وقت إخراج زكاة الفطر
"الوقت الواجب - الوقت المستحب - الوقت الجائز"
- التصنيفات: فقه الزكاة - ملفات شهر رمضان -
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:
فإن وقت إخراج زكاة الفطر ينقسم ثلاثة أقسام:
أولًا: الوقت الواجب:
القول الراجح أن وقت وجوب زكاة الفطر هو غروب شمس آخر يوم من رمضان؛ لأن الشارع أضاف الصدقة إلى الفطر، والإضافة تقتضي الاختصاص؛ أي الصدقة المختصة بالفطر، وأول فطر يقع عن جميع رمضان هو بغروب شمس آخر يوم من رمضان.
وهذا يقتضي أن من مات بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان تُخرَج عنه صدقة الفطر؛ لأنه كان موجودًا وقت وجوبها.
وكذلك من وُلِد بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان لا تُخرج عنه صدقة الفطر؛ لأنه كان جنينًا في بطن أمه وقت وجوبها.
وكذلك من أسلم بعد غروب الشمس من آخر يوم من رمضان لا تُخرج عنه الصدقة؛ لأنه وقت وجوبها لم يكن أهلًا لوجوبها.
ثانيًا: الوقت المستحب:
الوقت المستحب لإخراج زكاة الفطر: هو يوم العيد قبل أداء الصلاة، وهذا هو عمل النبي صلى الله عليه وسلم وأكثر السلف؛ لحديث ابن عمر: ((وأمَرَ بها أن تُؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة))؛ (رواه البخاري ومسلم).
ثالثًا: الوقت الجائز:
الوقت الجائز لإخراج زكاة الفطر: هو قبل العيد بيوم أو يومين أو ثلاثة؛ فقد كان السلف رضي الله تعالى عنهم يُخرِجون زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين؛ كما ثبت عن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ((إنه كان يعطيها الذين يقبلونها، وكانوا يُعطُون قبل الفطر بيوم أو يومين))؛ (رواه البخاري).
فكان ابن عمر يؤديها قبل ذلك باليوم واليومين.
وهذا كالإجماع منهم على جواز تقديم إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين؛ لأن تعجيلَها بهذا القَدْرِ لا يُخِلُّ بالمقصود منها؛ فإن الظاهر أنها تبقى أو بعضها إلى يوم العيد، فيُستغنى بها عن الطلب فيه.
قال مالك رحمه الله: "أخبرني نافع أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تُجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة"؛ أ.هـ.
وقال ابن قدامة رحمه الله: "وهذا إشارة إلى جميعهم فيكون إجماعًا، ولأن تعجيلها بهذا القدر لا يُخِلُّ بالمقصود منها"؛ أ.هـ.
وأما القول بدفعها قبل هذا الوقت، فظاهره المخالفة للنصوص، وفيه بُعْدٌ ظاهر، وليس له سلف قائل به.
● ورجح هذا القول الشيخ ابن باز، وابن عثيمين، وابن جبرين، والفوزان، وغيرهم من المحققين.
● قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "يجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين؛ كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم يفعلون ذلك، وبذلك يكون أول وقتها الليلة الثامنة والعشرين من رمضان".
● وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله: "الصحيح أنها لا تُجزِئ إن قدَّمها قبل العيد بثلاث ليالٍ فأكثر؛ لإضافتها إلى الفطر، ولأن تقديمها بكثير لا يحصل به التوسعة على الفقير في يوم العيد، واغتُفِر التقديم بيوم أو يومين؛ لأن ما قرُب من الشيء أُعطِيَ حكمه".
● وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "يجوز إخراج زكاة الفطر قبل العيد بيومين فقط، وقبل اليومين لا يجوز"؛ أ.هـ.
● وقال الشيخ صالح الفوزان: "يجوز تقديم إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين؛ فقد روى البخاري رحمه الله ((أن الصحابة كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين))؛ فكان إجماعًا منهم".
● والخلاصة في هذه المسألة: أن وقت وجوب زكاة الفطر هو غروب شمس آخر يوم من رمضان على القول الراجح.
والوقت المستحب لإخراج زكاة الفطر: هو يوم العيد قبل أداء الصلاة.
والوقت الجائز لإخراج زكاة الفطر: هو قبل العيد بيوم أو يومين أو ثلاثة.
إن إخراج زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين أو ثلاثة جائز على القول الراجح؛ فقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم يفعلون ذلك من باب الرخصة؛ أي يُخرِجون زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين؛ لأن تعجيلها بهذا القدر لا يخل بالمقصود منها، فالغالب أنها تبقى كلها أو بعضها إلى يوم العيد، فيُستغنى بها عن الطلب فيه.
ولأنها شُرِعت للفطر من الصوم؛ فكان توقيتها بذلك أولى؛ لأن ما قرُب من الشيء أُعطِيَ حكمه، وبذلك يُعلَم أنه لا مانع من إخراجها في اليوم الثامن والعشرين، والتاسع والعشرين، والثلاثين، وليلة العيد، وصباح العيد قبل الصلاة.
وما دامت هذه الرخصة جاءت عن الصحابة رضي الله عنهم؛ فهم خير القرون، وعملهم متَّبع؛ فتكون هذه المسألة مستثناة من القاعدة التي تقول: (إن تقديم الشيء على سببه مُلغًى، وتقديم الشيء على شرطه باطل).
● وعليه؛ فلا يجوز إخراجها قبل العيد إلا بيوم أو يومين أو ثلاثة؛ لأنها شُرِعت للفطر من الصوم؛ فكان توقيتها بذلك أولى، ولأن هذا هو الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم؛ فالاتباع أولى من الرأي، ولم يثبُت عنهم أنهم أخرجوها قبل ذلك الوقت، وهذا ما عليه الفتوى من العلماء المحققين رحمهم الله، والعبرة بالدليل وليس بالخلاف بين العلماء في المسألة.
● أسأل الله عز وجل أن يكون هذا البيان شافيًا كافيًا في توضيح المراد، وأسأله سبحانه أن يرزقنا التوفيق والصواب في القول والعمل.
● وما كان من صواب فمن الله، وما كان من خطأ أو زَلَلٍ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله من بريئان، والله الموفَّق، وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.