الشخصيات الكبيرة حقا
أحمد قوشتي عبد الرحيم
فأي نفوس تلك ، وأي قوة قلب هذه ، لله درهم وعليه أجرهم ، وتأمل معي نموذجا لواحد نحسبه منهم ،فيما يحكيه ابن القيم عن حال شيخه ابن تيمية
- التصنيفات: التاريخ والقصص -
عجيب حال ذلك النوع من الشخصيات الكبيرة حقا ، والممتلئة رضا ويقينا ، وتسليما لقدر الله في الأحوال كلها ، والثابتة نفسا وقلبا ، والمتعالية على المحن والمصائب التي لا يخلو منها آدمي ، والتي تحتفظ لنفسها بالألم ، وتعفي الآخرين من همومها ، وتشكو بثها وحزنها لله وحده ، بينما تشع فيمن حولها تثبيتا وسعادة وسرورا ، حتى إن من لقيهم وجالسهم ظنهم لا يشكون من شيء ، وغادرهم بحال غير الحال ، وإذا رؤي أحدهم ذكر الله !!
فأي نفوس تلك ، وأي قوة قلب هذه ، لله درهم وعليه أجرهم؟
وتأمل معي نموذجا لواحد نحسبه منهم ،فيما يحكيه ابن القيم عن حال شيخه ابن تيمية :
" وعلم الله ، ما رأيت أحداً أطيب عيشاً منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية والنعيم بل ضدها، ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاً، وأشرحهم صدراً، وأقواهم قلباً، وأسرهم نفساً، تلوح نضرة النعيم على وجهه ، وكنا إذا اشتد بنا الخوف ، وساءت منا الظنون ، وضاقت بنا الأرض أتيناه، فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه ، فيذهب ذلك كله ، وينقلب انشراحاً وقوة ، ويقيناً وطمأنينة "
[الوابل الصيب ص 48]