حديث: إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر

عبد القادر بن شيبة الحمد

"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تَزِيغ الشمس أخَّر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمَع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحِل صلَّى الظهر ثم ركِب"؛

  • التصنيفات: فقه الصلاة -

عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تَزِيغ الشمس أخَّر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمَع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحِل صلَّى الظهر ثم ركِب"؛ (متفق عليه) .

 

وفي رواية الحاكم في الأربعين بإسناد الصحيح: "صلى الظهر والعصر ثم ركب".

 

ولأبي نعيم في مستخرج مسلم: "كان إذا كان في سفر فزالت الشمس، صلى الظهر والعصر جميعًا ثم ارتحل".

 

المفردات:

    • ارتحل؛ أي: ركِب وتحرَّك رَكْبه مسافرًا، يقال: ارتحل القوم عن المكان؛ أي: انتقلوا، وارتحل البعير إذا سار ومضى.


    • قبل أن تزيغ الشمس؛ أي: قبل الزوال، وأصل الزيغ الميل عن الاستقامة، وزوال الشمس مَيلها عن كَبِد السماء.


    • أخَّر الظهر؛ أي: لم يُصلِّه في وقته المعلوم الموقوت.


    • إلى وقت العصر؛ أي: الوقت المعلوم الموقوت لصلاة العصر.


    • فجمع بينهما؛ أي: فصلى الظهر ركعتين، ثم صلى العصر ركعتين؛ أي بعد الأذان الواحد لهما والإقامة لكل منهما.


    • زاغت الشمس؛ أي: زالت الشمس.


    • صلى الظهر؛ أي: وحدَه.


    • ثم ركِب؛ أي: ارتحل.


    • وفي رواية الحاكم؛ أي: مِن حديث أنس.


    • في الأربعين؛ أي: في كتاب الأربعين للحاكم.


    • بإسناد الصحيح: في نسخة بإسناد صحيح، والتي هنا تشعر بأنه بإسناد مسلم، وهو كذلك، بل إسناد الشيخينِ جميعًا، غير أنه ليس فيهما (والعصر).


    • في مستخرج مسلم؛ أي: في مستخرجه على مسلم؛ يعني من حديث أنس رضي الله عنه.

     

    البحث:

    قوله في حديث الصحيحين: "فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب" - مُشعرٌ بأنه كان يصلي الظهر وحدَها دون أن يجمع معها صلاة العصر، ولا شك في صحة الأحاديث التي أثبتت جمع التأخير بين الظهر والعصر، أما الجمع بين الظهر والعصر جمع التقديم، فإن هذا الحديث مُشعرٌ بأنه لم يفعَلْه صلى الله عليه وسلم، غير أن ما أخرجه الحاكم في الأربعين وأبو نُعيم في مستخرجه على مسلم من حديث أنس، يُفيدُ أنه كان يجمع بين الظهر والعصر جمع التقديم إذا زالت الشمس قبل أن يرتحل.

     

    وسند الحاكم في الأربعين صحيح، فقد رواه عن أبي العباس محمد بن يعقوب عن محمد بن إسحاق الصغاني عن حسان بن عبدالله عن المفضل بن فضالة عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخَّر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر ثم ركِب.

     

    قال الحافظ في التلخيص: "وهو في الصحيحين من هذا الوجه بهذا السياق، وليس فيها (والعصر)، وهي زيادة غريبة صحيحة الإسناد، وقد صححه المنذري من هذا الوجه والعلائي وتعجب من الحاكم كونه لم يُورِده في المستدرك"؛ اهـ.

     

    وقد ثبت في البخاري من حديث ابن عمر، وفي مسلم من حديث جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بعرفة بين الظهر والعصر في وقت الظهر.

     

    وما ذكر عن أبي داود أنه ليس في جمع التقديم حديث قائم، يردُّه الحديث المتفق عليه في جمع الظهر والعصر بعرفة جمع تقديم، وليس هناك دليلٌ يُثبِت أن هذا خاصٌّ بمناسِك الحج.

     

    ما يفيده الحديث:

    1- جواز الجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم في وقت الظهر إذا زالت الشمس قبل أن يرتحل المسافر مِن محلِّ استراحته.

     

    2- جواز الجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير في وقت العصر إذا ارتحل المسافر قبل زوال الشمس.

     

    3- أن الجمع خاصٌّ بمَن جدَّ به السير، فلا يجمع في منًى يوم الثامن من ذي الحجة ولا أيام التشريق بها.