ليس المؤمن باللعان
من وصايا الرسول ﷺ ألا نلعن أحدا، حتى نهى عن لعن الدواب؛ ليتعود المسلمين على حلاوة الألفاظ، وطيب الأقوال، وتجنُّب السخط، وبذاءة الكلام.
- التصنيفات: أخلاق إسلامية - وصايا نبوية -
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ فَلَعَنَتِ امْرَأَةٌ نَاقَتَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذُوا مَتَاعَكُمْ عَنْهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ»، قَالَ عِمْرَانُ: وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهَا"[1].
دروس وعبر:
قال النووي رحمه الله تعالى: إنما قال هذا زجرًا لها ولغيرها، وكان قد سبق نهيها ونهي غيرها عن اللعن، فعوقِبت بإرسال الناقة، والمراد النهي عن مصاحبته صلى الله عليه وسلم لتلك الناقة في الطريق، وأما بيعها وذبحها وركوبُها في غير مصاحبته صلى الله عليه وسلم من التصرفات التي كانت جائزة قبل هذا، فهي باقية على الجواز؛ لأن الشرع إما ورد بالنهي عن المصاحبة، فبقي الباقي كما كان؛ اهـ بتصرف[2].
فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لعن الدواب؛ ليتعود المسلمين على حلاوة الألفاظ، وطيب الأقوال، وتجنُّب السخط، وبذاءة الكلام، وكان هذا هو حال السلف رحمة الله عليهم؛ يقول عمرو بن مالك: سمعت أبا الجوزاء يقول: ما لعنت شيئًا قط، ولا أكلت شيئًا ملعونًا قط، ولا آذيت أحدًا قط[3].
قال مكي بن إبراهيم: كنا عند ابن عون، فذكروا بلال بن أبي بردة، فجعلوا يلعنونه ويقعون فيه، وابن عون ساكت، فقالوا: يا بن عون، إنما نذكره بما ارتكب فيك، فقال: إنما هما كلمتان تخرجان من صحيفتي يوم القيامة: لا إله إلا الله، ولعن الله فلانًا، فلأن يخرج من صحيفتي: لا إله إلا الله، أحب إليَّ من أن يخرج منها: لعن الله فلانًا.
من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم:
عن جرموزٍ بن أوس الهجيمي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أوصني، قال: «أوصيك ألا تكون لعانًا» [4].
ويُعلنها النبي صلى الله عليه وسلم مدوية لتستقر في أذن كل صغير وكبير، فيقول: «لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضبه، ولا بالنار» [5].
[1] «مسند أحمد» (33/ 104 ط الرسالة): «وأخرجه ابن أبي شيبة 8 /673، ومسلم (2595) (80)، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (374)، والطبراني في "الكبير" 18/ (452)».
[2] رياض الصالحين" (ص590).
[3] (سير أعلام النبلاء: 4/ 371).
[4] (صحيح الجامع: 2542)، (الصحيحة: 1729).
[5] (رواه الترمذي وأبو داود عن سمرة بن جندب رضي الله عنه، وهو في صحيح الجامع: 7443).
_____________________________________________________
الكاتب: السيد مراد سلامة