الحرب على التراث
هاني مراد
الحرب على التراث قديمة. بدأها المستشرقون عندما درسوا القرآن الكريم والسنة النبوية، بهدف الطعن والتشكيك فيهما
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
الحرب على التراث قديمة. بدأها المستشرقون عندما درسوا القرآن الكريم والسنة النبوية، بهدف الطعن والتشكيك فيهما. وبدأها الاحتلال البريطاني، عندما رفع راية التغريب الديني والثقافي والاجتماعي بكل أنواعه. وبدأها نابليون عندما تظاهر بالإسلام وهو يحتل بلادنا ويقتل شعوبنا. وبدأها الصليبيون والمغول، وصولا إلى المشركين والمنافقين في عهد النبوة.
وهناك فارق بين الحرب على التراث، واتهامه بأنه سبب تخلفنا في الحاضر، مع أنه كان سبب تقدم المسلمين، وسيادتهم للعالم في الماضي، وبين الاجتهاد والتأقلم مع كل جديد، وهي أمور يحث عليها ديننا في إطار أحكامه.
وهناك فارق بين ما يصح الاجتهاد والتجديد فيه، وبين ما هو ثابت لا يتغير بتغير الزمان والمكان. فلا يصح أن نغير في ثوابت العقيدة والقرآن الكريم والسنة النبوية، بدعوى التجديد. أما الأمور الفقهية الفرعية التي تخضع لاجتهاد واختلاف آراء العلماء، وتغير الأحوال، فلها ضوابط للاختلاف فيها.
والزعم بأن التراث هو سبب تخلفنا وهزيمتنا في الحاضر، ليس إلا تضليلا عن الأسباب الحقيقية التي تتمثل في أسباب أخرى، من أهمها سيطرة القوى الكبرى على بلادنا، حتى نظل تابعين ومستهلكين لمنتجاتها، وحتى يستمر استنزاف ثرواتنا.
ونحن نعجب لهؤلاء الأدعياء الذين يتهمون التراث بأنه سبب تخلفنا، وكأنهم لا يرون دول أوربا والصين والهند واليابان، وهي دول تقدمت عندما تمسكت بتراثها، واتخذت منه قاعدة ثقافية وأخلاقية، تنطلق منها نحو العمل والابتكار. بل لا يرى هؤلاء إسرائيل التي تغتصب بلادنا على أساس ديني، وتتمسك بالهوية اليهودية للدولة، ولا تفوت مناسبة لحثّ العرب على الاعتراف بيهودية دولتهم المزعومة!
إن هؤلاء الأدعياء ليسوا إلا صدى لمطالبة أمريكا العالم الإسلامي، بتغيير هويته وتراثه ومناهج تعليمه، وكأنّ العالم الإسلامي هو الذي يحتل العالم، ويستلب ثرواته، ويقتل الملايين، وليست أمريكا؛ إمبراطورية الاعتداء وسفك الدماء!