ثروة العرب الحقيقية
الثروة الحقيقيَّة في أي مجتَمَع منَ المجتمعات تكمن بالدرجة الأولى في ثروته البشرية الكمية والنوعية، الواعية منها والهادفة، والمؤهلة، والمتخصِّصة، والمخلصة لعملها، والمنظمة كجسد واحد...
- التصنيفات: مجتمع وإصلاح -
يشير ابن خلدون في مقدمته إلى أنَّ ثروة شعب ما هي بسكانه المُحِبّين للعمل، المُجيدينَ له، المبدعين فيه، وما أجمل ذلك المثل الصيني الذي يقول: "لا تطعم الفقير سمكة؛ بل علِّمْه صَيدَ السَّمَك".
فالواقع إنَّ الثروة الحقيقيَّة في أي مجتَمَع منَ المجتمعات تكمن بالدرجة الأولى في ثروته البشرية الكمية والنوعية، الواعية منها والهادفة، والمؤهلة، والمتخصِّصة، والمخلصة لعملها، والمنظمة كجسد واحد، ومتى توافرت هذه الصفات في الثروة البشريَّة سهل عليها تحويل التراب إلى ذهب، فكلنا يرى كيف استطاع الشعب الياباني التي تمثل الجبال 80 % من مساحة بلده في سيادة اقتصاديَّات العالم.
وإننِي لأرَى أن نُعطِي الأولويَّة الكبرى إلى تربية الأجيال الجديدة كموارد بشرية متدفقة في عصر تسونامي العلوم والمعارف والمعلوماتيَّة والتِّقانات الذكيَّة؛ فأجيالنا تحتاج إلى عناية فائقة، وتربية ذكيَّة، وخلق الثقة بالنَّفس، والإيمان، والقدرة على الإبداع والاختراع، ورحم الله من قال: "لا تقصروا أولادكم على طبائعكم، فإنَّهم خُلقوا لزمان غير زمانكم".
فما نحتاجه هو حسن التَّعامُل مع عصر العولمة التقنية من مختبرات، وحواسب، ومواقع إنترنت، ومكتبات زاخرة بالكتب والمجلات والمترجمات، والمراجع الكثيرة، وإتقان لغة العصر، وكذلك يجب إتاحة الفرصة لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
إذًا لمعالجة الحالة العربية المؤلمة أرى أنَّنا نحتاج إلى ذلك المُرَبي الفاضل الذي يستطيع أن يؤهل الجيل الناشئ الغضَّ ليُبنى به أجيالٌ أفضل في مجتمع عربي فاضل.
وكنْتُ قد وجهتُ نداء إلى المواطن العربي سابقًا وسألته: هل قرأت تعريف المواطن العربي مرَّة في معاجم الغرب؟! هل حاولت أن تسأل مُوَاطنًا غربيًّا لعب الإعلام الصِّهيوني بعقله، وقلب فكره، وأطمس عينيه عن تلك الثَّروة البشريَّة؟!
فإليكَ تعريف العربي عندهم: العربي هو: المتسكِّع، المجرِم، العاطل عن العمل، القاتل، الكسول، وما يشبه هذه الكلمات مِن مُرادفات شَتَّى وصفات متنوعة.
وبصراحة أقول: إن وضع الثروة البشرية والكفاءات العربية هو وضع يدفع إلى التشاؤم من تحقيق أي نوع من النمو الاقتصاديِّ أو حتى تغيير بسيط في نوعيَّةِ وتركيبة العقلِ البشري العربي؛ لذلك نلاحظ انتشارَ البطالة وهجرة الكفاءات العربية وضعفَ الحافز المادي، وكل ذلك يقابله ارتفاع في مستويات المعيشة.. ونخلص إلى أمر لا مَفَرَّ منه، وواقع مفروض علينا للاهتمام برأس المال البشري فهو مصدر كل قوة، وتأهيله وتدريبه على استخدام التكنولوجيا المتطوِّرة وإرشاده بعد تربيته على استخدام عقله المنفتح بالشكل السليم مما سيعود بالخير والبركة على الأمة الإسلامية والعربية جمعاء.
______________________________________________________
الكاتب: جابر شعيب الإسماعيل