الجُوعُ أَعْناقَ الرِّجالِ)
أَتَوا لِلشَّرْقِ عَلَّ الشَّرقَ دَرْءٌ
إذا بِالشَّرقِ يَنْفِرُ كالثَّعَالِي
لِمَاذا كُلُّ طائِفَةٍ أَغاثَتْ
بَنِيها غَيرَكُمْ أَهْلَ الهِلالِ؟!
تَرَى الصُّلْبانَ قَد نَفَرَتْ وَهبَّتْ
يَهُودٌ بالدَّواءِ وَبالغِلالِ
هَبُوهُمْ بَعْضَ سَائمَةِ البَرارِي
هَبُوهُمْ بَعضَ سَابِلَةِ النِّمَالِ
نَسِيتُمْ وَاتَّقُوا ﴿يَوماً ثَقِيلاً﴾
بهِ النِّيرَانُ تَقذِفُ كَالجِبَالِ
تَفُورُ وتَزفِرُ الأَحشَاءُ زَفْراً
كَأَنَّ شَرَارَها حُمْرُ الجِمالِ
ونَحنُ المُسلِمينَ نَنامُ حتَّى
يَضِيقَ الدَّهرُ بالنَّومِ الخَبالِ
جَلَستُمْ وَالأرَائكُ فَاخِراتٌ
وَأَوجَفْتُمْ على الفُرُشِ الغَوَالِي
وَرصَّعْتُمْ قُصُورَكُمُ مَرَايَا
لِتَنطِقَ بِالبَهاءِ وَبالجَمَالِ
ومَاجَ العِطرُ، وَائْتلَقَتْ جِنَانٌ
كأَنَّ العُمْرَ لَيسَ إلَى زَوَالِ!
نَنامُ علَى "الرِّيالِ"، وَإِنْ صَحَونَا
فَإنَّ الفَجْرَ فَاتحَةُ الرِّيَالِ.


أ: محمود مفلح

المصدر: إنها الصحوة.. إنها الصحوة (شعر)/ محمود مفلح – مصر: دار الوفاء. ص 51 – 53.