لماذا ينجح الأشرار في هذه الحياة؟

كل إنسان ناجح من الناحية التي هو فيها صالح

  • التصنيفات: - ثقافة ومعرفة -

أليس من الشبهات أن ينجح الأشرار في هذه الحياة؟ ألسنا نرى أناساً ناجحين وهم غير صالحين، وآخرين غير ناجحين وهم صالحون؟ فما هي الحكمة؟

أيها الذكي النبيل تأمل قليلاً لترى أن كل إنسان، ناجح من الناحية التي هو فيها صالح.

أنت ترى إنساناً صالحاً من الناحية النفسية التهذيبية ولكنه غير صالح من الوجهة المالية أو الصحية مثلاً، وتريده سعيداً موفقاً من جميع النواحي، لأنه صالح.

 

وترى إنساناً غير صالح من الوجهة التهذيبية ولكنه سعيد موفق من الوجهة المالية أو الصحية، وتريده شقياً من كل ناحية، لأنه خبيث لئيم، ونظن أن هذا هو العدل أليس كذلك؟

• نعم كذا أرى، وهذا ما أريد.

 

• أخي وفقني الله وإياك، أنت تعلم أن من سلك الجدَد[2] أمن العثار، وإني أسالك: هل نال هذا الصالح من الناحية النفسية جزاء سعيه من هذه الناحية، فكان سعيداً سعادة نفسية؟

• نعم.

 

• هل هو صالح من الناحية المالية لينال سعادة مالية؟

• لا.

 

• هل نال ذلك الشقي من الناحية النفسية جزاء تقصيره من هذه الناحية فكان شقياً شقاء نفسياً؟

• نعم.

 

•هل هو صالح من الناحية المالية وقد نال جزاء اجتهاده من هذه الجهة؟

• نعم.

 

• فلو أعطى الله سبحانه ذلك الصالح (صلاحاً نفسياً) سعادة مالية - كما تريد – وهو غير صالح صلاحاً مالياً، لكان ذلك محاباة ومخالفاً للعدل.

 

أما الواقع المشاهد فهو عين العدل والحكمة بلا مواربة ولا محاباة، وهو أن الله سبحانه لا يضيع مثقال ذرة. وإن كل إنسان ناجح من الناحية التي هو فيها صالح[3].

 

وأخيراً فالصلاح والسعادة متلازمان، فمتى وجد إنسان صالح من جميع النواحي كان سعيداً من جميع النواحي، ومتى كان غير صالح في ناحية ما فهو غير سعيد في هذه الناحية، إلا أن يكون مستدرجاً، فما نراه سعادة لهؤلاء هو عين الشقاء والبلاء.

 

المصدر: مجلة التمدن الإسلامي.

 


[2] الجدد الطريق القويم.

[3] هذا هو الأصل، ولكنك قد تراه غير مطرد، ألسنا نعلم أن الأنبياء والمرسلين والكملة من عباد الله قد يصيبهم البلاء والإيذاء؟

نعم وإن هذا هو عين النجاح في حق هؤلاء، لأنه إما تكفير سيئات ( في حق غير الأنبياء ) أو رفع درجات، فهم ناجحون من هذه الناحية أيضاً. وما نراه من البلاء، فإنما هو عين الرحمة والسعادة لهؤلاء.

ولا يرد علينا من جمع المال من طريق الغصب أو الغش والاحتيال أو من نال الوظائف بالتجسس وخيانة الدين أو الأمة أو الوطن، لأن هذا خاسر غير ناجح، ومن ظنه ناجحاً فهو غير ناجح.

إنما الناجح من نال السعادة من طريق يبيحه الشرع المقدس.